خيوط الإرهاب الدولي وشبكاته!

نشر في 19-07-2007
آخر تحديث 19-07-2007 | 00:00
 د.عبدالحسين شعبان

يمكن القول إن الإرهابيين والمتطرفين هم من قماشة واحدة، وإنْ اختلفت ألوانهم وأديانهم ولغاتهم وجنسياتهم وأوطانهم، وسواءً كانوا مسلمين أم مسيحيين أم يهوداً، أفراداً أو شبكات إرهابية أو شركات أمنية ومرتزقة وقوات حكومية أو دولية، ولكن كلّ يمارس الإرهاب على طريقته ولمصلحته وأهدافه، خصوصاً بترويع السكان المدنيين الأبرياء.

هل باتت خيوط الإرهاب الدولي متشابكة إلى الحد الذي لا يمكن فكّ عُقدها؟ فالألغام والتفجيرات التي تضرب في كل مكان وفي توقيتات واحدة تقريباً، من آسيا إلى أفريقيا إلى أوروبا ليس لها وطن ولا جنسية ولا قومية ولا دين ولا لغة، لكنها تحمل ماركة «القاعدة» المسجّلة، والتي في ظل العولمة تكاد تحتكر السوق!

في الأسابيع القليلة الماضية، كانت تحديّات الإرهاب شديدة وحلقاته وثيقة، ففي إسلام آباد اعتصم جماعة من الإسلاميين المتطرفين في لال المسجد (الباكستاني) أي «المسجد الأحمر» التي يقودها الشيخ عبد الرشيد غازي، واصطدموا مع الشرطة التي طوّقت المسجد واقتحمته وقُتل العشرات.

وفي وقت مقارب حدثت انفجارات الجزائر التي استهدفت مبنى حكوميا رئيسيا، وكان هذا البلد عانى لنحو عشر سنوات الارهاب والتطرف والعنف، لكنه تمكّن من تطويق ذلك متخذاً خطوات إيجابية على طريق الاستقرار. انفجارات هذا العام والعام الماضي نُسبت الى تنظيم «القاعدة في بلدان المغرب العربي». وقد اضطرت المملكة المغربية إلى تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي بسبب معلومات وصلتها حول استعداد الإرهابيين للقيام بعمل إرهابي كبير.

وفي اليمن قُتل 7 سائحين أجانب (إسبان) في عمل إرهابي، بعد انتهاء أزمة الحوثي مع الحكومة التي ساهمت وساطة قطرية في إيجاد تسوية لها.

وكانت أزمة «مخيم نهر البارد» في شمال لبنان، قد أبرزت اسم شاكر العبسي قائد «فتح الإسلام»، الذي ظل يتردد كأحد المحترفين «الإسلاميين» المتطرفين، وزاد اصطدام الجيش اللبناني بهم من عمق الأزمة اللبنانية، خصوصاً منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وارتفاع منسوب الاغتيالات والتفجيرات.

في تلك الأجواء ضجّت وسائل الاعلام العالمية بكشف محاولة إرهابية نُسبت إلى إسلاميين وعرب متطرفين بينهم أطباء في بريطانيا (لندن) ثم حدثت تفجيرات مطار غلاسكو عشية الذكرى الأولى لتفجيرات الانفاق في لندن (7/يوليو /2006).

كل ذلك يجري والإرهاب في العراق ضرب أطناناً بعيدة المدى، منفلتاً من عقاله على نحو يكاد يعصف بوحدة البلاد ويضعها في طريق اللاعودة، خصوصاً في ظل الاحتراب والتطهير المذهبي والإثني، ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. كما يستمر ويتصاعد العنف والإرهاب والتطرف في أفغانستان، في حين يتواصل الإرهاب الصهيوني المعتّق في فلسطين، متخّذا ذريعة منذ الاقتتال الفلسطيني- الفلسطيني، خصوصاً بعد انقلاب «حماس» في قطاع غزة وسيطرة فتح على الضفة الغربية وتشكيل حكومة طوارئ فيها، بحيث أصبحنا أمام حكومتين ونظامين يفصلهما جدار سميك لعله أسمك من جدار الفصل العنصري الذي أدانت إنشاءه محكمة العدل الدولية.

هل ساهمت محطة 11 سبتمبر الإرهابية الإجرامية، التي انطلقت بعدها الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب الدولي في استنساخ «نموذج» الإرهاب أو تعميمه في ظل العولمة؟ فقد استخدم اسم الدين باعتباره أحد مكوّنات تلك « التقليعة» من آسيا وأفريقيا وصولاً إلى أوروبا، بحيث يختلط الإرهاب والعنف الأعمى بالمقاومة المشروعة.

يمكن القول إن الإرهابيين والمتطرفين هم من قماشة واحدة، وإنْ اختلفت ألوانهم وأديانهم ولغاتهم وجنسياتهم وأوطانهم، وسواءً كانوا مسلمين أم مسيحيين أم يهوداً، أفراداً أو شبكات إرهابية أو شركات أمنية ومرتزقة وقوات حكومية أو دولية، ولكن كلّ يمارس الإرهاب على طريقته ولمصلحته وأهدافه، خصوصاً بترويع السكان المدنيين الأبرياء.

الإرهابيون والمتطرفون أعداء الاعتدال والوسطية والتسامح الديني والتعايش الانساني والتفاعل الحضاري والتواصل الثقافي، وهم دعاة استئصال وإلغاء وإقصاء، فهل أصبح الإسلام سلعة يتم المتاجرة بها ووسيلة تضليل يتم بواسطتها اصطياد بعض الشباب وزجهم في العمليات الإرهابية؟

وكيف السبيل لرد الإعتبار الى قيم الإسلام وتعاليمه السمحاء، التي يتم تشويهها تارة من جانب الإسلامويين الذين يوظفون الإسلام بالضد من تعاليمه وقيمه الإنسانية، سواء بإصدار فتاوى أو عبر التأثيم والتحريم والتجريم ومواقف التكفير ضد كل فكر حر، وهو نطلق عليه «الإسلاملوجيا»، وتارة من جانب بعض القوى والدوائر الغربية المتنفذة باسم «الإرهاب» من الإسلام، وهو ما ندعوه بالإسلامفوبيا!؟

هل نفع الحل العسكري الأميركي في اجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه أم إن التيار الإرهابي المتطرف آخذ في الانتشار؟! الأمر الذي يتطلب إعادة النظر والتفكير بجوهر إشكالية الإرهاب محلياً ودولياً وبخاصة أسبابه وجذوره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية!

وعلى صعيد العالمين العربي والاسلامي، فإن معالجة مشكلات الفقر والأمية والتخلّف وتقليص الفوارق والتوزيع العادل للثروة يسهم في تطويق ظاهرة الإرهاب، ولا شك أن إطلاق بعض المبادرات بما فيها تفعيل دور النخب الفكرية والثقافية وإصلاح الأنظمة القانونية والتعليمية والدينية، وتحقيق المساواة والمواطنة الكاملة وتعزيز دور المجتمع المدني كفيل بمحاصرة الإرهاب وتفكيك شبكاته وتقطيع خيوطه!

 

كاتب ومفكر عربي

back to top