الديموقراطية لا تعني حق الأغلبية أو حكمها

نشر في 13-12-2007
آخر تحديث 13-12-2007 | 00:00
 د. عبدالمالك خلف التميمي

إن ديموقراطية الأغلبية يمكن أن تتحوّل إلى دكتاتورية الأغلبية، فهل نجاح الأغلبية الشيعيّة في العراق دليلٌ على الديموقراطية؟ وهل نجاح «حماس» في انتخابات فلسطين دليلٌ على الديموقراطية؟

في العالم الثالث تبقى الديموقراطية -مفهوماً وممارسة- أمراً ملتبساً من جهة، وتطبيقاً مغايراً للأهداف النبيلة للديموقراطية الحقيقية من جهة أخرى، والمنطلق الرئيسي الذي يراه الكثيرون في عالمنا العربي هو أن الديموقراطية تبني على حق الأغلبية وحكمها! فإذا كانت صناديق الاقتراع هي الحكم، وهذه الصناديق يمكن الاستحواذ على أكثرية الأصوات فيها بطرق غير مشروعة فكيف نسمي نتائجها ديموقراطية، ثم نكتفي بعد ذلك بالقول هذه هي الديموقراطية ونحتكم إلى صناديق الاقتراع؟! لقد حدث ويحدث في ما يسمى بتجاربنا العربية الديموقراطية تزييفٌ لإرادة الأغلبية، إما بفعل تأثير السلطة القائمة أو بفعل التدخل والتأثير الخارجي أو بفعل تأثير قوى سياسية واجتماعية في الداخل للحصول على الأغلبية... والغاية تبرر الوسيلة.

ولدينا في الواقع أمثلة عديدة على ذلك، فعندما تكون الأميّة مستشرية في مجتمع ما وتجري الانتخابات فيه، كيف تكون نتائجها إيجابية عندما يحصد المرشحون أغلبية الأصوات؟! وكيف تكون الأغلبية دليلاً على الديموقراطية في مجتمع تستحوذ فيه الأغلبية على النتائج بفعل الوضع الاجتماعي الطائفي والعرقي والفئوي في المجتمع؟! وكيف يكون نجاح الأغلبية دليلاًً على الديموقراطية في إسرائيل عندما تضطهد الأغلبية الإسرائيلية الأقلية الفلسطينية؟! وهل نجاح الأغلبية الشيعيّة في العراق دليلٌ على الديموقراطية؟ وهل نجاح «حماس» في انتخابات فلسطين دليلٌ على الديموقراطية؟ إن ديموقراطية الأغلبية يمكن أن تتحوّل إلى دكتاتورية الأغلبية.

إنّ الديموقراطية الحقيقية هي التي تضمن لجميع فئات الشعب حقوقها، وليس التي تنفرد فيها الأغلبية بهذه الحقوق... إن حقوق الإنسان للأقليات هي جوهر الديموقراطية، وقد تتذرّع سلطة أو فئة مسيطرة بأنها تمثّل الأغلبية وهي تضطهد الأقلّيات، ولدينا في مجتمعنا الصغير الكويت أمثلة على بعض تلك الممارسات تحت مظلة الديموقراطية، فقد يحصل أحد المرشحين في منطقة انتخابية على أغلبية قبلية، وآخر على أغلبية طائفية، وثالث على أغلبية بفعل شراء الأصوات، فهل هذا المرشح الذي نجح يمثّل الأمة، وجاء إلى البرلمان أو الحكم عن طريق ديموقراطي حقيقي، ولا يلجأ إلى اضطهاد الأقلّية؟

يبدو أننا بحاجة إلى إعادة النظر في مفهوم الديموقراطية وتطبيقاتها في العالم العربي لأن فهم الديموقراطية وتطبيقها مختلفان في البلدان المتقدّمة عنهما في البلدان النامية والمتخلّفة.

وللإجابة عن السؤال الذي يطرحه ممثلو الأغلبية وهو: إذا لم يكن حكم الأغلبية وحقها هما الديموقراطية فما الديموقراطية إذاً؟ علينا أن نؤمن بالتعددية السياسية وحفظ حقوق الإنسان، وتداول السلطة لتحقيق الديموقراطية وليس حق الأغلبية وحكمها بشكل مطلق دليلين على الديموقراطية، خصوصاً في مجتمعاتنا النامية المتخلفة.

back to top