الدنيا حظوظ

نشر في 19-10-2007
آخر تحديث 19-10-2007 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

هناك ناس لعب الحظ لعبته معهم، ونقلهم بقدرة قادر من الخلف إلى الأمام، ومن تحت إلى فوق، وهناك ناس لديهم القدرة الفائقة على التلون والتكيف مع الأحداث والظروف، وهناك فئة لديها حظ غريب، ويصبح أحدهم صباحاً ليتلقى اتصالاً بأنه اختير وزيراً، وما يأتي الظهر حتى يصبح مستشاراً ولا يكاد يأتي المساء إلا ويصبح سفيراً.

لا داعي بعد الآن أن «يمط أحد براطمة» مستغرباً، أو أن يقف أحد فاغراً متعجباً لما يحدث في ديرتنا بلاد العجائب والغرائب، فما زال مسلسل الواسطات والمحسوبيات مستمراً من دون توقف وما عليك للحصول على منصب رفيع إلا أن ترتبط بالعروة الوثقى بأحد قطبين لا ثالث لهما: الأول قطب «صباحي» والثاني قطب «حكومي»، ولا عزاء بعدها للشهادات. والأمثلة على ما نقول كثيرة ومتعددة. خذ منها على سبيل المثال لا الحصر وزيرين سابقين أحدهما محام مغمور على باب الله، والآخر وكيل نيابة مغرور. دارت الدنيا دورتها معهما، وتوليا أكبر المناصب وأرفعها دونما جهد يذكر أو تعب يشكر، إذ قضيا سنوات طويلة في العمل الحكومي، ورحلا بعدها غير مأسوف عليهما من دون ترك أي بصمة أو أثر لدرجة أنهما أصبحا بعدها مثالاً سيئاً، ويشار إليهما بالبنان في المحسوبية والواسطة... ولا أبالغ إن قلت إنهما قتلا طموح أغلب الشباب المجتهد.

هناك ناس لعب الحظ لعبته معهم، ونقلهم بقدرة قادر من الخلف إلى الأمام ومن تحت إلى فوق، وهناك ناس لديهم القدرة الفائقة على التلون والتكيف مع الأحداث والظروف، وهناك فئة لديها حظ غريب، ويصبح أحدهم صباحاً ليتلقى اتصالاً بأنه اختير وزيراً، وما يأتي الظهر حتى يصبح مستشاراً ولا يكاد يأتي المساء إلا ويصبح سفيراً، وهذه الفئة من البشر يطلق الأخوة في مصر على حظهم السعيد بأن حظهم يشبه «حظ العوالم».

خلاصة القول عبارة عن نصيحة لكل حالم أو طامح في الكراسي والمناصب، لاسيما أننا على أعتاب تعديل حكومي وشيك، أن يوطد علاقته مع «قطبه» الصباحي أو الحكومي وأن يأخذ كل واحد «باله» من قطبه.

رحم الله الشيخ سالم الصباح رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فلقد كان شيخاً حقيقياً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فما زالت صورته مرسومة في ذاكرتي، وهو ضاحك بشوش في كل مرة يزورنا في ديواننا على «السيف»، لم يفكر في منصب ولم يسع إلى حكم، فقد كان حاكماً فعلياً ولا ننسى أن الحظ لم يحالفه كثيراً، وجزى الله المرض الذي أبعده عن الساحة، والشاعر دايم السيف يقول «لا تعجب ما على الدنيا عجب ... حكمة الرحمن خلاها تدور»!

back to top