جامع أبي دلف في سامراء... يعود إلى عام 247 هـ
بعد تشييد سامراء لتكون حاضرة للخلافة العباسية، شرع الخليفة المتوكل علي العباسي في بناء حاضرة أو بالأدق ضاحية ملكية على مقربة منها وقد عرفت هذه الضاحية باسم المتوكلية أو الجعفرية، ولكن مقتل الخليفة بعد أقل من عام من استكمال بناء الضاحية أدى إلى مغادرة السكان للمتوكلية في بداية عام 248هـ وهدم منازلها وقصورها ولم يبق من عمران هذه الضاحية سوى مسجدها الجامع المعروف باسم جامع أبي دلف.يقع هذا الجامع في القسم الشمالي من الجعفرية أو المتوكلية ولايزال يحتفظ بأغلب معالمه الداخلية على العكس من مسجد سامراء الجامع.
يحتل الجامع مساحة مستطيلة طول ضلعها من الشمال إلى الجنوب 213م ومن الشرق إلى الغرب 135م وكانت تحيط به جدران لزيادة خارجية تهدمت أغلب أجزائها.ويتبع جامع أبي دلف في تخطيطه طراز المساجد الجامعة ذات الصحن الأوسط المكشوف والظلات الأربع، وأهم الظلات وأكبرها ظلة القبلة التي يبلغ عمقها حوالي 40 متراً وهى مؤلفة من رواقين تسير عقود البائكة التي تفصل بينهما بموازاة جدار القبلة. وعرض كل رواق يصل إلى اربعة أمتار. أما البائكة فهى عبارة عن ثماني عشرة دعامة مستطيلة الأبعاد, واثنتان منها مندمجة في طرفي جدار الظلة من الشرق والغرب.وتظل ظلة القبلة على الصحن ببائكة تتألف من 14 دعامة يعلوها ثلاثة عشر عقداً مدبباً. ويتوسط جدار القبلة محراب مجوف وتبرز كتلة المحراب إلى الخارج بمقدار 2,44م، وثمة مدخل يقع إلى يسار المحراب وهو يؤدي إلى بناء مستطيل شيد خلف المحراب (43م × 35م) وبه عدد من القاعات المفتوحة على ساحات مكشوفة ويغلب على الظن أن هذا البناء إنما كان يستخدم كدار للإمارة ينزل بها الخليفة للاستراحة قبل الصلوات الجامعة. والظلة الشمالية المواجهة لظلة القبلة مماثلة لها وعقود بوائكها المدببة محمولة على دعامات مشيدة بالآجر، أما الظلتان الشرقية والغربية فماثلتان ويبلغ عمق كل واحدة منهما 14 متراً وتتألف كل ظلة من رواقين عموديين على جدار القبلة.وتطل ظلات الصلاة على الصحن ببوائك زينت عقودها بزخارف هندسية تتألف من ثلاثة مستطيلات متداخلة غائرة مشيدة من الآجر بوسطها حنية ضيقة معقودة.ولجامع أبي دلف ثمانية عشر مدخلاً، ثلاثة منها في الجدار الجنوبي وثلاثة في الجدار الشمالي الأوسط منها يفضي إلى ممر المئذنة، وستة أبواب في كل من الجدارين الشرقي والغربي، والغرض من تعدد الأبواب هو تيسيير دخول وخروج المصلين الذين يؤدون الشعائر في هذا الجامع الهائل المساحة.ويشتهر جامع أبي دلف بمئذنته التي تشبه إلى حد كبير ملوية جامع سامراء، وقد شيدت هذه المئذنة خارج الزيادة الشمالية للمسجد على بعد حوالي عشرة أمتار من واجهة الجدار الشمالي، على امتداد محور المحراب، وهى بحسب بعض الآثاريين تبدو صورة مصغرة من ملوية سامراء فهى تتألف من قاعدة مربعة طول ضلعها 11,20م ويزين جوانبها مجموعة من الدخلات المستطيلة الشكل ويتوسط ضلعها الجنوبي المدخل المؤدي إلى أعلى المئذنة. وترتفع المئذنة ذات البدن الأسطواني فوق القاعدة بمقدار ستة عشر متراً، ويدور حول هذا البدن ممر صاعد ثلاث دورات عاملة في عكس اتجاه عقارب الساعة.وقد تمت إعادة بناء الدورة الرابعة والقمة الأسطوانية التي سقطت في عام 1918، وعثر أثناء عمليات تجديدها على صهريجين للمياه تم حفرهما في المنطقة المحيطة بقاعدة المئذنة ومن المعروف أن تاريخ بناء جامع أبي دلف يعود إلى عام 247هـ.