يرتدينا حبة... حبة

نشر في 25-02-2008
آخر تحديث 25-02-2008 | 00:00
No Image Caption
 فوزية شويش السالم نصحني الشاعر الكبير «سعيد عقل» في بداياتي، نصيحة كان لها اثر في كتاباتي السابقة... قال اكتبي الشيء الجميل الذي يُعلي الوطن... يرفع شأنه و «يضوي» عليه، لأن القبح ليس من صفات الوطن... والشعر الجميل انعكاس محبتنا له.

وكلام الكبير «سعيد عقل» نابع من عشقه للبنان... للوطن الذي كتب له أجمل القصائد...

محبتنا لأوطاننا تدفعنا إلى أن نجسد هذا الحب بالقول والفعل... وهذا ما كتبته في صفحات كثيرة من كتبي... وهذا لا يعني ألا نكتب السلبيات، وما هو سيء... الكتابة في النهاية رؤية وعمل فني يتطلب التوافق مع شروطها.

لكن حب الوطن هو من يكتبنا... يأسرنا من الطفولة إلى اللحد... نتغذى بحبه من دون وعي منا...

يرتدينا حبة... حبة.

نحن نولد بحب الوطن... حب أرضه... وسمائه وكل ما يخصه. نغضب ونثور عند سماع ما يسيء إليه. لا نتحمل غيرنا يتكلم في شأنه، لأنه شأن لنا... لنا وحدنا... ويستحق كل ما نقدمه إليه. ليس منّة، ولكن مهما قدمنا فلن نوفّيه حقه، لذا وجب تنمية هذا الحب ومداراته، وزرعه في وجدان الأجيال المتعاقبة من أبنائه، والمحافظة عليه، وعلى كيانه، وعلى كل ما يخصه.

ولعل المدرسة والإعلام الممثل في الإذاعة والتلفزيون والجرائد، لها الدور الكبير في التربية الوطنية، وتغذية عقول وقلوب الأطفال واليافعين والشباب، وتنشئتها على حب الوطن.

ولكن ما نراه الآن لا يرتقي إلى ما كان عليه في الماضي... فالجرائد مثلا كل ما فيها يبعث على التشاؤم، ويشعرك بأن الوطن وكر للعصابات وللفساد، وللجرائم بأنواعها، وللانحرافات بكل أجناسها، بحيث باتت قراءة الجرائد تدفع إلى الخوف من هذا الوطن... الخوف منه والخوف عليه... كل ما يُكتب عنه سلبي وقبيح. هل وطننا فعلاً بات قبيحاً إلى هذا الحد؟

وهل وصل إلى هذه الدرجة من السوء؟

وهل هذا مناسب ليطلع عليه أولادنا... وليبعث فيهم التربية الوطنية؟

وما ينطبق على الجرائد ينطبق على التلفزيون والإذاعات والفضائيات، كلها تبث ما يثبط الهمة، ويقتل الأمل في التنشئة الصحيحة، ويُشعل الغرائز ببث أغاني الحب من الصباح إلى المساء بدون توقف... كأن لا عمل ولا هدف في هذه الدنيا إلا مغازلة الحب والصراخ العاطفي...

إنها تربية ولكنها من نوع خاص... تلائم عصر الانترنت والفضائيات... تربية للغرائز وتكريسها كشعار للوطن الجديد...

وطن قد لا يكون من نعيش عليه ونحيا بظله وبفضله... إنه وطن عولمة يُرسم من خارجنا وتكرس له مؤسساتنا تربية أولادنا...

أتمنى في هذا العيد الوطني للكويت أن يكون هناك مسابقات وأمثلة في حبه تدور طوال العام، وأغان وطنية تُكتب في كل المجالات، وأن تُبث في كل صباح، ولو مدة ثلاث دقائق في لجة الأغاني الغريزية، أغنيةٌ وطنية ترافق الأطفال واليافعين والشباب وهم متجهون إلى مدارسهم... وتنمي فيهم الحس الوطني الحقيقي... أغان سنقطف ثمارها بأسرع مما نتصور وهذا هو المهم.

back to top