صولة الفرسان ترتد عكسياً على المالكي... وتعزز قوة الصدر الحكومة تزيد عديد قواتها في البصرة... ولندن ترجئ الانسحاب

نشر في 02-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 02-04-2008 | 00:00
No Image Caption

بعد توقف المعارك بين القوات الحكومية وميليشيا «جيش المهدي»، تسود حالة من الهدوء النسبي الحذر عدة مدن في جنوب العراق خصوصا مدينة البصرة، في حين تجمع معظم الآراء على أن الحملة العسكرية التي أطلقها المالكي في البصرة، عززت قوة «التيار الصدري» السياسية.

أحدثت الحملة التي شنها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد ميليشيا «جيش المهدي» في مدينة البصرة الجنوبية آثارا عكسية، إذ أظهرت نقاط الضعف في القوات الحكومية وعززت قوة خصومه السياسيين قبيل الانتخابات.

وكشفت الحملة عن خلافات عميقة داخل الأغلبية الشيعية بين الاحزاب السياسية في حكومة المالكي وأنصار مقتدى الصدر الذي يتمتع بشعبية كبيرة. إلا ان المالكي أكد أمس، نجاح خطة «فرض القانون» في محافظة البصرة في تحقيق أهدافها.

وقال رئيس الوtزراء العراقي في بيان، «بعد نجاح الخطة الأمنية في تحقيق أهدافها بفرض القانون في محافظة البصرة سيتم تعزيز القوات الأمنية هناك بعشرة آلاف جندي». وأضاف «قررنا إرسال وكلاء الوزارات الخدمية لتعزيز وتطوير وتقديم الخدمات إلى المواطنين في محافظة البصرة، وايقاف التجاوزات على أراضي الدولة والممتلكات العامة، وإيجاد حلول مناسبة لذلك».

كما أعلن المالكي أيضا تحويل القصور الحكومية الى منتجعات سياحية لمصلحة أهالي محافظة البصرة.

في موازاة ذلك، أعلن وزير الدفاع البريطاني ديس براون أمس، ان بلاده قرّرت تأجيل تخفيض عديد قواتها في العراق المقرر أساسا في الربيع، بسبب الوضع في منطقة البصرة.

وقال براون، في كلمة في البرلمان، «يملي علينا الحذر على ضوء أحداث الاسابيع الماضية (في البصرة) التريث قبل إجراء عمليات تخفيض جديدة لعدد القوات»، مذكراً بأن حوالي أربعة آلاف جندي بريطاني ينتشرون حالياً في العراق في محيط البصرة.

وقف المداهمات

وأفاد المتحدث باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا «قيادة خطة فرض القانون» ان رئيس الوزراء امر بـ«ايقاف كل المداهمات والاعتقالات من دون أمر قضائي»، مشددا في الوقت ذاته على «استخدام الحزم والقوة ضد كل الخارجين عن القانون والحاملين السلاح».

وفي هذه السياق، قال مدير عمليات وزارة الدفاع اللواء الركن عبدالعزيز محمد العبيدي، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس، إن «القوات المسلحة العراقية بدأت حملة أمنية لتطهير بعض المناطق في مدينة البصرة من المجرمين والمطلوبين للقانون ومن حملة السلاح». وأضاف «اليوم تكاملت جميع التعزيزات للعمليات في البصرة، وسنبدأ بعمليات التطهير والتفتيش ولن نتوقف حتى يستقر الوضع ويكون آمناً».

مرحلة جديدة

ويقول محللون ان العراقيين ربما على وشك ان يشهدوا مرحلة جديدة في دائرة العنف المهيمنة منذ بدء الحرب عام 2003، والتي يمكن ان تمزق البلاد وتورط القوات الاميركية بدرجة أكبر.

ورأى مصطفى علاني، وهو محلل في «مركز بحوث الخليج» ومقره دبي، ان «شهر العسل لن يدوم طويلا ولاسيما ان موعد الانتخابات يقترب».

واعتبر علاني ان هدف المالكي الاساسي هو التحضير للانتخابات، مضيفاً «يحتاجون الى نزع سلاح الصدر والميليشيا الاقوى في المدينة (البصرة)، التي ستسيطر على الانتخابات».

لكن مساعدي الصدر يقولون ان «جيش المهدي» لن يتخلى عن سلاحه فيما اثار احتمالات وقوع مواجهة اخرى، إذ يقول الجيش العراقي انه سيستمر في عملية البصرة.

ومن المقرر ان تجري الانتخابات المحلية بحلول اكتوبر المقبل، حيث يخوض «التيار الصدري» الذي قاطع الانتخابات الاخيرة في عام 2005 منافسة قوية من اجل السيطرة، مع «المجلس الاعلى الاسلامي»، على الجنوب المنتج للنفط.

وقال حازم النعيمي وهو محلل سياسي مقره بغداد، ان المواجهة لم تنته بعد، وانها مجرد هدنة والانتخابات المحلية ستفجر المعركة مرة أخرى.

وأشاد مسؤولون اميركيون وبريطانيون بالعملية التي أطلقها المالكي ضد «جيش المهدي في 25 مارس الماضي، باعتبارها «دليلا على القوة المتنامية للجيش العراقي»، لكن بحلول السبت الماضي تعثرت بدرجة كبيرة بعد ان فشلت القوات العراقية في اخراج المسلحين من معاقلهم.

والامر المحرج هو ان وزير الدفاع العراقي عبدالقادر العبيدي اضطر الى الاعتراف بأنه رغم الاجراءات الكثيرة التي اتخذت للتحضير للعملية، فإن قواته لم تكن مستعدة لمثل هذه «المقاومة الشرسة»، علماً بأن القوات الأميركية والبريطانية تدخلت وشنت هجمات بالطائرات والمدفعية لدعم القوات العراقية.

ضعف الدولة

وقتل مئات في اعمال العنف التي تسعى قوات الامن العراقية الى احتوائها بمساعدة الجيش الاميركي.

ورأى عزت الشاهبندر، وهو سياسي من «القائمة العراقية الوطنية» ان ما حدث «أضعف الحكومة وأظهر ضعف الدولة»، موضحاً «الان أصبحت قدرة الدولة على السيطرة على العراق موضع تساؤل».

وقال أستاذ سياسات الشرق الاوسط في جامعة اكستر الانكليزية جاريث ستانسفيلد ان المالكي «خاطر بمصداقيته السياسية في عرض اظهار القوة في البصرة وخسر». وأوضح «مصداقية المالكي اطلق عليها الرصاص في هذه المرحلة. فقد اعتقدت حقا ان قوات الامن التابعة له يمكنها ان تفعل ذلك. لكنه فشل».

وبينما سعى المالكي الى تصوير العملية على انها محاولة لاستعادة سيطرة الحكومة على البصرة وشن حملة ضد «المجرمين» وليس ضد الاحزاب السياسية، يعتقد كثير من المحللين ان وراء هذه الحملة دوافع سياسية.

ويخوض «المجلس الاعلى الاسلامي» العراقي، وهو أكبر حزب في الحكومة وحليف لحزب «الدعوة» الذي يتزعمه المالكي، معركة من اجل السيطرة على البصرة في حرب عنيفة في الغالب تضعها في مواجهة ضد «التيار الصدري» و«حزب الفضيلة» الاصغر الذي يسيطر على صناعة النفط المحلية.

وقال جبر سبهان، وهو موظف حكومة في البصرة، «صحيح انه لا توجد اشتباكات أو مسلحين أو انفجارات لكن الموقف مازال خطيرا، انني لا اثق في كلمات السياسيين».

الصدر يشكر أتباعه

ووجه مقتدى الصدر الى اتباعه أمس، بيانا كتبه بخط يده، قائلا فيه «الشكر لكم من الله وليس مني على تجشمكم الصعوبات، وعلى صبركم وطاعتكم وتكاتفكم ودفاعكم عن شعبكم وارضكم وعرضكم»، وأضاف «والسلام على المجاهدين الذين لم يجعلوا للعدو مكانا امنا، وجعلوا من المحتل عدوا لهم ومن الشعب صديقا لهم».

ودعا الصدر أتباعه الى حشد جهودهم من أجل «مواجهة العدو الأكبر»، في إشارة الى القوات الاميركية في العراق.

(بغداد، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)

back to top