محاولة اختطاف الوطن دستورياً... وغياب هيبة الدولة

نشر في 25-12-2007 | 00:00
آخر تحديث 25-12-2007 | 00:00
 عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

لو أخذنا معيار المشاركة في حرب تحرير الكويت ذريعة لمنح الجنسية لكان ذلك ملزماً أن نجنس 67500 أميركي، و 35000 بريطاني، و25000 فرنسي، وسعوديين وقطريين وإماراتيين وعمانيين وبحرينيين وبقية القوات من ثلاث وثلاثين دولة التي شاركت في التحرير!!

ينتاب الكثير من أهل الكويت شعور بالامتعاض، وهم يتابعون الأجواء السياسية التي تخيم على الأجواء المحلية، فبات من المتعذر التنبؤ بما سوف يحدث نتيجة لهذه الأجواء الغريبة على الكويت.. وسط حكومة فقدت الكثير من هيبتها نظراً إلى تخبطها وضعفها في مواجهة رقابة البرلمان وتحديات العمل من ناحية، ووسط ما نشهده من نشاط برلماني اتخذ من إيقاع التصعيد والطرح الغريب منهجاً مغلباً المصلحة الضيقة الفئوية على المصلحة العامة والعليا للوطن حتى أصبح كل ما يطرح من مشاريع قوانين سواء من الحكومة أو المجلس تخوض في مخاض عسير غالباً ما يتم تأجيل البت فيها وذلك بإحالته إلى أحد لجان المجلس أو بتشكيل لجنة خاصة له.

وموضوع التجنيس على الرغم من خطورته وأهميته لم يكن استثناءً من حالة هذا المخاض العسير... دون خطة ولا أهداف والجميع يعلم أن مبررات التجنيس قد نصّ عليها القانون لتحديد النوعية قبل الكمية... فليس كل من ادعى أنه بدون هو بالضرورة كويتي، كما أن الأعمال الجليلة التي يحاول بعضهم تسويقها كمبرر للتجنيس يجب أن تمُحّص وأن يوضع لها ضوابط محددة... «ليس من بينها حذف العقال!!!».

أما التذرع بالمشاركة في حرب تحرير الكويت... فالكل يعلم أن قوات التحالف بقيادة القوات الأمريكية هي التي خاضت الحرب الحقيقة ودحرت عدوان قوات النظام العراقي البائد... وأن القوات الكويتية الوحيدة التي شاركت في المعركة هي فقط القوة الجوية... والكل يعلم أن جميع طياري القوة الجوية الكويتية هم من أبناء الكويت، لذلك فإن من شارك في حرب تحرير الكويت مشكوراً دخل إلى الأراضي الكويتية المحررة من قبل القوات الجوية لقوات التحالف دون إطلاق طلقة واحدة. ولو أخذنا معيار المشاركة في حرب تحرير الكويت ذريعة لمنح الجنسية لكان ذلك ملزماً أن نجنس 67500 أميركي، و 35000 بريطاني، و25000 فرنسي، وسعوديين وقطريين وإماراتيين وعمانيين وبحرينيين وبقية القوات من ثلاث وثلاثين دولة التي شاركت في التحرير!!!

هل الكويت تم اختطافها «دستورياً»... ليتولى قيادتها مجموعة من النواب التي لا ترى إلا مصلحتها ومصلحة الفئة التي تمثلها على حساب الصالح العام؟! وإلى متى يجب التساهل مع هذا العبث؟! فهل يُعقل التضحية بهوية المجتمع وأمن الوطن تحت طائلة الابتزاز البرلماني ـ الانتقائي ـ الرخيص؟! وإلى متى يتم التساهل بضياع هيبة الدولة؟!... هذه التساؤلات ما كانت ترد على البال لولا تداعيات سياسة التجنيس التي اتبعت في السابق بشكل عشوائي، وسوف نظل نعاني هذا الابتزاز البرلماني طالما استمر غياب هيبة الدولة، وغياب الدور الايجابي للمواطن الكويتي.

ويتعين علينا أن نفهم الوضع على حقيقته ليسهل علينا علاجه ... وياحبذا لو نُشرت أسماء السادة الأفاضل النواب «الرباعي» وتاريخ حصول كل منهم على الجنسية الكويتية... لعلنا بذلك نستطيع أن نفسر هذا الغموض الذي يكتنف أجواء الكويت.

وختاماً من البديهي أن أهل الكويت كلهم يقرون الحقوق الإنسانية لكل مقيم على أرض الكويت الطيبة، ويرفضون أي تضيق على أي شريف موجود في الكويت في الرزق أو العلاج أو التعليم أو العمل. ولكن من المعلوم أيضاً أن للوطن علينا حقاً بعيداً عن المجاملة أو الابتزاز... والتاريخ يعيد نفسه وبه الكثير من العبر «المماليك الذين استقدمهم الأيوبيون إلى القاهرة، تمكنوا من الاستيلاء على السلطة فيما بعد»، فالخطأ الذي أنتج البدون... يجب أن لا يُعالج بخطيئة التجنيس غير المدروس وعلى حساب الحق المقدس للوطن.

back to top