الطبطبائي والمسلم قدّما استجواب الوزيرة المبارك بعد استقالتها

نشر في 26-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 26-08-2007 | 00:00
No Image Caption
قدم النائبان وليد الطبطبائي وفيصل المسلم صباح أمس استجوابا لوزيرة الصحة العامة الدكتورة معصومة المبارك أتى بعد فترة 7 اشهر من تقديم استجواب مماثل لوزير الصحة السابق الشيخ أحمد العبدالله الصباح، أدى إلى استقالة الحكومة آنذاك.

ويأتي الاستجواب المقدم في محورين ومكون من ثماني صفحات كأول استجواب يقدم لوزيرة كويتية، فضلا عن أن المبارك هي أول شخصية نسائية يتم توزيرها في الكويت بعد إقرار قانون حقوق المرأة السياسية عام 2003.

ويتركز المحور الأول للاستجواب حول تجاوزات وزيرة الصحة في ملف العلاج بالخارج، حيث عرض المستجوبان ما أطلقا عليه بعض «الأدلة» على تجاوز الوزيرة قرارات أصدرتها الوزارة ومجلس الوزراء بشأن العلاج بالخارج، ذلك بينما تركز المحور الثاني على حريق مستشفى الجهراء واستمرار التدهور في الخدمات الصحية، وهي أمور سبق أن طرحت في استجواب وزير الصحة السابق عن وجود إهمال كبير في قطاع الشؤون الهندسية بوزارة الصحة، ما أدى في النهاية إلى فشل أجهزة الأمن والسلامة أثناء حريق المستشفى.

واحتوت صحيفة الاستجواب على بعض الوثائق الدالة على المحاور، تلخصت في بعض التفاصيل بشأن العلاج بالخارج وبعض الاستثناءات التي قامت بها الوزيرة.

إن صحيفة الاستجواب هذه تتناول موضوعا من أهم الموضوعات التي يجب أن يتصدى لها مجلس الأمة الموقر، وهو يتمثل في صحة المواطنين والمقيمين في دولة الكويت والتدهور في الأوضاع الصحية الذي جاء نتيجة للإهمال والتسيب والفساد داخل وزارة الصحة والمخالفات التي وقعت من وزير الصحة الدكتورة معصومة المبارك بشكل مباشر وغير مباشر في ملف العلاج بالخارج ثم جاءت المصيبة الكبرى في الحريق الأخير الذي وقع في مستشفى الجهراء الذي راح ضحيته عدد من مرضى المستشفى، فضلا عن الإصابات والخسائر المادية، ومع ذلك نود أن نؤكد أنه قد سبق تقديم هذا الاستجواب ومن باب مد يد التعاون، استخدام أدوات عديدة للرقابة، من مثل السؤال البرلماني وطلبات المناقشة وأخيرا التلويح بالمساءلة باستخدام أداة الاستجواب، وهي من أهم أدوات الرقابة السياسية تطبيقا لجوهر المسؤولية الوزارية، إلا أنه ومع الاسف تواصل تجاهل السيدة الوزيرة لتنبيهات وتحذيرات أعضاء مجلس الأمة وفئات أخرى في المجتمع الكويتي، الأمر الذي دفعنا إلى أن نضع هذا الاستجواب بين يدي الإخوة النواب الأفاضل واثقين بحكمهم في هذه القضية المهمة.

جاءت وزيرة الصحة اثر استجواب أطاح بسلفها الشيخ أحمد العبدالله الصباح تضمن محاور عديدة أبرزها محور تجاوزات العلاج بالخارج، وقد اعترفت وزيرة الصحة بتصريح لها في جريدة «القبس» بتاريخ18/8/2007 تقول فيه «إن وزارة الصحة معرضة للاستجواب مما جعلني أطلع عن كثب على محاور الاستجواب ومشاكل الوزارة وليس فقط استجواب العبدالله بل حتى الجارالله، فالاستجواب وصفة جاهزة لا سيما ما يخص ملف العلاج بالخارج وهو الملف المتضخم...» مضيفة «أدركت أن هذا الملف على جانب كبير من الأهمية سياسيا قبل أن يكون مهنيا» مع إدراكها أن هذا الملف خاضع للتحقيق في مجلس الأمة في أكثر من لجنة برلمانية.

وسعيا منها إلى تنظيم اجراءات العلاج بالخارج قامت وزيرة الصحة بإصدار قرار وزاري رقم 25/2007 ينص في المادة الأولى منه على «يقتصر ايفاد المواطنين للعلاج بالخارج على الحالات الحرجة والمستعصية والتي لا يوجد لها علاج في دولة الكويت ويتوافر لها علاج بالخارج، ويتم بناء على موافقة اللجان الطبية التخصصية واعتماد مدير المستشفيات التابع لها المريض أو المراكز التخصصية بوزارة الصحة وكذلك اعتماد اللجنة الطبية العليا والسيد الوكيل لها...».

إلا أن الطامة الكبرى تمثلت في أن سلوك الوزيرة الفعلي والعملي قد جاء متناقضا بل ناسفا مستخفا بالاستجواب السابق الذي زعمت أنها درست بنوده واستفادت من محاوره وبلجان التحقيق البرلمانية التي اعترفت أنها حضرتها وبالقرارات واللوائح التي أصدرتها زاعمة أنها ستقضي على الفوضوية والتجاوزات في علاج المواطنين بالخارج وأيضا متناسية كل تصريحاتها السابق ذكرها باحترام القرارات واللجان التخصصية واللجنة العليا صاحبة الشأن في هذا الملف... وفي ما يلي نورد غيضا من فيض من الأدلة التي تؤكد كل ما سبق:

الدليل الأول

في 1/5/2007 أرسل مدير إدارة العلاج بالخارج خطابا موجها إلى رئيس المكتب الصحي في لندن بخصوص تمديد علاج مريضة أوصت اللجنة العليا عدة مرات بعودتها من الخارج لتوافر علاجها بالكويت، نصه «بناء على تعليمات معالي وزيرة الصحة الموقرة، الرجاء العمل على تمديد العلاج بالخارج إلى حين توفير تقرير طبي حديث عن حالة المريضة... (انظر وثيقة رقم1)». فأين الالتزام الذي تدعيه وزيرة الصحة بأن القرار طبي لا يحق لا للوزير ولا للوكيل أن يتدخلا في هذا الشأن؟

الدليل الثاني

في تاريخ 29/4/2007 أرسل ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء خطابا موجها إلى وكيل وزارة الصحة يطلب فيه «نظر ودراسة» حالة أحد المرضى وإيفاده للعلاج بالخارج «إذا استدعى الأمر» وهو ما قام به وكيل الوزارة بالنيابة بإحالته إلى اللجنة العليا لدراسة الحالة، ورغم أن الخطاب موجه إلى السيد الوكيل وتعامل معه وفقا للاجراءات فإن وزيرة الصحة صاحبة القرارات والتصريحات الإعلامية البراقة أبت أن يأخذ الخطاب مجراه الطبيعي على يد اللجان التخصصية فقامت بسحب المعاملة في 9/5/2007 وأشّرت على الخطاب بالآتي «الأخ الوكيل المحترم... احتراما لاهتمام سمو رئيس مجلس الوزراء بالحالة... أرى أن تتم له الموافقة...» (وثيقة رقم2).

فهل هذه التأشيرة يا سعادة الوزيرة منسجمة مع القرارات التي قمت بإصدارها والتصريحات التي ترددينها ام ان التزلف إلى رئيس مجلس الوزراء هو ما اردتيه رغم ان سموه طلب دراسة الحالة وفقا للاجراءات المتبعة فقط؟ فلو كان مواطنا عاديا بالحالة المرضية نفسها هل كان سيحظى بالاهتمام نفسه ويحصل منك على التأشيرة نفسها وانت صاحبة التصريح الشهير «لا احمل قلم التجاوزات» في 2007/3/29 اليوم الاول الذي دخلت فيه الوزارة؟!

الدليل الثالث

وهو الفضيحة المتمثلة في اعتراف مدير ادارة العلاج في الخارج بالوكالة د.حسن العوضي على وزيرة الصحة بتدخلها المباشر وغير المباشر في تقرير مَن يرسل للعلاج إلى الخارج ومَن يمدد له وغير ذلك من اختصاصات اللجنة العليا للعلاج بالخارج بالخطاب الذي ارسله إلى الوزيرة في 2/5/2007، وذلك بقوله «وصول اوامر شفهية لاصدار قرارات بخصوص ارسال إلى الخارج او التمديدات او اضافة مرافق ثان او رفع درجة تذاكر من دون عرض الموضوع على اللجنة العليا». وايضا قوله «كثير من المعاملات الواردة من مكتبكم لم تستوف المستندات المطلوبة... وعلى سبيل المثال -والكلام للمدير- التقرير الطبي ناقص او لا يوجد (!) او قديم لاكثر من سنة...».

لقد كان من ابرز محاور استجواب وزير الصحة السابق الشيخ احمد العبدالله ملفات تدل على اهمال كبير وتجاوزات وفساد في قطاع الشؤون الهندسية بوزارة الصحة تم اثباتها وتركيز الضوء عليها من قبل الاخوة المستجوبين في جلسة الاستجواب، وكان اجدر بوزيرة الصحة ان تستفيد من هذا الامر لتلافي الاخطاء ومعالجة القصور، الا ان شيئا من ذلك لم يحصل وانما تكررت الحرائق في مستشفيات وزارة الصحة خلال الاشهر الماضية وكان ذروتها كارثة الحريق الذي وقع في مستشفى الجهراء بتاريخ 23/8/2007 .

ومع ايماننا التام بالقضاء والقدر الا ان لكل حادث اسبابا، وكارثة الجهراء كشفت عن الخلل الحقيقي في استعدادات الوزارة لمواجهة مثل هذا الامر، فلقد نشرت جريدة «القبس» في اليوم التالي تحت عنوان «أوجه الخلل والقصور»: «كشف الحريق اوجه الخلل في اجهزة الامن والسلامة في المستشفى وتمثلت حسب تأكيد العاملين في اداراة المستشفى ورجال الاطفاء في:

1 - خلل في جهاز انذار الحريق.

2 - ابواب الطوارئ لم تفتح اثناء الحريق.

3 - لا وجود لمراوح تهوية في المستشفى.

4 - جهاز المكافحة الذاتي لا يعمل.

ومما يؤكد عدم وجود خطة طوارئ متكاملة معتمدة من قبل وزارة الصحة لمواجهة مثل هذه الكوارث ما حدث في مستشفى الجهراء وقت الحريق والذي اثبت ذلك بشكل واضح، فلا ادارة المستشفى ولا الطاقم الطبي والتمريضي ولا المرضى او المراجعون لقوا التوجيه المناسب او عرفوا كيف يتصرفون! ونتيجة للخوف والهلع بدا الكل يجتهد مما ادى الى اخراج مرضى المستشفى تحت اشعة الشمس الحارقة في عز الظهيرة في شهر اغسطس من دون عناية او رعاية انتظارا لنقلهم الى مستشفيات اخرى! وهو ما اكده ايضا تصريح مدير ادارة الاطفاء في محافظة الجهراء بالوكالة احمد المذن ونشرته جريدة «القبس» في24/8/2007 بقوله «هناك قصور في مستشفى الجهراء... اعاق عملية اخماد النيران وكادت تحدث كارثة»، ثم اضاف المذن ان «غياب التنسيق بين الجهات ذات الصلة في الحادث سبب ارتباكا في عملية الاطفاء، كما ان المسؤولين في المستشفى اخفوا معلومات مهمة عنا مما صعب مهمتنا».

هذه الفضيحة التي نتج عنها وفيات واصابات بالغة وخسائر مادية فادحة كان من الممكن تلافيها لو تم الاستماع لنصائح الناصحين وتحذيرات المخلصين بوجوب معالجة الاختلالات الكبرى في قطاع الشؤون الهندسية والصيانة والخدمات وذلك باختيار الشركات ذات الكفاءة وتفعيل المراقبة والمحسابة لا المجاملات والتنفيع على حساب ارواح الناس وصحتهم، وخشية تكرار مثل هذه الكارثة في غيرها من المستشفيات والمراكز الصحية مستقبلا نقف امام مسؤوليتنا التي ائتمننا عليها الشعب الكويتي بتحريك المساءلة السياسية لوزيرة الصحة المحترمة.

back to top