السيرة الذاتية لطائر الصحراء - 28

نشر في 01-05-2008
آخر تحديث 01-05-2008 | 00:00
No Image Caption
 سليمان الفليح قلت في الحلقة السابقة كيف هجم «الرصيفيون» على مقهى «الليترنا»، وكيف اختطف كل واحد منهم لقمة يومه من زبائن المقهى، وقلت كيف تشاجرت مع أحدهم (غيلان)، وكيف أصلح الأمور الشاعر العراقي عبدالكريم كاصد، وقلت إنني طلبت لغيلان وجبة كاملة ثم اتفقنا في ما بعد أن نلتقي في الغد ليعطيني «كوبونات» الاشتراك في مجلة الرصيف، التي تخص «الصعاليك» فقط، ثم استأذنا أنا و(آن) المجرية والشاعر العماني سيف الرحبي ليدلنا على شقته؛ لأنه قرر من «عندياته» أن ينقلني من الفندق إلى شقته.

وهكذا كان بعد أن أوصلنا «آن» المتعبة من كثرة التسكع في الحواري والأسواق إلى فندقها، ولكنها قبل أن تترجل من التاكسي قالت لي: «هل تصاحبني غداً في رحلة إلى «صلنفه» للبحث عن «زعيم الغجر» الذي يقطن في الأحراش ليحدثني كيف وصلوا إلى الشرق الأوسط، وهل هم من أصول هندية بالفعل أم انهم بقايا الحملات الصليبية وبالطبع وافقت (ممنوناً) لتلبية دعوتها اللطيفة؛ لأنني صراحة لا أريد أن تطير هذه «العصفورة الملونة» من يدي الصحراوية «الخشنة»؛ لذلك كنت على استعداد لأن أصحبها إلى آخر الدنيا!».

في الطريق قال لي سيف: لقد سمعت أنك وعدت غيلان في الغد ولكنني أحذّرك أنه «محض لص»، انه ومجموعته، الشعراء الرصيفيون الصعاليك، يفتعلون شجاراً في الشارع حتى إذا ما تجمع حولهم المارة لـ«تفريق الهوشة» فإنهم سرعان ما «ينشلون» محافظهم فلتحذر أن ينشل منك شيئاً أثناء المقابلة، ساعتها ضحكت كثيراً على نصيحة سيف، وقلت له باللهجة الخليجية «لا توصي حريص»، وستسمع أخباراً عنه لم تسمعها من قبل، ومن ثم اتجهنا إلى الفندق الذي كنت أقطنه، وحاسبناه وحملت «عفشي» إلى شقة سيف الرحبي الذي قال لي بدوره ستكون هذه الشقة قاعدة لانطلاقاتك وخذ نسخة أخرى من المفتاح حتى تأوي إليه متى ما شئت.

احتفى بي سيف في شقته الصغيرة ودعا في تلك الليلة الناقد الفلسطيني يوسف والشاعر السوري بندر عبدالحميد والشاعر ممدوح عدوان، يرحمه الله، والشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني والقاص عبدالحميد أحمد والشاعر اليمني عبدالهادي خضر، وقد سهرنا حتى الصباح ثم انفض السامر.

نهضت في الظهيرة ولم أجد «سيف» في الشقة وتذكرت أنني على موعد مع غيلان فتناولت كوباً من الشاي وقطعة من الخبز وحبتين لا أكثر من الزيتون، وارتديت ملابسي وتوجهت إلى مطعم ومقهى الليترنا للقاء «السيد» غيلان والذي يبدو عليه أنه كان ينتظرني على أحرّ من الجمر؛ لأنه ما ان رآني أدلف المقهى حتى «نط» كالقرد الصغير «ولك وينك ودا عاتك صار لي ساعة منتظرك»، وبالطبع لم يكن على طاولته حتى فنجان من القهوة، لكنني ما ان استويت على الكرسي حتى صفق بطريقة فظة لـ«لورنس» النادل وطلب أفخر وأغلى الأطعمة والأشربة التي تعجب منها حتى النادل؛ لأنه لم يعهد أن غيلان بهذا الكرم ولا هذه «الفخفخة» أيضاً، لكنني أجزم أنه قال في نفسه، وكما يعرف غيلان جيداً «مسكين هذا الخليجي الدرويش» كيف وقع بحبائل غيلان وهذا ما صرح لي به لاحقاً بعد هذه القصة.

back to top