نافذة: كل عام والقمة المشتركة بخير

نشر في 04-01-2008
آخر تحديث 04-01-2008 | 00:00
 أحمد سعود المطرود

خرجت القمة الخليجية بعدة قرارات إيجابية، وكان من أهمها التبادل التجاري بين دول الخليج العربي وحرية التملك، وهذا مما يكسر الاحتكار بين التجار وزيادة الانتشار التجاري المتنوع، وسرعة قيام النهضة العمرانية والتنمية الحضارية، بحيث تكثر المسابقات التنافسية على التطوير الاقتصادي، وحرية التنقل بين الدول عن طريق البطاقة الموحدة.

مع صدور مقالنا لهذا اليوم نكون دخلنا عاماً جديداً، وودعنا خلفنا عاماً أهلكته التوترات السياسية والاقتصادية والكوارث الطبيعية وكان ختامها الفيضانات التي اجتاحت إندونيسيا والعواصف الثلجية في أميركا وغيرها، ومن الناحية السياسية كان اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو آخرها، وهناك في عامنا المنصرم من ربح وهناك من خسر وهناك من جمع الوصفين، والملاحظ أن نهاية العام مأساوية عند الأغلبية على العكس من بداياته المتفائلة، فمع بداية كل عام جديد كلنا يأمل أن يكون عامه عاماً يملؤه السلام والاستقرار في العالم، وبداية لإقرار معاهدات جديدة، ولكن سنّة الله في الكون ألا يوجد استقرار دائم ولا فوضى دائمة.

ولكن يبدو أن عامنا الجديد يبدأ بالتوتر قبل أوانه، فعندنا الاستجواب المرتقب الذي لا تبشّر بوادره بالخير بأحد «الحلين»، وبداية سياسية موفقة للكويت هي زيارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في منتصف هذا الشهر، ففي 3/12/2007 عقدت القمة الدورية لدول مجلس التعاون الخليجي الثامن والعشرين في العاصمة القطرية الدوحة، وكانت هذه القمة مغايرة لما سبقها لأنها حملت في طياتها بدايات جديدة عن غيرها، فوجود رؤساء دول الخليج جميعاً من دون أن ينوب عنهم أحد يعتبر سابقة، وكذلك وجود الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ملفت للنظر ولوسائل الإعلام وللعالم أجمع، ولأن القلق الخليجي وهواجسه المحيطة به من مخاطر البرنامج النووي الإيراني وتعنته أمام الأمم المتحدة من أسباب دعوة الرئيس القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لحضور نجاد المهم، أو لأن تكون دولة قطر سباقة في طرح القضية على أرضها وعلى مستوى الخليج العربي لكي تدون في التاريخ لما تحمله هذه الدول من أهمية جغرافية وإقليمية وحدود مشتركة، وكونها تمر في مرحلة اضطرابات سياسية، مع التمدد الإيراني في الدول العربية مثل العراق وسورية ولبنان وفلسطين المتمثلة بـ«حماس».

وما دعي الرئيس الإيراني من أجله هو مناقشة قضيتين مهمتين في المنطقة هما «الجزر الإماراتية» و«الملف النووي وتداعياته المستقبلية» وإنهاء هذه الأزمة التي دعي من أجلها إلا أنه جاء مخالفاً لما سبق، إذ اكتفى الجانب الإيراني بطرح ومناقشة التبادل التجاري والحماية الفردية من قبل الإيرانيين للخليج من الأخطار القادمة، فلم يتطرق إلى الجزر ولا الملف النووي، وأصرّ على تسمية الخليج بالخليج الفارسي في كل خطاباته في الاجتماع، مما أخرج القمة من هذا الجانب «بخفي حنين».

أما على المستوى الخليجي فخرجت القمة بعدة قرارات إيجابية، وكان من أهمها التبادل التجاري بين دول الخليج العربي وحرية التملك، وهذا مما يكسر الاحتكار بين التجار وزيادة الانتشار التجاري المتنوع، وسرعة قيام النهضة العمرانية والتنمية الحضارية، بحيث تكثر المسابقات التنافسية على التطوير الاقتصادي، وحرية التنقل بين الدول عن طريق البطاقة الموحدة التي أتمنى ألا تتأخر، وإطلاق اسم لهذه القمة بـ«السوق الخليجية المشتركة» أو قمة «الإنجاز والتحدي» مما يعطي بعداً اقتصادياً للمستثمر الأجنبي للتوغل في سوقنا العامر.

والذي يعد من أساسيات هذا الجذب أن الخليج العربي هو الأكثر أمناً واستقراراً سياسياً واقتصادياً، وأنه سوق واعد ومستقبل مشرق عكس الدول العربية الأخرى التي تعم فيها الفوضى، وإن كانت هذه القرارات جاءت بعد مضي 28 سنة بين القبول والرفض، وإن كانت ناقصة مثل حدودنا الجغرافية التي لاتزال مغلقة، بينما دول أوروبا حدودها الجغرافية مفتوحة، وتأخر العمل بالعملة الموحدة بينما أكثر من 200 مليون في أوروبا لهم حرية التنقل من دون قيد، وعملة واحدة معتمدة حتى أصبحوا منظومة موحدة، وهي «الاتحاد الأوروبي».

هذه سلاسة الديموقراطية لدى الغرب وليست ديموقراطية الدول العربية المزاجية، ومما يربط هذا التواصل الخليجي هو ظهور بوادر التفاهم والإصلاح في دولة الكويت. وما أقره مجلس الأمة في جلسته المنعقدة بتاريخ 26/12/2007 بتخفيض نسبة ضريبة الدخل من 55 إلى %15 ما هو إلا توجه إلى بدايات الطريق الصحيح، لجعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً، وأن تعود عروساً للخليج، وأن إعفاء التاجر الكويتي منها هي خطوة إلى الأمام مما يتيح له التوسع والتنوع، ولكن يبقى السؤال: هل ناقش المجلس إعفاء الخليجيين من هذه الضريبة؟ ونحن قد دخلنا على سوق خليجي مشترك، فاقتصادنا ما هو إلا قرارات مكتوبة وأعمال معدومة.

والقمة الخليجية فتحت أبواب الهجرة الحقيقية لتجارنا واستثماراتنا إلى دول الخليج العربي، لكي يعمروها باستثناء الكويت وهذا ما سيحصل، وإن غداً لناظره لقريب، وكل عام والسوق الخليجي المشترك بخير.

back to top