أين الرموز؟

نشر في 20-09-2007
آخر تحديث 20-09-2007 | 00:00
 ضاري الجطيلي

صاحب الردة التي أصابت الكويت تخلفها ثقافياً وفنياً ورياضياً، ولما كان انتعاش تلك المجالات هو الذي يخلق القواعد الشعبية، التي بدورها تخلق الرموز، فإن من الطبيعي ألا نجد رموزاً اليوم، أو إن وجدوا فهم رموز مع وقف التنفيذ.

لا يكتمل النظام الديموقراطي إلا بوجود جماعات الضغط المتمثلة في مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات وجمعيات النفع العام، ولكنها ليست الوحيدة القادرة على الضغط وخلق الرأي العام، إذ تتميز الأنظمة الديموقراطية أيضاً بوجود رموز عامة تضاهي في قوتها مؤسسات المجتمع المدني، حيث يستقي كل منها قوته من وجود قاعدة شعبية، تستطيع تحريكها أو خلق رأي عام من خلالها للضغط على صناع القرار لتحقيق مطالب قاعدتها.

في أوج نهضتها كانت الكويت تزخر بالرموز العامة في شتى المجالات، فبالإضافة إلى رموز السياسة المعروفين، كان هناك العسكر وبورسلي في الشعر، وجاسم وفيصل في الرياضة، عبدالحسين وسعد والغضبان والنمش في المسرح والتلفزيون، والعجيري في العلم، وعوض والمرطة في الغناء، وهؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، كانوا جميعهم يحظون بقواعد شعبية مختلفة الميول والاهتمامات، ويملكون القدرة على توجيهها بأي اتجاه عند التعاطي مع الشأن العام إن أرادوا.

أما الآن، فهنالك غياب تام للرموز، وإن وجد بعضهم فإن تأثيرهم في المجتمع يكاد يكون معدوماً، ويعود ذلك إلى اضمحلال شعبية مجالاتهم بالأساس، إذ صاحَّب الردة السياسية والاجتماعية التي أصابت الكويت منذ منتصف السبعينيات، تخلف الكويت ثقافياً وفنياً ورياضياً، ولما كان انتعاش تلك المجالات هو الذي يخلق القواعد الشعبية، التي بدورها تخلق الرموز، فإن من الطبيعي ألا نجد رموزاً اليوم، أو إن وجدوا فهم رموز مع وقف التنفيذ.

كل مجتمع يمكن تقسيمه إلى شرائح، سواء كان التقسيم على أساس مهني، أو على أساس الاهتمامات والميول، وتلعب الرموز دوراً كبيراً في رفع مستوى الوعي الشعبي لدى شرائح المجتمع، فعلى سبيل المثال، كان للمسرحيات السياسية في الثمانينيات دور توعوي مهم، فحوار الأيديولوجيات السياسية بين شخصيات الأبناء في مسرحية «حامي الديار» طرح مفاهيم جديدة للناس قد تستغرق الأكاديميين والسياسيين عشرات السنين والكتب والمحاضرات لإيصالها، لذلك «حامي الديار» هي رمز معنوي بحد ذاته له إسهاماته، فضلا عن إسهامات الرموز الفردية كسعد والنفيسي والمفيدي وغيرهم.

لقد احتكرت السياسة صناعة الرموز خلال العقدين الماضيين، واستفرد السياسيون بتوجيه الرأي العام وأمزجة الناس، ولو كان لكل شريحة في المجتمع رموز تقودها وتؤثر فيها، فإن النتيجة الطبيعية لقيام الرموز بواجبها الوطني نظرياً هي تحرك الشعب بأكمله في الاتجاه نفسه، ولنا أن نتخيل كيف سيكون حال الكويت لو حصل ذلك.

****

Dessert

لو أردت معرفة أهمية الرموز شعبياً، فانظر إلى أثر وقوف «المرعب» مع هذه المجموعة أو تلك في نتائج انتخابات النادي في الثمانينيات والتسعينيات.

back to top