الحل والحال: هوا بشبك

نشر في 03-03-2008
آخر تحديث 03-03-2008 | 00:00
 نادية علي الشراح

اتضح أن شبك الحكومة أوسع بكثير مما كنا نتوقع، يفوت «جمل»، ولم يكن الأول من مارس سوى كذبة الأول من أبريل بعد التمديد للقرار لمدة شهر، وقد يتحول إلى «تيش بريش».

قديماً، كانوا يطلقون على الإنسان الذي لا يلتزم تعهداته أو كلامه، بأن ما يقول مجرد «هوا بشبك»، والشبك لا يمسك الهواء ولا السوائل، ولا حتى بعض الكائنات أو المواد الصلبة إذا كان حجمها أصغر من فتحة عين الشبك أو الشباك. وكنا بكل أسى وعلى مضض، قد هبطنا بآمالنا وتوقعاتنا بعهود ووعود حكومتنا الرشيدة إلى ذلك المستوى المحزن، أي إلى القبول بأنها ليست أكثر من «هوا بشبك».

وفي الوقت الذي كنا نراهن فيه على أن بعض الأجسام الصلبة الكبيرة لن تمر من الشبك، رأينا ما حدث خلال الأسبوع الماضي. فبعد أن تم إعداد عدة الإزالة للانتشار السرطاني في التعدي على أملاك الدولة في المناطق السكنية كمرحلة أولى، وبعد تصريحات صلبة من قبل الحكومة بأن الخيار المتاح للمتعدين، هو الإزالة، إما بيدهم، وإما بيد عمر، أي بيد حكومتنا الرشيدة، بتنا نحسب الأيام حتى التاريخ الموعود في 1 مارس، لكي نعيد بعض الثقة في أن ثقوب شباكها بدأت تضيق، وستمسك التعديات الكبيرة منها بعد الصغيرة. وقبل أن نحتفل على وقع غبار الجرافات لمَن أرادها «بيد عمر»، اتضح أن شبك الحكومة أوسع بكثير مما كنا نتوقع، يفوت «جمل»، ولم يكن الأول من مارس سوى كذبة الأول من أبريل بعد التمديد للقرار لمدة شهر، وقد يتحول إلى «تيش بريش».

الغريب أننا نعرف أعضاء في الحكومة ونحترمهم، ونعرف أن تبعات قرارهم بوقف تنفيذ الإزالة جسيمة، وأكبر بكثير مما لو لم يتخذوا قرارهم ويتراجعوا عنه. فالذي في الشبك، 15 نائباً ووزيراً، أقسموا على احترام الدستور وقوانين الدولة، والتسامح مع تجاوزاتهم على الدستور وقوانين الدولة، هي بمنزلة دعوة من الحكومة للجميع لكي يحذوا حذوهم. حينها هل يجرؤ أحد أو أي جهة حكومية على إيقاف أي أحد من التجاوز؟ وهل يمكن لسلطة قضائية أن تصدر أحكاماً في تجاوزات أقل من أي نوع ومن بشر عاديين؟؟

أليس ذلك يا حكومتنا الرشيدة دعوة إلى العودة إلى حكم الغاب، حيث لا حدود للحقوق والواجبات، وحيث القوي يفترس الضعيف، والمتجاوز يزدري الملتزم؟

أثبتت حكومتنا الحالية أنها مجرد إطار من الحبال، أما ما بينها، فلا يوجد شباك على الإطلاق وإنما فجوة كبيرة واسعة، وليتها أبقت على بعض آمالنا بأن وعودها وعهودها مازالت «هوا بشبك».

back to top