الفنّ التشكيلي الفلسطيني لوحة تتخطى الألم إلى الأمل

نشر في 07-07-2007 | 00:00
آخر تحديث 07-07-2007 | 00:00

منذ انطلاق الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 يمارس الفنان الفلسطيني التعبير ناسجاً في رهافة مكثفة مشاعر الناس وعواطفهم الجياشة رغم ما يحيط بهم من مآسٍ ومحن وواقع موجع قاسٍ، أو ما يتعرضون له يومياً من عنجهية المحتل الإسرائيلي الغاصب ووحشيته ودمويته ومن دسائس وصراعات دولية.

لم يكن توحيد جهود الفنانين التشكيليين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في الضفة وقطاع غزة بتلك السهولة لناحية تنظيم نشاطهم الفني وتفعيله في ظل الاحتلال، خاصة بعد عدوان إسرائيل عام 1967. إثر ازدياد عدد خريجي المعاهد وكليات الفنون،أقاموا معاً المؤسسات التي تعنى بالشؤون الثقافية والفنية.

ظاهرة المعارض

ثمة صلة وتواصل وثيقان بين فناني الشعب الواحد وفلسطين الوطن الواحد في استعادة تعتبر من أبرز إنجازات هؤلاء الفنانين الفلسطينيين في الضفة والقطاع. عاد عليهم الأمر بالنتائج المرجوة سياسياً وثقافياً واجتماعياً فظهرت كوكبة من المبدعين التشكيليين الجادين تبنت مشاريع وأنشطة تشكيلية، حتى باتت ظاهرة المعارض التشكيلية مألوفة في أنحاء فلسطين المحتلة كافة. لم تقتصرعلى المدن الكبرى بل على ما ينظم في مختلف المدن وبعض القرى: القدس، نابلس، غزة، الناصرة، بيت لحم، حيفا، الخليل، بيرزيت، أم الفحم حلحول وسواها. تلك الظاهرة الإبداعية أشاعت الأمل بين الناس وعبرت عن تطلعات الشعب الفلسطيني إلى غد أفضل. ساهمت كذلك في دعم قضيته العادلة وتوحيد المشاعر والترابط والتآلف بين الفلسطينيين وأشقائهم في العالم العربي.

ان حضور الفن الفلسطيني الإنساني الملتزم كان دائماً سجلاً مشرّفاً ومعّبراً عن أماني الأمة العربية والشعب الفلسطيني في صورة تشكيلية احترافية راقية تدعو إلى الفخر والاعتزاز. ثمة بالفعل حركة تشكيلية فلسطينية تتصف بحرية التعبير والتنوع والثراء في أساليبها والأنماط المختلفة المتفاعلة مع الاتجاهات السائدة في الفن التشكيلي المعاصر على مساحة الوطن العربي.

شريف الخضرا

أصبحت للفن التشكيلي مشاركة فعلية كمادة وموضوع وأشكال ومنطلق تعبيري ينسجم وروح القضية الفلسطينية. ترافقت الأعمال الفنية مع تصاعد المقاومة وتلاحق الحوادث الدامية والمآسي والنكبات التي تواجه شعبنا الصامد في الأرض المحتلة المنتشر في أصقاع العالم. بلاد الشتات، على سبيل المثال، دولة الكويت، حيث ظهرت حركة تشكيلية فلسطينية نشطة ومتميزة. عاش الفن ومارسه فيها عدد كبير من التشكيليين الفلسطينيين لسنوات طويلة منذ بداية الخمسينات إثر قدوم شريف الخضرا وداود الجاعوني ثم بعد سنوات مجموعة من الفنانين: الأشقاء أمين وعمر وجمال شموط، الشقيقين محمود ورائد ابو عسكر، شفيق رضوان، إسماعيل شموط، تمام الأكحل، محمد وسوزان بوشناق،

عبد الهادي شلا، سهيل عياش، محمد حجازي، عبد الرحيم القوقا،

رمزي كيلو، رشاد ورشيد شبلاق، وطفاء شاهين، ناجي العلي وبهاء الدين البخاري، جمال غربية، صالح المالحي، محمود جاد الله وأحمد حبلوز. هؤلاء جميعاً ساهموا من خلال أعمالهم الفنية فى إحداث حركة فنية مبدعة مدارها الالتزام بالقضية وتكشّف ملامح فن تشكيلي معاصر له نطريته ومظهره الفني الجمالي من أفكار ورموز وإيحاءات ثوروية قوية، منهم من تفرغ للإنتاج الفني (اسماعيل شموط وتمام الأكحل وناجي العلي) أما أكثرهم فكان نشاطه الفني مترافقاً مع تدريس مادة الرسم في مدارس التربية. كانوا يشاركون بلوحاتهم في معارض جماعية أو فردية داخل الكويت أو خارجها وضمن معارض فلسطينية في مختلف دول العالم.

تمكن الفن التشكيلي الفلسطيني من ضرب جذوره العميقة داخل المجتمع الفلسطيني وتجاوب طوال الوقت مع أحاسيس الإنسان الفلسطيني المكافح والمؤمن بالانتصار متجاوزاً كل الصعوبات والويلات ليعيد إلينا الأمل بغد أفضل.

back to top