أوروبا تختار معاهدة بدلاً من الدستور

نشر في 24-06-2007 | 00:05
آخر تحديث 24-06-2007 | 00:05
No Image Caption
تبنت القمة الأوروبية حلاً وسطاً هبط بمشروع الدستور إلى مصاف المعاهدة تفادياً للقطيعة داخل الاتحاد.
حطَّت صيغة التوافق على قاعدة لا غالب ولا مغلوب في قلب الاتحاد الأوروبي، لتشكّل مخرجاً من أزمة مشروع الدستور الموحد، الذي سقط على وقع الاختلافات والتناقضات في شأن أهداف الاتحاد ومضامينه، لتحلّ مكانه معاهدة من شأنها أن تنقذ صورة الوحدة الأوروبية في الشكل، لكنها تنذر في بالحدّ من حماسة مسيرة الاندماج الأوروبي.

فقد تبنَّت القمة الأوروبية، التي عقدت مدة ثلاثة أيام واختتمت أمس في بروكسل، حلاً وسطاً هبط بمشروع الدستور إلى مصاف المعاهدة، في صيغة هدفت إلى تفادي القطيعة داخل الاتحاد، خصوصاً في ظل الاعتراضات البولندية على نظام التصويت والتحفظات البريطانية عن الميثاق الأساسي لحقوق الإنسان.

وتوصلت الدول السبع والعشرون الأعضاء في الاتحاد، بعد مناقشات مضنية، إلى اتفاق حول المعاهدة التي ستدخل حيز التنفيذ منتصف العام 2009.

وفي حين كان الدستور سيحلّ مكان كل المعاهدات من خلال نص واحد، فإن المعاهدة الجديدة ستعدِّل المعاهدتين التأسيسيتين (معاهدة روما حول المجموعة الأوروبية عام 1957ومعاهدة ماستريخت حول الاتحاد الأوروبي عام 1992)، كما سبق أن فعلت معاهدتا امستردام (1996) ونيس (2000).

ولن تتضمن المعاهدة تعابير يمكن أن تشبه الاتحاد الأوروبي بدولة اتحادية مثل «دستور» أو أي رموز مثل العلم أو النشيد أو العملة مع أن هذه الأمور ستبقى.

ولن يكون هناك وزير للخارجية بل «ممثل أعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية والأمنية» يتمتع بالصلاحيات نفسها، ويكون كذلك نائباً لرئيس المفوضية الأوروبية ينسق التحرك الخارجي للاتحاد.

من ناحية أخرى، لن يدرج ميثاق الحقوق الأساسية (54 بنداً حول الحقوق السياسية والاجتماعية للأوروبيين) بالكامل في المعاهدة، بل سيشار إليه ببند

واحد مع الإبقاء على طابعه القانوني الملزم، على أن تستثنى بريطانيا من التزام تطبيقه.

وتبقي المعاهدة على نظام التصويت المدرج في الدستور، الذي ينص على اتخاذ القرارات بأغلبية 55% من الدول الأعضاء، على أن تمثل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي، لكن لضمان دعم بولندا، حصلت عدة تنازلات، إذ لن يتمّ تطبيق هذا النظام قبل عام 2014 بدلاً من عام 2009، بينما يمكن لأي دولة عضو أن تطلب، حتى عام 2017، تطبيق النظام السابق الوارد في معاهدة نيس. وجرى توسيع نطاق القرارات التي تتخذ بالأغلبية الموصوفة وبالاتفاق مع البرلمان الأوروبي، إلى نحو40 مجالاً جديداً، ولا سيما في مجال الشرطة والتعاون القضائي.

وحصل البريطانيون والايرلنديون على الحق في عدم تطبيق القرارات المتخذة في هذه المجالات، لكن اتخاذ القرارات بالإجماع يبقى القاعدة على صعيد السياسة الخارجية والضرائب والسياسة الاجتماعية وموارد الاتحاد الأوروبي ومراجعة المعاهدات.

واعتباراً من عام 2009، سيجري انتخاب رئيس للقمة الأوروبية (تضم قادة الدول الأوروبية) من قبل نظرائه لولاية من سنتين ونصف السنة بدلاً من الرئاسة الدورية نصف السنوية بين الدول.

وستضمّ المفوضية الأوروبية، اعتباراً من عام 2014، مفوضين يشكِّل عددهم نسبة الثلثين من عدد الدول الأعضاء في حين أن لكل دولة عضواً حالياً مفوضاً. وستتمثل الدول عندها على «أساس المداورة».

وحصلت هولندا على مطلب تعزيز سلطات البرلمانات الوطنية التي يمكنها أن تطلب من المفوضية الأوروبية، اعتباراً من عتبة معينة، إعادة النظر باقتراح إذا اعتبرت أنه يتعدى على الصلاحيات الوطنية. وفي حال لم توافق المفوضية الأوروبية، يمكن للبرلمانات الوطنية الطلب من الدول الاعضاء تعطيل الاقتراح. كما أضيفت، بطلب من هولندا، إشارة إلى معايير انضمام أعضاء جدد إلى الاتحاد الأوروبي.

إلى ذلك، أدخلت عدة إضافات مثل الإشارة إلى التضامن في مجال الطاقة في حال حصول مشكلة في الإمدادات، وهي مسألة أصرّ عليها الليتوانيون والبولنديون القلقون من اعتمادهم الكبير على المحروقات الروسية.

وأضيف كذلك بروتوكول ينصّ على أن السوق الداخلي يتطلب «نظاماً حيث لا تكون المنافسة محرفة»، بهدف تعويض حذف جملة تقول إن «الاتحاد الاوروبي يوفر لمواطنيه سوقاً داخلياً حيث المنافسة حرة وغير محرفة»، والتي وردت في بند حول أهداف الاتحاد الأوروبي، وهي جملة أثارت انتقادات كثيرة من فرنسا خلال الاستفتاء على الدستور عام 2005.

back to top