عبد المحسن النمر: أسد الجزيرة نقلة نوعية في الدراما الخليجية

نشر في 23-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 23-09-2007 | 00:00
يؤكد الفنان السعودي عبد المحسن النمر استثنائية المسلسل الكوميدي الساخر «طاش ما طاش» وخلوّه من الخطوط الحمراء إذ جسّد في مسلسله «مجاديف الأمل» بيئته فلم تهمه التكاليف المادية التي فاقت الموازنة، معتزاً بشخصية الشيخ سالم المبارك التي مثلها في «أسد الجزيرة»، معترفاً أيضاً بوجود عقدة نفسية من دوره في «عرس الدم».
يشارك عبد المحسن النمر في مسلسلين رمضانيين، «عرس الدم» مع المخرج محمد دحام الشمري و{أوه يا مال» الذي يؤدي فيه شخصية البحار.

حدّثنا عن مسلسليك الرمضانيين.

«أوه يا مال» تأليف أحمد المعوشرجي، اخراج أحمد دعيبس، تمثيل زهرة عرفات، وصلاح الملا ولطيفة المجرن وليلى سلمان. تدور القصة حول بحار يخرج في رحلة تجارية عادية من الكويت. ثمة خط للرحلة إلى البصرة لتحميل التمور أولاً ثم إلى اليمن لتفريغ البضاعة ونقل «العبرية» وبعدها إلى زنجبار، ثم عودة إلى الكويت. تتخلّل المسلسل قصة حب ومغامرات وحوادث أخرى، ويتناول نموذج البحار الكويتي الشجاع والكريم الذي يعود إلى بلده وفي جعبته ثقافة أخرى، أما الحوادث فتشعرك بحكايات جدتك وفي الوقت نفسه يوثق لبعض التفاصيل التراثية. صورنا معظم مشاهدنا في سلطنة عُمان ومعنا مجموعة كبيرة من فنانيها أمثال فخرية خميس وجاسم بطاشي وطالب محمد. أتمنى له النجاح في هذا الشهر الفضيل لأنه عمل درامي يستحق المتابعة، كما أشارك في مسلسل «عرس الدم» مع المخرج محمد دحام في عمل حديث يحتوي على قضايا اجتماعية متشابكة.

توجه الكثير من المنتجين ناحية الأعمال التراثية، ما رأيك؟

ثمّة ظروف كانت تقف حجر عثرة أمام تنفيذ الدراما التراثية، لعدم توافر موقع مهيأ لهذه الأعمال في الكويت. المدينة المبنية في الوفرة فتحت الباب والمزاج، كما أن نجاح بعض المسلسلات مثل «الفِرية» شجَّع المنتجين على خوض التجربة. لا أعمال كثيرة في الكويت من هذا النوع الذي ينتج منه كل خمس سنوات مسلسل واحد. فالكثرة لن تؤثر إن كان الموضوع والشكل والطرح مختلفين.

شارك الممثل السعودي في الأعمال المصرية بكثرة في الثمانينات، لِمَ هذه المشاركة قلت «الآن»؟

كانت الخطة مدروسة جيداً في دعم الممثل السعودي للمشاركة في أي عمل عربي ومنها شراء العمل السعودي بسعر مختلف. إنها نية حسنة لكنها استخدمت بصورة خاطئة، وهذه فرصة كي يحتك السعودي بممثلين مصريين لهم خبرتهم والعمل في أجواء مختلفة. في الفترة الأخيرة كوّن هذا الممثل شخصيته وبالتالي أصبح لدينا عمل سعودي درامي متكامل مطلوب من المحطات الفضائية بعد التجارب الناجحة. يبدو أن الدعم أزيح عن الفكرة الأولى، وهذا لمصلحتنا أن يسعى المنتج وراء النجوم السعوديين.

لِمَ لم نشهد عملاً سعودياً تاريخياً صرفاً؟

لأن العمل التاريخي يحتاج إلى مناخ كبير وديكورات وملابس ومواقع. لذا تجد أن التنفيذ يتم في مصر أو سوريا أو الأردن فيصبح العمل مطّعماً، خاصة أن الدراما التاريخية بالعربية، ما يتيح مساحة لمشاركة ممثلين من بلدان أخرى. وحين يكون العمل مشتركاً يرفع من مستواه أكثر من المحلي.

لِمَ لا تترجم أعمال كتّاب الروايات أمثال د.غازي القصيبي وتركي حمد وسواهما إلى الدراما؟

عملت في ثلاث روايات. لدينا عدد هائل من كتّاب القصة وثمّة من تميز بينهم. لكن الفرق بين اللعبة التلفزيونية والرواية يضعك في إشكال إذ تعتمد القصة على خيال مكتوب بينما يحتاج العمل التلفزيوني إلى تجسيد وليست كل الروايات صالحة للاقتباس. كما أن تنفيذ الخيال في القصة مكلف جداً، فينبغي تحويلها إلى دراما مرئية من خلال كاتب متخصص في السيناريو والحوار.

«طاش ما طاش» وصل هذا العام إلى الجزء 15، ما سر خلطة نجاحه؟

ناجح بمقاييس جميلة مع ممثلين نجوم متمكنين أمثال ناصر القصبي وعبدالله السدحان ويوسف الجراح وفريق الممثلين من جزء إلى آخر، إضافة إلى أن «طاش» عمل متجدد وليس محصوراً بقصة واحدة. الحلقة فيه عبارة عن عمل تلفزيوني مستقل فيظهر الاختلاف في البيئة والشكل والمضامين كأفلام تلفزيونية قصيرة ومن الصعوبة بمكان أن تصنع عشرين فيلماً تلفزيونياً في موسم واحد لأن كلاً منها يصلح لأن يكون مسلسلاً كاملاً. ليست العملية سهلة، خاصة أن المسلسل مرتبط بالسدحان والقصبي وثمة 20 «كاراكتيراً» سنوياً يتطلب طاقة خاصة فتقع أحياناً في التكرار وهذا مغفور لهما لأن الممثل يحقق 20 شخصية في حياته الفنية كلها.

هل توقعت أن يحظى بهذا الانتشار العربي؟

بحكم قربي من عبدالله وناصر فهما مختلفان منذ البداية، ونفذا هذا اللون من الدراما القصيرة ولديهما طموح وايمان بما يقدمان من كوميديا سعيا إلى الانتشار وتحقيق مرادهما.

هل لديكم خطوط حمراء لا تتجاوزونها في الدراما السعودية؟

لكل بلد محظوراته. ذلك يعود إلى العادات والتقاليد والخطة الاعلامية. في السعودية «طاش» مستثنى إلى حد كبير. تطرح الأعمال السعودية حديثاً مواضيع جريئة إذ فتحت الرقابة المجال. وأراهن أن بعض أعمالنا يتناول مواضيع ممنوعة في بلدان أخرى والدليل فيلمنا «ظلال الصمت» الذي أنتج قبل «كيف الحال» وحين عرض في مهرجان دبي السينمائي استغرب أحد النقاد الفرنسيين جرأة الفيلم. المساحة الممنوحة لنا رائعة والتزامنا بها رائع أيضاً بينما بعض الأعمال الخليجية فلت منه زمام الأمور بشكل مخيف.

أين النمر من الانتاج؟

كنت منتجاً منذ زمن. لا ينصب تركيزي على ذلك فحسب وطموحي جعلني أقصد زاوية كرهت فيها الانتاج حتى وصلت إلى مرحلة متقدمة وهذا مكلف جداً. يصعب مسك العصا من نصفها. مسلسلي «مجاديف الأمل» مثلاً، هو من انتاج شركتي مع عبد الخالق وسمير. أراهن في حال انتج العمل شخص آخر ان يستعين بنصف موازنته التي صرفناها. تجاوزنا الموازنة و{أخذنا مديونية» لاستكمال المسلسل لذا ابتعدت عن الإنتاج لأنني فاشل من الناحية التجارية ولا انتج إلا نصاً يعجبني وأميل إليه مثل «مجاديف الأمل» الذي له حكاية معي إذ يتنمي إلى البيئة التي خرجت منها في الإحساء. فأهلي و{خوالي» من هناك، كما أن المنطقة لم يركز عليها إعلامي كبيئة وفلاحين.

وجدناك في أدوار بسيطة بينما تميزت في شخصيات أخرى مثل «نجمة الخليج»؟

يعود السبب إلى أرضية العمل الفني، ويكون الدور بسيطاً ومكتوباً بطريقة عادية. لا يمكن تجاوز هذه القاعدة من غير أن تدخل في مأزق المبالغة. يفترض بك تجسيد الشخصية كما كتبت لأن لها حدوداً في الشكل والمضمون. في مسلسل «حتى التجمد» كتب النص بصورة جميلة، فنحن لا نبتكر حوارات مختلفة. بعد ذلك يأتي المخرج وله دور كبير خاصة إذا عرف امكاناتك فيستخرج منك شيئاً يفاجئك به. هذا ما حدث معي في «نجمة الخليج» حيث جاءني الدور المختلف عن الشخوص الطيبة الهادئة التي قدمتها في «دمعة عمر» و «الدنيا لحظة». دخلت في تحدٍ مع ذاتي. بعد المشهد الأول الذي أعدنا تصويره بين 15 و20 مرة التقيت في اليوم التالي المخرج محمد دحام فقال لي: «أكيد أنك ستعتذر عن الدور». أجبته بنعم، قال: «جرِّب اليوم وإن لم يعجبك يمكنك الاعتذار». في المشهد الثالث دخلت أجواء الشخصية الشريرة. ثم أن الظروف الإنتاجية وقراءتك للنص والشخصية أيضاً أمور مهمة، أمّا شخصيتي في «عرس الدم» فتسببت لي بعقدة نفسية لكني مؤمن بأنها ستصل إلى مستوى راق جداً.

شخصيتك في مسلسل «أسد الجزيرة»؟

قاعدته الانتاجية مرتفعة جدا وحين يعرض سيكون نقلة تحوّل في الدراما الخليجية. ستجد عملاً ضخماً يبلغ أقرب مستوى من السينما والشخوص حية ونموذجية، مثلاً شخصية الشيخ مبارك تاريخية ونموذجية، فيها محطات ولمحات أكثر من عادية. جسدت في المسلسل شخصية الشيخ سالم المبارك الصباح التي لها زاوية إنسانية مختلفة. إنه رجل مؤمن وخيّر. كما أن المرحلة التاريخية مفصلية ومهمة في تاريخ الكويت. أحببت أن أكون قريباً من الجمهور الكويتي عبر هذه الشخصية التي يحبها ولها اعتبارات كثيرة، والعمل مع المخرج باسل الخطيب يثري العمل. استمتعت في المسلسل إلى نهايته رغم بعض التحفظات لديّ حول تاريخ هذه المرحلة غير البعيد ولا شك في أن كل إنسان سيرويه بطريقته أحياناً «على مصالحك أو ثقافتك» وأعرف أنه سيثير جدالاً.

back to top