خبراء: المشاريع والأبراج في الإمارات عدوّة للبيئة أكدوا أهمية مفهوم المباني الخضراء... وتطبيقه بين 5 و7 سنوات
يوجد في الولايات المتحدة الأميركية أكبر عدد من المباني الخضراء في العالم، ومع ذلك يقول المدير التنفيذي لمؤسسة «فورنادو» ستيفن روث، ثاني أكبر مستثمر عقاري أميركي، «إذا لم نسرع الخطى في هذا المجال فإننا سنصبح في مأزق، بسبب تفاقم معدلات التلوث وانبعاث الغازات الدفيئة، ونقص إمدادات الطاقة».
يرى الخبير والمحكّم العقاري عماد الجمل أن هذه الشركات لن تلتزم بأي شيء يزيد من تكاليف مشاريعها، فيما عدا المطورين الأقوياء الذين قد يتجهون إلى هذا النوع من المباني لامتلاكهم السيولة القادرة على تغطية الإنفاق.ويحدد الجمل مجموعة عوامل ضرورية لتطبيق المفهوم في المباني الحديثة، منها السيولة الكبيرة المطلوبة، ونشر ثقافة المباني الخضراء، وتوعية المطورين والمشترين بأهميتها، واعداد وتأهيل المستشارين العقاريين، واستقدام التكنولوجيا المطلوبة، وايجاد كفاءات قادرة على استخدام هذه التقنيات في التشييد. ويرى الجمل أن هذه شروط ضرورية لإنجاح مفهوم المباني الخضراء، الذي سيحتاح ما بين 5 إلى 7 سنوات لينتشر في السوق العقاري، وعلى الحكومة أو الجهات المعنية أن تخلق تصنيفا للمطورين العقاريين الذين سيطبقون فيما بعد مفاهيم هذا النظام. المباني الخضراء، هي نوع من البناء يهدف في تصميمه إلى استهلاك كميات أقل من الطاقة والمياه، عن طريق استخدام المواد التي يتم تدويرها، ويتم الاعتماد بالأساس على الإضاءة الطبيعية والتهوية الجيدة، والتقليل إلى حد كبير من الدهانات والمواد اللاصقة السامة المضرة بالبيئة والإنسان والخطيرة على الاقتصاد.ويحدد رئيس مجلس الإمارات للمباني الخضراء والصديقة للبيئة محسن أبو النجا ما تستهلكه المباني السكنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يقول إنها تستهلك 6 أضعاف الطاقة التي تستهلكها المباني التقليدية.المحاذير البيئيةولا يخفي أبو النجا أن الطفرة الإنشائية في منطقة الخليج تجاهلت بشكل أو بآخر المحاذير البيئية، ويطالب بالمزيد من الاهتمام الذي يجب أن يصب باتجاه وضع أسس للإنشاءات المستدامة، التي تؤدي بدورها إلى التقليل من التكاليف التشغيلية.ويقول «إن المباني تقوم باستهلاك أكثر من %40 من مجمل كمية الطاقة المستخدمة في المنطقة، وأكثر من %50 من المخلفات، خصوصاً أن هذه المباني تستهلك الطاقة في عمليات التبريد والتدفئة والإضاءة، وتنبعث من أجهزة التدفئة الخاصة بها مخلفات غاز أول أكسيد الكربون». وأخذ المجلس الذي يقوده أبو النجا على عاتقه مهمة وضع الأدلة الإرشادية الخاصة بتطوير وتنمية المباني الخضراء والصديقة للبيئة في الدولة.لكن السؤال هو: هل ستطبق تلك الأدلة ويتعاون المشيدون العقاريون في الدولة؟ وفي الإجابة عنه يقول رئيس شركة «تعمير القابضة» الإماراتية عمر عايش «هناك أبراج ندرس تطبيق معايير المباني الخضراء عليها حالياً، وإذا أثبتت الدراسات أنها ستزيد من نسبة المبيعات وتأكدنا من فعاليتها البيئية ومنافعها للمستخدمين النهائيين، سنطبق تلك المعايير، ونعممها على كل مشاريعنا، حتى لو كانت فيها تكاليف إضافية، لكننا لم نتوصل بعد إلى نتيجة لتلك الدراسات».وحسب ما ورد في تقرير «ماك غرو هيل سمارت ماركت»، فإن تكلفة تشغيل المباني الخضراء الصديقة للبيئة تقل بنسبة %8 إلى 9%، مقارنة بالمباني التقليدية، وتزيد من قيمة المبنى بنسبة 7.5%.وكانت صحيفة «واشنطن بوست» كشفت منذ شهرين تقريباً عن ارتفاع القيمة الكلية للعقارات الصديقة البيئة بنسبة 50% خلال السنوات الخمس الماضية، وبلغت نحو 15 مليار دولار أميركي خلال عام 2006، بنسبة تبلغ 6% من إجمالي سوق العقارات الأميركي.تنافس شديد وبدت هذه الأرقام والإحصائيات مغرية عندما سمعها رئيس تعمير وقال معقباً عليها «إن أي شركة عقارية ستتجه -لو كانت هذه الإحصائيات سليمة- إلى تطبيق مفهوم نظام المباني الخضراء في مشاريعها». كما أن أسعار المباني الخضراء، بدأت بالانخفاض تدريجياً في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب التنافس الشديد بين الشركات العاملة في هذا المجال على تقديم خدماتها بجودة عالية وأسعار تنافسية. ويتوقع مطورون وخبراء أن الحكومة الإماراتية ستتجه قريبا إلى إلزام المطورين العقاريين تدريجيا بتطبيق مفاهيم المباني الخضراء.