دقة

نشر في 08-08-2007
آخر تحديث 08-08-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

إلغاء المكاتب الإعلامية الخارجية بيّن لنا كيف تدار الدولة، فهناك مختصون لم يحترم جهدهم الذي بذلوه باحثو مستقبل القطاع وموظفيه في لجنة مشتركة بين وزارتي الخارجية والإعلام.

ألغى مجلس الوزراء مطلع الأسبوع الجاري مكاتب الإعلام الخارجية، واستعاض عنها بأسابيع ثقافية تؤدي الدور نفسه وتكلف خُمس المبلغ، مما يضيف فشلاً جديداً للسياسة الكويتية، ويسجل اعترافاً ضمنياً بأن ملايين الإعلام ذهبت هباء منثوراً.

فبحسبة سريعة، وفقا لوزير الإعلام عبدالله المحيلبي، كلف قطاع الإعلام الخارجي الدولة منذ تأسيسه قبل سبعة عشر عاماً ما يزيد على الـ100 مليون دينار كويتي، بناء على أن تكلفة القطاع السنوية ستة ملايين، صُرفت على نحو خاطئ، وطبعاً من دون محاسبة المسؤول عن سوء إدارتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن القرار ساوى بين من أساء الى الكويت قبل نفسه، ومن ردم حفراً وأسس لعلاقات طيبة مع حلفاء.

منذ الغزو العراقي، تغيرت خريطة التحالفات في العالم، لكنها بقيت ثابتة في وزارة الإعلام، فمذذاك ونحن نرى مسؤوليها يستقبلون ويزورون المؤسسات الإعلامية ذاتها ورموزها أنفسهم، ونقرأ عن «الحق الكويتي» بالأقلام والمطبوعات نفسها، لكن ما إن يُنكأ جرح عربي من هنا أو هناك، إلا أصبحت الكويت «شوكة في الخاصرة العربية»، فننعزل وتبدأ الحكاية من جديد.

في حالة الإعلام الخارجي، عاش مجلس الوزراء أزمة قرار، فقد تبنى دمج هذا القطاع مع وكالة الأنباء الكويتية في مشروع إعادة هيكلة قطاعات الإعلام الذي قدمه الدكتور أنس الرشيد، فعاد عن قراره «كرما لعيون» السنعوسي، ورجع عن عودته بعهد بدر الحميدي، ثم أخيراً ألغي القطاع بوجود المحيلبي.

إلغاء المكاتب الإعلامية الخارجية بيّن لنا كيف تدار الدولة، فهناك مختصون لم يحترم جهدهم الذي بذلوه باحثو مستقبل القطاع وموظفيه في لجنة مشتركة بين وزارتي الخارجية والإعلام، وكذلك التزامات مالية ستترتب على المكاتب الملغاة أمام إدارييها وملاك مبانيها، كل هذا حسمه مجلس الوزراء بجلسة واحدة وألغاه بجرة قلم.

لكن، أبرز مزايا إلغاء مكاتب الإعلام الخارجي كان كشفه طبيعة القرار وآلية اتخاذه في الكويت، وتأكيده أن مسألة الوثوق بقرارات مجلس الوزراء تحتاج إلى إعادة نظر، فنحن لن ننسى أنه في غضون عامين أصدر أربعة قرارات متضاربة في مسألة واحدة، مؤكدا إحساسي أن القرار بكل تفاصيله شكله كالعادة... «دقة»!

back to top