عادل إمام... من الحارة إلى السفارة 2 لستُ فنان سُلطة...أنا فنّان الجماهير وبسّ

نشر في 14-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 14-09-2007 | 00:00

من الحارة إلى السفارة، مشوار كفاح طويل لم يكتبه عادل إمام بعد. صخرة أشبه بصخرة سيزيف، حملها الفتى الفقير بدأب من السفح إلى القمة. صار ابن الحارة الشعبية نجماً لامعاً وسفيراً لأشهر المنظمات الدولية في التاريخ الحديث. الطفل المشاغب، المولود في مطلع الأربعينات من القرن الماضي وسط أجواء الحرب والفقر والقمع العائلي، أضحى زعيما ثريا صانعا للأخبار، زاداً للشاشات وهدفاً للعدسات.

لم تكن الرحلة سهلة ولم تكن قدرا عبثياً. كان عادل يعرف أن سخريته قد يهبط مستواها في لحظة ويبدأ الرحلة من جديد إذا استطاع. لذا كان يحسب خطواته ولا يضع قدمه إلا على أرض صلبة. لم يتأثر بأي هجوم يتعرض له ولم يركن البتة إلى ما حقق من نجومية أو ثروة أو شهرة او علاقات. كان يفكر بالبساطة نفسها التي بدأ بها مشوار الحفر في صخر الواقع. كان يستعيد عزيمة البدايات ويفكر في الاحتماء بالناس قبل أن يفكر في التوسل لـ»زيوس».

في هذه الحلقات نتعرف الى التفاصيل الأسطورية لرحلة عادل إمام، ليس باعتبارها حكايات مسلية عن حياة نجم كوميدي مشهور، بل بكونها ملحمة تحكي عن حياتنا نحن أكثر مما تحكي حياة عادل وحده. إنها قصة مجتمع بأكمله، مرآة نرى فيها أنفسنا ونتابع صورة الأب المتسلط والأم الحنون الحامية في صمت. كذلك صورة الواقع القاسي والقدر الذي يضن ويعطي وفق معادلات ولوغاريتمات غامضة وشيفرات قوة نستهين بها قبل ان تفاجئنا بالكثير، في مقدمها الصبر والدأب والأمل.

تعالوا نتعرف مع عادل إمام الى خبرات حياته ونعتقد أنها أعمق كثيراً مما قدمه من شخوص فوق خشبة المسرح وعلى الشاشة.

في الحلقة السابقة بدأنا من لحظة فارقة في إحساس عادل إمام بذاته، لحظة لقائه كسفير للنوايا الحسنة عدداً من مشاهير الأدب والثقافة في العالم ضمن اجتماع ضم عشرات السفراء ومبعوثي السلام في الأمم المتحدة. وعرفنا كيف تصارعت الأفكار وانسابت مشاهد الذاكرة في رأس الفنان الكبير، من دون أن يقع في فخ الغرور، إذ قال إنه كان حريصا على المستوى العام على ألا يضع فوق رأسه ريشة ولا يطالب بمعاملة خاصة، إذ لا يحب أن يحمله العبيد على محفة أو تمشي وراءه زفة من حملة العطر والمباخر: «كنت أعرف جيدا، يقول النجم، أنني أصبحت نجما مشهورا، لكنني ظللت حريصا على عدم استغلال ذلك بشكل سيئ وعاهدت نفسي أن «أمشي جنب الحيط» وأحترم كل القوانين بما فيها قانون عم محمد القصبجي الله يرحمه، ومازلت أدعو الله أن يعصمني من الغرور أو أيّ بلاو أخرى قد توقعني فيها الشهرة».

في هذه الحلقة نستكمل مع عادل إمام قصة ابن الحارة الفقير الذي أصبح جناب السفير في أشهر منظمة دولية على سطح الأرض.

يقول: «عندما قرأت حيثيات اختياري سفيراً في وكالة إغاثة اللاجئين، وجدتها قائمة على وقوفي بجانب المهمشين والبسطاء من خلال أعمالي الفنية التي قدمتها على امتداد عمري الفني. كنت أظن أنها مكانة شرفية لكنني اكتشفت أن الموضوع كبير ولا يقتصر على الفنانين فحسب، فهو يضم أيضا بعض الحاصلين على جوائز نوبل مثل نادين غورديمر وممثلين عالميين أمثال روجر مور وبيتر اوستينوف وأنجلينا جولي ومشاهير الرياضة مثل الملاكم العالمي محمد علي كلاي واللاعب البرازيلي المشهور رونالدو وسواهم من الشخصيات العالمية ونجتمع كل فترة في الأمم المتحدة. خلال أحد تلك الاجتماعات خطرت لي فكرة تقديم عمل فني يحكي قصة لاجئ يطوف دول العالم كي أجسد للناس جميعاً بالصورة معاناة اللاجئين وما يواجهونه من أخطار ومعاملة ضد الإنسانية، سواء في طريقة نقلهم بطرق غير شرعية على مراكب أو أسلوب معيشتهم أو ما يتعرضون له من أمراض فتَّاكة وجرائم وما إلى ذلك. فكرت جديا في عرض هذا المشروع على عدد من نجوم العالم الذين ألتقيهم في الاجتماعات وبدأت أدرس الموضوع جيداً لأحدد الدور الذي سأقوم به في الفيلم، كما درست سلفاً الدور الذي يجب أن أقوم به في الواقع كسفير لرعاية أحوال اللاجئين.

يردّ عادل إمام على تشكيك البعض في دوره حيال اللاجئين، خاصة بعد زيارة اللاجئين الصوماليين في اليمن ومشكلة اللاجئين السودانيين في القاهرة التي تحولت إلى مأساة على مسافة أمتار من منزل عادل إمام بعدما لجأت أجهزة الأمن المصرية لتفريق اعتصامهم بالقوة من أمام مسجد مصطفى محمود في منطقة المهندسين غرب القاهرة: «سافرت الى اليمن وزرت معسكرات اللاجئين هناك واكتشفت أن اليمن هي الملاذ الأول للفارين من المعارك الطاحنة فى الصومال وأثيوبيا وإرتيريا واكشتفت وجود سماسرة لنقل اللاجئين ويطلبون 20 دولاراً لقاء نقل الفرد الواحد فهم ينتقلون جماعياً في قوارب صغيرة ويتعرضون احيانا للغرق وينجو القليل منهم ويضطرون أحياناً إلى تفريغ تلك الحمولات قبل كيلومترات من الشاطئ اليمني ولا يفكرون في من يجيد السباحة ومن لا يجيدها، لذا عندما سافرت وجدت نصفهم في عداد الموتى والقليل ممن كتبت له النجاة يذهب إلى وكالة غوث اللاجئين ليحصل على تاشيرة لاجئ ويضطر إلى العيش في ظروف سيئة جدا يتعرض فيها للأمراض والمجاعات والجرائم. أحاول المساعدة في حل هذه المشاكل من منظار إنساني وأعتبر أن مهمتي سفيراً هي استكمال اهتمامي بالفقراء والبسطاء. ربما لايعرف كثيرون أنني أغرقت طوال عمري بعالم السياسة من دون أن أشترك مباشرة. مذ كنت طفلا اهتم بقراءة الصحف ومتابعة حوادث الدنيا وأشعر بأنني مواطن ومن حقي أن أعرف كل شيء عن بلدي وعن البلاد الأخرى والمحيط العالمي الذي أعيش فيه، إلى حد أنني انضممت إلى حزب شيوعي يوم كنت طالباً في الصف الثاني الثانوي عبر صديق لي ما زلت أتذكر اسمه جيدا. إنه عادل بسيوني الذي كان يجلس بجانبي في الفصل وكانت له اهتمامات سياسية ولاحظ اهتمامي بأخبار البلد فدعاني إلى حضور اجتماع خلية تابعة لأحد الأحزاب السرية آنذاك وقبلت دعوته فعلاً وذهبت معه. هكذا وجدت نفسي عضواً في حزب العمال الشيوعي، رغم لم أكن أفهم عهد ذاك يعني إيه شيوعية، لكنني كنت مدفوعاً بشعور وطني وأريد أن أفعل أي شيء لمصلحة الغالبية الفقيرة في مصر وهذا ما كانت تنادي به التيارات اليسارية ومازالت».

الشيوعية

يحكي عادل إمام عن بداية علاقته بالسياسة: كانت بداية ونهاية، لأن علاقتي المباشرة بالخلية الشيوعية لم تستمر طويلاٍ. كانت ثورة يوليو قامت وكنت شاهدت جانباً من حريق القاهرة وسمعت عن أهوال ذلك وتأثيره على حياة الناس جميعاً. كنت أتعرَّف إلى الجانب الشعبي من تلك الحكايات من خلال جلوسي في قهوة عكاشة في الشارع الرئيسي القريب من بيتنا في حي الحلمية، كما كنت أسمع الكثير عن الحرب العالمية الثانية بين هتلر والحلفاء وكان الناس منقسمين بين هتلر وتشرشل ولم أكن أدري الكثير عن الأهوال التي تسببت بها هذه الحرب إذ كنت طفلاً صغيراً حين شبت الحرب وانتهت قبل أن أدخل المدرسة الابتدائية، لكنها بلا شك تركت آثاراً عميقة في كل شيء وفي أنحاء العالم كله وعرفت بعض هذه الأهوال عندما كبرت وتعلقت بالقراءة.

يضحك عادل متابعاً: «مثلما دخلت التنظيم الشيوعي بالمصادفة، وبطريقة تبدو عبثية خرجت أيضا بالمصادفة وبطريقة عبثية أيضا. كان مالوفاً في مثل هذه التنظيمات السرية أن يختار كل عضو لنفسه اسماً حركياً يتعامل به مع زملائه الآخرين كي لا يعرف أحد اسمه الأصلي بغية تأمين التنظيم في حالة القبض على أحد أعضائه، لكنني شعرت بالصدمة والغيظ إذ اختاروا لي أسماً حركياً هو اسمي الأصلي نفسه «عادل» وعملتها «زعلة» وقررت الخروج، ربما لأنني كنت أشعر في قرارة نفسي بأنني أنتمي إلى الشارع أكثر منه إلى تنظيمات سرية مغلقة. كانت السياسة أصغر من اهتماماتي. كنت أريد أن أتعامل معها من خلال الحياة ولا أريد أن اتعامل مع الحياة من خلال السياسة».

الطريف انني بعد خروجي بسنوات عرفت أن قائد تنظيم طليعة العمال الذي كنت عضوا فيه هو المناضل أبوسيف يوسف. رجل محترم ومخلص ظل مرتبطا بتنظيم طليعة العمال وقيادته حتى وحدة 8 يناير 1958، حين اشترك مع اسماعيل صبري وفؤاد مرسي وآخرين في الحزب الشيوعي المصري وحمل اسماً مستعاراً هو «الرفيق عباس»، لذا ضحكت مع بعض الزملاء بعد ذلك وقلت له: «يا راجل أبقى عادل وتختاروا لي اسم حركي عادل برضه، ليه مش «موريس» كما كان اسم الزعيم عبد الناصر في تنظيم الضباط الأحرار؟»

كان عادل يسخر في أعماقه من أي شعار يجرفه بعيدا عن مشاكل الناس، خاصة أنه ظل ملسوعا بنار تلك المشاكل منذ طفولته، لكن بعد ولوجه مرحلة الشباب استبدل شقاوته وسخريته من أهل الحارة بنوع من الفهم الثقافي لما يدور حوله. بدأ يدرك أن العالم أوسع من الحلمية: «يا سلام على تلك الأيام، كنت أتصور أن العالم ينتهي بعد بركة الفيل في السيدة زينب وأن الحياة تتوقف خلف مسجد الرفاعي. كانت تلك المساحة الممتدة بين القلعة وشارع الخليج عالماً رحباً وثرياً بالنسبة إليّ. لكنني اكتشفت أبعاداً أخرى للحياة عندما بدأت أقرأ الأدب وأتعرَّف إلى مسرحيات موليير بكل الهزل الذي تحمله وتراجيديات شكسبير بكل العمق الإنساني الذي تغوص فيه، بالإضافة إلى أساطين القدر الإغريقي مثل يوربيدس وسوفوكليس وأريستوفانيس، ثم بعد ذلك عرفت يوجين أونيل وتنيسي ويليامز وهنريك إبسن وجان بول سارتر وألبير كامو وآرثر ميلر وغيرهم، كما قرأت في التاريخ والدين والتصوف وعشت فترة من التصوف والدروشة متأثراً بتحولات خالي الذي أثَّر في تكويني أكبر تأثير».

لا يفصح عادل أبداً عن تفاصيل العلاقة مع والده جاويش الداخلية الصارم، لكن الإشارات القديمة لهذا الأب التقليدي الذي كان يعمل في مصلحة السجون في وزارة الداخلية المصرية برتبة «صول» تكفي كنقطة بداية لرسم خط بياني لعلاقة عادل إمام بالسلطة في حياته وفي العديد من أعماله. واللافت للنظر حقاً أن عادل، حتى الآن، عندما يتحدث عن والده يذكره مبوقا بلقب «عم إمام» مثلما كان يناديه في السنوات الأخيرة، كما أدلى في سنوات الفن الأولى ببعض التصريحات عن القسوة الشديدة التي كان والده يتعامل معه بها، بل ويتذكر تفاصيل هذه القسوة في صفعات و{شلاليت» وحالة من الخوف دفعته ذات مرة للتفكير في الهرب من البيت، لكن خطة «الهرب الكبير» لم تتم إذ كانت عابرة مثل حياة الفتى عادل في ذلك الوقت.

العلاقة المتوترة مع الأب وعدم القدرة على كرهه في الوقت نفسه لأسباب تتعلق بالتربية ونظرة المجتمع، أدت إلى نوع من التوتر الكامن في نفسية عادل وهو توتر نلمسه في سلسلة أفلام الاغتيال الفردي التي قام ببطولتها وأشهرها «الغول» و{حب في الزنزانة»، كما نلمسها في مرحلة الاقتراب من السلطة وخدمة بعض قضاياها السياسية للحرب ضد التيارات الإسلامية التي سماها البعض مكافحة الإرهاب. بدأ هذا الاقتراب بعد مبادرة عادل إلى تقديم مسرحية «الواد سيد الشغال» في إحدى قرى أسيوط، في مواجهة إحدى الجماعات المتطرفة التي ضربت فريقاً مسرحياً محلياً في قرية «كودية الإسلام» التابعة لمركز ساحل سليم في صعيد مصر. وبعد ذلك قدم عادل فيلمه «الإرهابي» الذي هاجمه الإسلاميون بعنف كما هاجمه آخرون ووصل الحال بالبعض إلى الترويج أن الفيلم من إنتاج وزارة الداخلية وأن عادل ينسق خطواته ومشاريعه الفنية لخدمة السلطة من أجل البحث عن دور وضمان رعاية حكومية بعدما تربصت به إحدى المؤسسات الإعلامية الحكومية وشنت عليه أكبر حملة هجوم في تاريخه. ويرد عادل إمام: «هذه اتهامات زائفة، فأنا لا أنتمي سوى إلى الناس. ذقت طعم الفقر وعشت أياما سوداء في حياتي لم يكن معي مليم واحد ومع ذلك لم أحمل غلا أو حقدا على أحد. لم أكن أجد ثمن اللقمة أحيانا أو كوب الشاي في القهوة، لذا لا أستطيع أن أفضل سُلطة أو حزباً على حزب «الناس الغلابة». جربت العمل مع الشيوعيين واقتربت من الإخوان والمتصوفة ووقفت في صف ثورة يوليو وصدقت الشعارات كلها، لكنني لم أشعر بأي قيمة إلا في صف الناس. لا أعتبر جرأتي في أعمالي الفنية لقربي من السلطة كما يدعي البعض، بل على العكس إني من أكثر الفنانين نقدا للسلطة والفساد واصطداما بالرقابة. أعمالي وسلوكياتي تؤكد دائما أنني لست فنان حكومة معينة أو سلطة ما. أنا مش بتاع حد. أنا فنان للجماهير وبس. صحيح أنني ابن مرحلة الثورة ووقعت في غرام عبد الناصر وكنت أعلق صورته في البيت مثل معظم أبناء جيلي، لكن النكسة كسرت داخلي شيئا مهما، إنما حبي لعبد الناصر وثورة يوليو لم ينكسر أبدا. ظل كما هو لأن عبد الناصر هو الذي جسد لنا حلم العروبة ومازال حلم الوطن العربي الكبير يملأ أعماقي وأشعر به في زياراتي الفنية للأقطار العربية. نحن نتحدث اللغة نفسها ونضحك للنكتة ذاتها ولا نكاد نشعر بفوارق إلا في السياسة. بصراحة شديدة، أشعر وأنا أقف على خشبة المسرح في أي مكان من أرض العرب بأنني أنا عادل إمام... أنا الجامعة العربية. داخل قاعة مسرحي يلتقي العرب من كل قطر، يجلس اللبناني بجوار السعودي بجوار الكويتي بجوار المغربي، كلهم يضحكون على موضوع واحد بلا ضغائن ولا خلافات. هذه هي الوحدة التي أتمناها وهذه هي السياسة التى أتمنى أن يحققها السياسيون».

يضيف عادل إمام: «هذا لايعني أنني أعتبر الأنظمة العربية كلها خائنة، لكنني تعلمت الاعتدال وأرى أن الله أعطانا عقلا لنفرز الطيب من الشرير فنهاجم المخطئ ونشجع المخلص. هذا ما أفعله في أفلامي فأنا انتقدت الانفتاح واللصوص والوزراء الفاسدين، لكنني أدافع أيضاً عن أي مخلص ولم أهاجم خلق الله عاطل في باطل».

المشكلة أن عادل إمام يخرج على النص أحيانا فيتسبب ببلبلة كبيرة ويتعرض لحملات هجومية مبالغ فيها أحيانا. ففي أول حوار تفصيلي تجريه مجلة «نيوزويك» الأميركية مع فنان عربي تحدث عادل إمام بجرأة جعلته في مرمى نيران معظم تيارات المعارضة الرافضة لتوريث السلطة في مصر ولبعض الآراء غير المحسوبة التي تحدث بها إمام في الحوار المطول الذي نشرته المجلة في مايو الماضي ودافع فيه عن بعض الوزراء من رجال أعمال وضرب مثلا وزير المالية المصري يوسف بطرس غالي، قائلاً إنه يعمل وآخرين بشكل جيد جدا، كما أشاد بوزراء الحكومة التي جاءت من لجنة السياسات في الحزب الوطني وقال إنها حكومة ناجحة حقاً. ووصف الوزراء الأثرياء من رجال الأعمال بأن «عيونهم مليانة» فهم أصحاب مليارات ولن يسرقوا واتهم المعارضة بالتشويش على إنجازات الحكومة والترويج بأنها حكومة الناس «اللي فوق» وليس الناس «اللي تحت». وقال إمام نَصير «حزب الغلابة» بالحرف الواحد: لا يمكن أن أجعل «كمساري» يمسك وزارة النقل مثلا، بل لا بد من إعطاء الأمر لأهل الخبرة. وقال: غير أنني أطالب بدور للبسطاء أيضا... قبل أن يعلن موافقته على ما يسمى بمسألة توريث الحكم في مصر.

تلك الضجة التي أثارها هي موضوع الحلقة المقبلة.

شبح الاغتيال يطاردني

بصراحة لا أثق في ما يشاع عن المراجعات الفكرية لجماعات التطرف الديني، لأن هذه المراجعات أعلنت من داخل السجون وستظهر التجربة حقيقة أفكارهم بعد خروجهم من السجن واحتكاكهم بالمجتمع. أراهن عامة على التاريخ الذي أثبت عدم استمرار هذه الجماعات وأن البقاء دائما يكون للمعتدل والأصلح.

أعرف جيدا أن اسمي في قوائم الاغتيالات التي تم ضبطها لدى العديد من الجماعات المتشددة. لا بد من أن أشعر بالخوف والقلق وأحيانا يطاردني شبح محاولة اغتيال نجيب محفوظ أديب نوبل الذي لم يسلم من هذا الأمر. لقد غرس بائع سمك سكينا في رقبته. أليس من حقي أن أشعر بالخوف مثل أي إنسان طبيعي؟! تخيل أنني أسير وأولادي في شوارع القاهرة فيخرج علينا واحد برشاش وينزل فينا «تاتاتاتا» فماذا أفعل؟ أحيانا أشعر بالقلق لكنني عندما أتذكر أنهم قتلوا السادات وهو وسط الجيش أرضى بقدري وأشعر بالطمأنينة وأقول لنفسي إن الله هو الحامي.

لست جورج كلوني

لقد ساهمت في حل مشاكل اللاجئين السودانيين الذين اعتصموا وسط القاهرة وأتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في ما يتعلق باللاجئين في اليمن وغيرها. وأسعى إلى معالجة مشاكل اللاجئين العراقيين الذين أصبحوا بالملايين، سواء داخل العراق أو خارجه في سورية والسعودية ومصر. وأنا مهموم بأحوال اللاجئين بعامة، لكن المشكلة دائما في الدعم المادي فهو غير كاف. الموازنة السنوية للمفوضية السامية للأمم المتحدة نحو بليون دولار ولا تكفي لسد حاجات 20 مليون لاجئ في العالم من أكل وشرب وإعاشة وتعليم وسواها.

البعض يقول أحيانا: لَِمَ لا يتبرع عادل إمام من أمواله، وأقول لهؤلاء إنني سأحصل على الملايين لو قمت بدعاية أو إعلان لشركة مياه غازية، لكنني قدمت إعلانا مجانيا عن اللاجئين يذاع في كل العالم، كما أنني لا أملك طائرة خاصة مثل جورج كلوني وأنجلينا جولي لأني أخاف من الطائرات أساساً.

أكره الديكتاتور

بوش هو الذي نشر الإرهاب فقد ضحك علينا جميعاً باسم محاربة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل في العراق فيما كان يسعى إلى تحقيق مصالحه. أنا أكره الديكتاتورية والديكتاتور ولم أكن أحب صدام حسين لأنه كان ديكتاتوراً. لكن انظر إلى العراق الآن. لقد ضاع فلا يستطيع طفل أن يلعب أمام داره ولا أب أن يحتفل بعرس ابنه ولا أم تستطيع أن تربي أولادها في سلام. أنا أبكي عندما أشاهد الأمهات العراقيات وهن ثكالى وحزانى فأين الديموقراطية التي تحدثوا عنها وأين العراق الذي سيصبح نموذجا للدولة الديموقراطية؟ انظر إلى ما يحدث في العراق الآن. لذا أتمنى من زعماء العراق أن ينسوا أي فئوية أو مذهبية ويسعوا إلى مصلحة العراق، وألاّ يعطوا الفرصة للإرهابيين والمحتلين كي يدمروا وطنهم. وأرجو أن تنسحب قوات الاحتلال وتترك العراق بسلام ويكفينا ديموقراطية وحرية على الطريقة الأميركية!

back to top