الغيرة الشديدة تهدّد السعادة الزوجية
جميل أن يُظهر كلا الطرفين مشاعر الحب تجاه الآخر وطبيعي أن يُبدي الزوجان مشاعر الغيرة, بل قد يسعد الزوج أو الزوجة عندما يشعر أن نصفه الآخر يغار عليه لأنه أحد دلائل الحب. لكن المهم أن تكون تلك الغيرة محمودة ولا تحوِّل الحياة إلى جحيم في حال زادت عن معدلها الطبيعي وانقلبت إلى شك. في هذه الحال قد ينهار كيان الأسرة خصوصاً أن ما بين الشك والغيرة خيطاً رفيعاً. «الجريدة» استطلعت آراء أزواج وزوجات مصريين حول هذا الموضوع.
تقول سارة محمد (26عاماً): الغيرة والشك المبالغ فيهما وحب التملك والنرجسية كلها عوامل من الأفضل التحكم فيها وإلا ساهمت في تقويض العلاقة الزوجية. الغيرة المقبولة أي غير المبالغ فيها مطلوبة وهي طبيعية مادامت هناك عواطف جميلة بين الأزواج. الغيرة كما يقولون كالملح للطعام, قليله مطلوب وكثيره يفسد الطعام. لكي تجعل الزوجة الغيرة وسيلة لزيادة السعادة الزوجية, لا بد أن تكون لطيفة تعتمد التلميح أكثر من التصريح وبلهجة هي بين الجد والمزح ودون تجهم, بل بابتسامة دافئة وصوت هادئ يُشعر الزوج بحرصها عليه وحبها له. من جهته يقول أحمد دسوقي (34عاماً متزوج): تشكل الغيرة مشكلة بالنسبة إلى الكثير من الأزواج من بينهم أنا. زوجتي شديدة الغيرة علي، أحيانا أتصور أنها لا تثق بي وتتهمني بالحديث عن الأخريات في شكل مبالغ لمجرد أن أذكر اسم أي فتاة نعرفها. لا أنكر أنني كنت في البداية أشعر بالسعادة لأن الغيرة دليل الحب، لكنها أصبحت الآن تُشكل جزءاً كبيراً في حياتنا وفي حديثنا على حساب مناقشاتنا حول عملي. لا أدري ماذا أفعل. أصبحت الغيرة محور مشاكل حياتي الزوجية. أما محمد إبراهيم (36 عاماً) فيقول: أنا غيور على زوجتي، لكنني أرى أنها غيرة عادية بينما تراها هي شديدة وتتذمر منها. أنا أعتبر هذه الغيرة حباً واحتراماً لها, لذا لا أقبل أن تنخرط في عمل مختلط ولا أرضى أن تذهب بمفردها إلى التسوق أو إلى أي مكان آخر. أما قضية عدم سماحي لها بزيارة أهلها فهذا مرده إلى حاجتي إليها وحاجة بيتها, لا يُفسر ذلك أنه غيرة شديدة فلو كنت لا أحبها لأسعدني ذهابها إلى أهلها أسابيع وخروجها من البيت كل ليلة. غيرتي عليها دليل حبي لها، ليس إلا. تختلف نهى إسماعيل (30 عاماً متزوجة) عنه في الرأي تقول: أنا لا أغار كثيراً على زوجي رغم أن عمله يجمعه بالعديد من النساء. لكن هذا ليس معناه أنني لا أحبه أو لا أحترمه, بل هناك ما يُسمى بالثقة. أنا أثق فيه أكثر من نفسي. حري بالمرأة التي تشعر أن زوجها ينظر إلى غيرها أن تعمل لجذب انتباهه إليها مجدداً بدل إفتعال المشاكل. عليها أن تتذكر دائماً أنه اختارها هي ولم يختر غيرها من النساء اللواتي يحطن به. سوء الاختيار ماجدة محمود (33عاماً متزوجة), تقول: من يزرع بذور الشك يجني ثمار الشك. قد تختلف الغيرة من شخص إلى آخر وفق شخصيته وصفاته النفسية وأسلوب تربيته. لكن إذا تجاوزت الحدود المشروعة بين الزوجين تكون غير محمودة وتؤثر سلباً على الحياه الزوجية.رأي علم الإجتماع د. هناء الجوهري أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاهرة تعلق على هذه المسألة قائلة: أجمع علماء الاجتماع على أن الغيرة الزوجية لها أسباب عدة مثل الفروق الاجتماعية أو العمرية أو المادية أو العلمية بين الزوجين وكذلك عدم التكافؤ بينهما وسوء الاختيار منذ البداية. كل ذلك يهيىء المناخ المناسب لظهور الغيرة وإشعال فتيلها.تضيف: ما أشقى المرأة الغيور وما أتعس حياتها! فهي كثيرة الشكوك إلى درجة أنها إذا خرج زوجها أو تكلم في الهاتف أو حرر رسالة أو أطرق مفكراً, اعتقدت أن هناك امرأة أخرى في حياته. يجب أن يكون الزوج (الزوجة) عاقلاً ولا يدع الشك يسيطر عليه, فيعكر حياته ويهدد كيان أسرته نتيجة الظنون والوساوس الشيطانية. ينبغي أن تكون المرأة محامية عن زوجها تدافع عنه, لا موظف مخابرات تستقبله بالأسئلة لدى وصوله: أين كنت؟ ماذا فعلت؟ لماذا تأخرت؟ إلى غير ذلك مما يجعل الزواج جحيماً لا يطاق. ما أحسن الغيرة في حينها وما أقبحها في غير حينها. تفتك الغيرة الزائدة عن الحد الطبيعي بصاحبها كسائر الأمراض النفسية فيختل توازنه. كثيراً ما تكون مجرد أوهام لا أساس لها من الصحة.