الرجال ينزعونه بعد أيام قليلة والنساء يعتبرنه عربون ولاء خاتم الزواج بين التقاليد والحداثة
تبادل ارتداء «دُبلة» الخطوبة أو الزواج مدى الحياة هي من العادات الدخيلة على مجتمعاتنا العربية. ورغم التمدن الذي استوجب هذه العادة إلا أن البعض يرفضها متذرعاً بالعادات والتقاليد ويرى أن للدين رأياً مغايراً في الموضوع، في حين أن الذين يقبلون عليها يعتبرونها عادةً محببة، تدخل على النفس البهجة والسرور، إيذاناً ببدء حياة زوجية سعيدة.
لاقى ارتداء « الدبلة» رواجاً لدى معظم الأزواج على مر العصور، فهو أداة يترجمون من خلالها مشاعرهم المتبادلة. بالنسبة إلى المرأة هي دليل على ارتباطها وولائها لشريكها، أما بالنسبة إلى الرجل فهي قيد ونوع من الشكليات ليس إلا، لذلك يرفض إبقاءها في يده لاسيما في مجتمعنا. في المقابل، يحرص البعض على وضعها طواعية لإرضاء الشريك وإن ندر ذلك. من ناحيتها تبقى المرأة أسيرة رومانسيتها المفرطة وتعتبر استغناء شريكها عن خاتم الزواج إهانة وانتقاصاً لأنوثتها أو نذير شؤم أو بداية لخيانة الزوج. هل من الجائز أن يقاس الحب من خلال «الدبلة»؟ هل هي الدليل القاطع على حبّ الزوج لشريكة حياته؟ لماذا يرفض معظم الشباب الكويتيين وضعها بعد الزواج؟ غير معتادتقول أم عبد الله (55 عامًا، متزوجة منذ ثلاثين عامًا): «في شبابي حرصت على ارتداء «الدبلة» بخلاف «ابو العيال» الذي كفّ عن وضعها بعد العام الأول من ارتباطنا. لا أنكر انني حزنت لذلك إلا انني سرعان ما أدركت أن المعاملة الطيبة والتفاهم هما الدليل على الحب وليس المواظبة على وضع خاتم الزواج لأنّه مجرد شكليات. لا أضع « الدبلة» مع العلم أنني فعلت ذلك لفترة طويلة، لكن مع التقدم في العمر زاد وزني ولم يعد بوسعي وضعها. لا أزال محتفظة بها للذكرى فهي تُعد إرثاً بالنسبة لسيدة خمسينية مثلي».تجد أم راكان (26 عاماً، متزوجة منذ أربعة أعوام) في «الدبلة» نوعاً من الوفاء والولاء للطرف الآخر. توضح: «اضع الدبلة» دائماً، على عكس زوجي الذي وضعها في بداية زواجنا ولمدة شهر فحسب بعد إلحاح مني. كنا نتشاجر دائماً بسبب إهماله لها وكنت أجدها في الحمام تارة وفوق الطاولة طوراً. فمللت من الإلحاح الدائم وفضلت الصمت». تتمنى أم راكان أن يضع زوجها خاتم الزواج لكنه، كما تقول، يعلّل دائماً سبب عزوفه بأنه غير معتاد على وضع شيء في يده.مسموح به يحدّد محمد نايف (متزوج منذ أربعة أعوام) هذه العادة بأنّها دخيلة من الناحية الاجتماعية أي انها تشبّه بالغرب. فالرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يضع قيوداً تلزم الرجل أو تمنعه من وضع «الدبلة»، فالذهب بطبيعة الحال محرم على الرجل والفضة مسموح بها. ويقول: « الدبلة دخيلة على مجتمعنا الخليجي كما أنّ التشبه بالنساء محرم، لذلك فضلت الابتعاد عنها. كما انني أؤمن بأن الرابط بين الزوجين هو الاقتداء بكتاب الله وبسنة رسوله والتفاهم والاحترام في ما بينهما. و«الدبلة» نوع من الشكليات ليس إلا». ويوضح نايف أنّ زوجته تضع خاتم الزواج، وانّه لا يمانع ذلك لأن الزينة وجدت للمرأة بحسب قوله. لا يعبر وضع «الدبلة» بالنسبة إلى نبيل وهبي (متزوج منذ ثمانية أعوام) عن مكنونات الرجل ولا عن وفائه للطرف الآخر، مشيرًا الى انه من الممكن أن يكون الرجل وفياً لزوجته من دون الحاجة إلى «الدبلة» وفي المقابل قد يكون خائنًا رغم مواظبته على وضعها دائمًا. يعتبر وهبي ان خاتم الزواج لا يدل على مقدار الحب والوفاء نهائياً. يوضح في هذا المجال: «لا أحب وضعها، لأني لم اعتد وضع الخواتم في أصابعي بصورة عامة. طبقت هذه العادة لإتمام مراسيم الزواج ومن ثم فضلت الاحتفاظ بها، مع العلم أني أحب زوجتي حباً شديداً وأحتفظ بصورتها في محفظتي دائمًا».في السياق نفسه يقول محمد الدوسري (متزوج منذ 22 عاماً): «في بداية زواجي وضعت «الدبلة» لمدة عام، لم أحبذ الاستمرار في ذلك لأنني لا اشعر بالارتياح وهي في يدي، كذلك لم تعد زوجتي ترتديها اليوم». يعتبر الدوسري أن «الدبلة» ليست أساسية في استمرار الحياة الزوجية، فالحب والتقدير هما اساس هذه الحياة وأن أقوى الروابط تنبع من القلب بعيداً عن الشكليات.مرصعة بالماسيشير عباس مراد (أحد الصاغة) إلى أن النساء في الكويت عمومًا يقبلن على شراء «الدبل» التي تترواح أسعارها بين 300 و1000 دينار ويقول في ذلك: «غالباً ما تفضل السيدة «الدبل» المرصعة بالألماس فهو الحجر الأقرب إلى قلبها بطبيعة الحال، كما انها تجد متعة في التباهي بها يوم زفافها أمام أهلها وأقرانها كدليل على حب زوجها لها».أما بالنسبة إلى الرجال فيوضح مراد انهم يفضلون شراء «الدبلة» الخاصة بهم من الفضة الخالصة الرخيصة الثمن، معلّلين ذلك بأنهم لن يضعوها إلا يوم الزفاف وسينزعونها بعد انتهاء مراسم الزفاف.رأي الدين روى أصحاب السنن باستثناء الترمذي أن ابن زرير الغافقي سمع علي رضي الله عنه يقول : «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: «إن هذين حرام على ذكور أمتي». ورواه الإمام أحمد أيضا في المسند. وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم». وقال النووي رحمه الله : «وأما خاتم الذهب فهو حرام على الرجل بالإجماع».قدماء اليونان يعتقد البعض أن وضع الخاتم في الإصبع الرابع أي البنصر من اليد اليسرى يعود إلى قدماء اليونان الذين كانوا يعتقدون بأن هناك عرقاً عصبياً خاصاً يمرّ من هذا المكان إلى القلب مباشرة، لذلك كان دليلاً على أسر القلب أو امتلاكه من قبل شخص آخر، وأن شكل الخاتم الدائري يدلّ على الكمال لأنّ الدائرة ترمز إلى الشيء الذي لا نهاية له.