نار الديموقراطية

نشر في 23-07-2007
آخر تحديث 23-07-2007 | 00:00
 نايف الأزيمع بالرغم من شعوري بعدم الرضا، كما كل الغيورين من أهل الديرة، لهذا التدني غير المسبوق لمداخلات وتصريحات بعض نوابنا داخل مجلس الأمة وخارجه، وللإسفاف الذي صبغ أسلوب بعض الكتاب في صحفنا اليومية، وللتردي والانحدار لمستوى الخطاب والحوار، فيما بين بعض القوى والأطراف والرموز السياسية، وبعضها الآخر. ولأن نتيجة الخطاب السياسي المتردي والهابط هي، بلا شك، تردي وهبوط للممارسة وللعمل السياسي بشكل عام.

رغم كل ذلك، دعوني أقل شيئاً ، وبملء الفم، : إن الحصيلة النهائية ليست سيئة على الإطلاق... فالرؤى غير سوداوية، والواقع واقعنا يبشر بخير..! كيف؟!

الأمور تقاس بالنتائج، وتعالوا «نتحاكم قدام الصحراء العربية كي تحكم فينا»، كما يقول «مظفر النواب».

يقول السوداويون، والمحبطون: إن ما نعيشه، ونعانيه، ليس إلا بعض نتاج الممارسة الديموقراطية... ويفصلون، أن هذه الممارسة الديموقراطية قد أعادت لنا القبلية، والطائفية، والفئوية. ومهدت الطريق لجحافل الفساد والمفسدين.

ويضيفون: إن من نتائج هذه «الممارسة الديموقراطية» علو صوت الغلو والتطرف، وفي المقابل، بروز مظاهر التخلف والانغلاق.

ويزيدون: وعلى خط متواز، نرى ونسمع كل يوم بعض هذه النتائج المتمثلة، بالسباب والشتائم، والتنابز بالألقاب، و.. و .. «شوف من جبيلك»!

ومع الإقرار سلفا ًـ بسلبية هذا الواقع، فإننا نريد أن يرى الجميع النصف الآخر من الكأس، أو الوجه الآخر للحقيقة... فالديموقراطية كتعريف، وقول، وبالذات كممارسة، لا شك أن لها وجهين مختلفين, أولهما إيجابي، والآخر سلبي.

وما يهمنا هنا، هو الوجه الإيجابي للممارسة الديموقراطية...

فأولاً: الفرد، وبالتالي الشعب، أصبح بمقدوره اختيار نوابه في انتخابات حرة ونزيهة... وان نواب الشعب استطاعوا، ويستطيعون، إلى جانب التشريع، وسَّن القوانين والرقابة... تفعيل المساءلة السياسية إلى درجة الاستجواب وصولاً إلى طرح الثقة.

وثانياً: إن هامش حرية الرأي بدا واسعاً وجلياً للعيان... فصحافتنا تشهد نهضة وتقدماً على المستويات التحريرية، والفنية، والطباعية كافة، والأهم... الشفافية والجرأة، حتى إعلامنا المسموع والمنظور، فلا شك أن هناك تطوراً ملموساً في ال شكل والأداء، والأهم السماح لإطلالة الرأي الآخر.

وثالثاً: نمو وتنوع النقابات، والاتحادات، وجمعيات المرأة والنفع العام والأندية، ومؤسسات المجتمع المدني، وهيئات حقوق الإنسان، وتفرعاتها من حماية الأموال العامة، والبيئة، ومكافحة الفساد، إلى محاربة التدخين والمخدرات.

رابعاً: انتشار وتطور التعليم، وازدياد أعداد الخريجين الجامعيين، ومخرجات التعليم العام.

خامساً: وهذا هو الأهم على الإطلاق... سقوط «التابو» المحرمات على المستوى السياسي قولاً، ونقداً، وممارسة... فلم يعد هناك منطقة محرمة سياسية، إلا الخيانة الوطنية، وتجربة الغزو الغاشم أثبتت للعالم أجمع أن هذا البلد الصغير قد سجل ظاهرة تاريخية فريدة غير مسبوقة ولا أظنها ـ ملحوقة... فمع كل أساليب الاحتلال من ترغيب في الجاه والمنصب والمال، أو ترهيب وصل إلى حد التنكيل والبطش والإعدام، لم يستطع أن يسجل أن كويتياً واحداً قد قبل بالخنوع، أورضي بالخيانة... إذاً... لنسأل صحراءنا العربية ما حكمها في تجربتنا الديموقراطية؟!

وبالرغم من أن الحديث ذو شجون، ويتطلب المتابعة والاستطراد... فإن الخلاصة واضحة جلية ... نعم... للديموقراطية، وإن كان ثمة سلبيات لها، فالعلاج يكون حتماً بممارسة أكثر للديموقراطية... وإذا كان المثل الشعبي يقول:ـ «نارك ولا جنة هلي»!

فحري بنا أن نقول: «نار الديموقراطية ولا جنة الاستبداد»!

back to top