حصان رابح وآخر خاسر... هل هذه الكويت؟

نشر في 10-07-2007
آخر تحديث 10-07-2007 | 00:00
 سعد العجمي  

يتطلب واقع الحال دعوة التيارات السياسية والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى مؤتمر وطني ينبثق عنه (إعلان شرف) تلتزم به من جانبها، ويوقع عليه رؤساء تحرير الصحف يتعهدون بموجبه بعدم السماح بأن تكون صحفهم ساحة لتصفية الحسابات الشخصية.

سنوات طويلة قضيتها في حقل الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع كمراسل حتى انتهى بي المطاف في قناة (العربية)، لكنني لم أخض خلال تلك السنوات تجربة الكتابة، ككاتب رأي سوى مع «الجريدة» التي منحتني فرصة هي مدعاة فخر لي، ومسؤولية في الوقت نفسه أتمنى أن أكون أهلاً لها... بعد أيام قليلة من تجربتي الجديده أدركت صعوبة أن تكون كاتباً، وسهولة أن تكون مراسلاً. فعندما تكتب تحتاج فكرة جديدة لكل مقال، وصياغة معينة يتطلبها كل موضوع تخوض فيه وما إلى ذلك، أما المراسل فهو مجرد ناقل لحدث أو خبر يصنعه الآخرون... ليس هذا فحسب، فالمراسل، أو تحديداً المراسل الناجح، عندما ينقل الخبر ينقله كما هو فلا تستطيع أن تدرك كمتلقٍ ما إذا كان مع أو ضد ما ينقل، وهنا تسقط عنه فرضية «التصنيف»، بعكس الكاتب الذي يكتب رأيه ويعبر عن موقفه من هذه القضية أو تلك.

ولأن عرفاً صحفياً بدأ يسود في الكويت أخيراً، تماشياً مع حالة الاستقطاب السياسي التي تعيشها البلاد، مفاده أن كل كاتب أو إعلامي أصبح يُصّنف على أنه (مع هذا الطرف أو ضد ذلك القطب)، تلقيت اتصالا هاتفياً من شخصية «اعتبارية» قبل يومين، وقبل أن يعرف بنفسه، كنت قد عرفته من نبرة صوته، قال لي: قرأت بعض مقالاتك السابقة وعرفت من خلالها توجهاتك السياسية التي كنت أجهلها سابقاً، قاطعته وشرحت له إنني هنا كاتب رأي أعبر عن رأيي لا رأي المطبوعة التي اكتب فيها ولا القناة التي أعمل معها... ابتسم واسترسل: أعرف ذلك، ولكنني سأنصحك بأن تراهن على الحصان الرابح لا الخاسر. هنا الرجل لم يلمح بل صرّح بأسماء أطراف يتكرر ذكرها كثيراً في الدواوين والمنتديات السياسية هذه الأيام.

على كل، ما قاله المتصل بعد ذلك من كلام لا يستحق التعليق على الأقل بالنسبة لي، ما يهمني هو تساؤل طرحته ومازلت أطرحه على نفسي حتى هذه اللحظة. تُرى هل يكتب بعض كتابنا اليوم وفق قناعاتهم أم وفق مصالحهم؟ هل وصل بنا الأمر إلى المراهنة على حصان رابح هنا وحمار خاسر هناك؟ لماذا لا نراهن على الكويت؟ لماذا اختزلنا الكويت وأهلها وتاريخهم وتضحياتهم في شخصين أو ثلاثة أو حتى عشرة باتوا كأنهم المستقبل، والكويت هي الماضي الذي ولّى إلى غير رجعة؟

أعتقد أن المسؤولية العظمى هنا تقع على مؤسسة الحكم، التي يجب أن تتدخل لوضع حد لتلك الممارسات التي دخلت معها البلاد عنق زجاجة في مرحلة لم يعد ينفع معها التراخي والتعامل بالنوايا الطيبة. وعليها أيضاً أن تدرك أن من بين أطرافها من يدفع باتجاه خلق مزيد من الخصومات والمنازعات، التي ستكون هي المتضرر الأول فيها، فالنار اقتربت كثيراً من هشيمها.

كما أن التيارات السياسية والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني تتحمل جزءاً مما يحدث الآن، لسلبيتها تجاه التعامل مع هذا الوضع الذي بات يهدد حتى وحدتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي. فالأمر يتطلب منها الدعوة إلى مؤتمر وطني ينبثق عنه (إعلان شرف) تلتزم به من جانبها، ويوقع عليه رؤساء تحرير الصحف يتعهدون بموجبه بعدم السماح بأن تكون صحفهم ساحة لتصفية الحسابات الشخصية... وسواء عقد ذلك المؤتمر أو لم يعقد، فإننا سنراهن على الكويت وحب الكويت فهي الجواد الرابح دائماً... رغماً عن أنوف بعض أبنائها.

back to top