تطوُّر العلاقات الكويتيّة الفلسطينيّة وأثر الاحتلال العراقي فيها

نشر في 11-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 11-04-2008 | 00:00
No Image Caption
المؤلف: د. فلاح عبدالله المديرس

الناشر: دار قرطاس للنشر- 2008

يؤرخ كتاب الدكتور فلاح المديرس «تطور العلاقات الكويتية الفلسطينية وأثر الاحتلال العراقي فيها» لهذه العلاقات منذ عام 1921 وحتى 2007، وفيه يقسم المؤلف دراسته إلى مراحل عدة مدعمة بالوثائق والبيانات والجداول التي صدرت عن اللجان التي دعمت الثورة الفلسطينية مادياً ومعنوياً وسياسياً «في تلك الفترة» بالاضافة إلى المراجع والمصادر المناسبة. يعتبر الكتاب ملخصاً هاماً لتاريخ تلك العلاقات. ففي مرحلة ما قبل الاستقلال ومنذ منتصف العقد الثاني من القرن الماضي، بدأ الشعب الكويتي والمجتمع الأهلي بمناصرة القضية الفلسطينية، بدءا من تشكيل اللجان لجمع التبرعات «شباب الكويت عام 1937 وكتلة الشباب الوطني عام 1938» وذلك ردا على تقرير «بل» الذي دعا إلى تقسيم فلسطين مرورا بالموقف الرسمي لحاكم الكويت آنذاك، الذي خاطب الحكومة البريطانية، منبهاً إياها إلى مغبة تقسيم فلسطين، ثم إرسال من يمثله في مؤتمر بلودان لتأسيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر القومي العربي، وصولا إلى قيام مجلس المعارف في الكويت المشكل من الأهالي بطلب مدرسين فلسطينيين ليساهموا في تطوير التعليم. وقد توطدت أواصر تلك العلاقات أكثر على إثر نكبة فلسطين عام 1947 وتأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 حيث انطلقت مظاهرات لمناصرة الشعب الفلسطيني وقد أصدر حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر يومها قرارا بطرد اليهود من الكويت بعد أن بدت منهم تصرفات معادية للعرب.

مناصرة

ويذكر الكتاب أن عدد النازحين بعد النكبة إلى الكويت قد بلغ 37.327 ألف نسمة، ليصل إلى ما يقارب الـ 308 ألاف نسمة في العام 1982. وقد أسس الطلبة والخريجون الذين درسوا في الخارج روابط ونوادي ثقافية واجتماعية، أدت دورا بارزا في ما بعد في مناصرة القضية الفلسطينية والعربية. وصدرت دوريات ومجلات سخّرت معظم صفحاتها لهذه القضية. وفي أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 نظمت لجنة «الاندية الكويتية» إضرابا عاما ومظاهرات عارمة شارك فيها المواطنون والمقيمون العرب، ورفعوا مذكرة إلى أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم مطالبين بعدم تزويد الناقلات البريطانية بالوقود وبعدم السماح باستخدام أراضي الكويت قاعدة للعدوان على مصر. وقوطعت البضائع الإسرائيلية، خصوصا بعد أن وافقت الحكومة الكويتية في عام 1957 على إقامة مكتب مقاطعة اسرائيل، الأمر الذي أدى إلى اعتراض الولايات المتحدة الاميركية على ذلك.

ياسر عرفات

وعام 1958 تأسست في الكويت حركة «التحرير الوطني الفلسطيني»، على يد ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف وغيرهم، ممن كانوا يعملون في الكويت آنذاك. أما في مرحلة ما بعد استقلال الكويت عام 1961 فقد طالب وزير خارجية دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد في مقر الامم المتحدة بحق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى دياره. وكانت دولة الكويت هي أول دولة عربية التزمت قرارات القمة العربية منذ العام 1964 بخصوص القضية الفلسطينية حيث سمحت للفلسطينيين بإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وفُتح مكتب لمنظمة التحرير في الكويت. وكذلك السماح بإقامة مدارس خاصة بالطلبة الفلسطينيين في العام 1969، ثم باستخدام المدارس الرسمية لتدريس أبناء فلسطين في الكويت. وتأسس ايضا الاتحاد العام لعمال فلسطين ومخيمات التدريب. وفي الخامس من حزيران / يونيو 1967 وضعت جمعيات النفع العام امكاناتها المادية كافة بتصرف مصر عبد الناصر. وأرسلت الكويت قوة عسكرية رمزية (لواء اليرموك) الى مسرح العمليات في مصر. ثم سارع مجلس الوزراء الكويتي بخفض البترول للدول المساندة لإسرائيل.

وعلى أثر النكسة استقبلت الكويت الكثير من اللاجئين. وناصرت الفلسطينيين أيضا في جميع معاركهم التي خاضوها مع الأنظمة العربية لتجريد المقاومة من سلاحها سواء في الاردن عام 1970 وفي لبنان عام 1973.

حرب اكتوبر

وخلال حرب اكتوبر عام 1973 ساعدت مؤسسات المجتمع المدني مصر وسورية ماديا. وشاركت دولة الكويت بإرسال وحدتين عسكريتين. وأقيم مهرجان شعبي في الكويت استنكارا للتطبيع بين الحكومة المصرية والاسرائيلية. كذلك رفضت الحكومة تعيين أحد سفراء الولايات المتحدة لديها لأنه كان قنصلا في القدس. وقطعت علاقاتها الديبلوماسية مع دول قامت بنقل سفاراتها من تل ابيب الى القدس. كذلك ساندت جمعيات النفع العام الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 1987. ومع مرحلة احتلال دولة الكويت من قبل النظام العراقي الذي حدث في آب (اغسطس) عام 1990، ساءت العلاقات الكويتية الفلسطينية وتوترت على المستويين الرسمي والشعبي الى درجة القطيعة؛ نتيجة للمواقف المؤيدة التي اتخذتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وغالبية الشعب الفلسطيني للنظام العراقي في الخارج والتعاون الذي أبداه بعض الفلسطينيين المقيمن في الكويت مع سلطات الاحتلال. ويقول المؤلف انه في مرحلة ما بعد التحرير استمرت دولة الكويت في تأييدها لنضال الشعب الفلسطيني على رغم بعض المواقف التي ما زالت مؤيدة للنظام العراقي، وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الاميركية على الحكومة الكويتية لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني. غير أن الكويت قاومت هذه الضغوط وقد استقبلت الكويت في العام 1998 الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ احمد ياسين وكذلك مسؤول ملف القدس فيصل الحسيني عام 2001، والوفد الاعلامي الفلسطيني في العام 2004، وعلى اثر انتفاضة الاقصى التي سبّبتها زيارة «شارون» للمسجد وسقوط المئات من القتلى والجرحى، تفاعل الكويتيون مع الفلسطنيين في نضالهم واستمروا في تأييد القضية الفلسطينية رسميا وشعبياً على رغم الضغوط الخارجية. واستقبلت مستشفيات الكويت الكثير من الجرحى الفلسطينيين كذلك قدمت كميات كبيرة من الادوية ومساعدات عينية.

وبعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الكويت أخيراً حيث اعلن للصحافة المحلية اعتذار الحكومة الفلسطينية من الشعب الكويتي عن المواقف المؤيدة لنظام صدام حسين من قبل رئيس السلطة ياسر عرفات، سيمهد الطريق أمام تطبيع العلاقات بين الحكومتين على رغم استمرار توتر هذه العلاقات على المستوى الشعبي.

back to top