السفير غنيم لـ الجريدة: الكويتيون متمسّكون بدستورهم ولا أرى أي خطر على مستقبل بلادكم لم يعد تأثير الإسلاميين قوياً بالكويت فحسب بل في المنطقة كلها

نشر في 23-03-2008 | 00:00
آخر تحديث 23-03-2008 | 00:00

مازال محتفظا بلقب السفير، بالإضافة إلى اعتماده أستاذا في جامعة جورج واشنطن تحديدا في كلية إليوت للشؤون الدولية تحت مسمى «بروفسور الكويت لشؤون الخليج والإقليم العربي»، شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى الكويت منذ عام 1990 حتى عام 1994، الأمر الذي جعل منه شخصا قريبا جدا من الكويتيين، وقف معهم وساندهم إبان فترة احتلال النظام العراقي.

حظيت «الجريدة» بفرصة للتحاور مع السفير الأميركي الأسبق لدى الكويت إدوارد غنيم خلال وجوده في البلاد، ضمن زيارة له استغرقت 3 أيام، حرص خلالها على لقاء عدد من المسؤولين الكويتيين والتباحث معهم، مشيرا إلى عمق العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والكويت، وأن الكويتيين يتقنون كيفية التعامل مع أي وضع من شأنه التأثير في وحدة البلاد والمجتمع. وبينما أكد السفير مرور المنطقة بمرحلة حساسة من تاريخها، أكد أن الإدارة الأميركية لا تألو جهدا في سبيل استقرار الأوضاع في كل من لبنان وغزة، منتقدا التدخل السوري في الشأن اللبناني.

وتنبأ السفير غنيم بإمكان أن تشهد المنطقة تغييرا في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة، لتكون أولوية الحل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، والأوضاع غير المستقرة في قطاع غزة.

وفيما يلي نص الحوار:

• ما سبب زيارتكم للبلاد؟

- إنها زيارة خاطفة، أقوم بها لمتابعة الشؤون العامة في البلاد ولقاء المسؤولين، حيث كان لي شرف لقاء سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الذي تربطني وإياه علاقة تتجاوز الرسميات، وهي الصداقة التي نشأت عندما كان وزيرا للدفاع إبان غزو النظام الصدامي، حينما كنا في الطائف، والتقيت أيضا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الدكتور محمد الصباح الذي أعرفه منذ عقدين من الزمن.

• تشهد الكويت اليوم مرحلة حساسة من تاريخها السياسي، خاصة أن وجودكم فيها تزامن مع حل سمو أمير البلاد البرلمان، وبالنظر إلى تجربتكم الدبلوماسية في أوائل التسعينيات مع الكويتيين، كيف تقيّمون الأجواء السياسية بشكل عام؟

- المنطقة اليوم تمر بظروف حساسة للغاية، وقد أصبح الجميع ينظر بعين الترقب كيف ستتطور الأحداث، والأمر لا يقتصر على الكويت والخليج فقط بل يتوسع ليشمل المنطقة كلها، خاصة في ظل التهديد الإيراني للمنطقة، فسلطنة عمان في الجنوب والكويت والعراق في الشمال ولبنان وغزة كلها مناطق حساسة، ولكن ما شغل الرأي العام العالمي والعربي منذ سنين هو قضية الصراع بين فلسطين وإسرائيل، ومراحل تطورها، وقد لمست من العديدين هنا في الكويت اهتمامهم كذلك بالقضية اللبنانية، حيث إن الشعبين تربطهما علاقات صداقة ومحبة وأخوة، وما أؤمن به في الوقت الراهن هو أن العاطفة باتت تغلب العقل في كثير من قرارات حكومات المنطقة، لكن الحق يقال إن الكويت لديها تجربة فريدة من نوعها قبل العشرين عاما الماضية، وبإرادة شعبها وحكمة قيادتها فهم يعلمون كيف يتعاملون مع أي موقف من شأنه التأثير على وحدة بلادهم، وأنا أحب الكويت وأراها بلادا عظيمة وأفتخر بعلاقة بلادي وعلاقتي معها، وعلاقاتنا معها ستتطور دائما نحو الأفضل.

• هل تعتقد أن تأثير الاسلاميين على الوضع السياسي أصبح أقوى من أي وقت مضى؟

- أعتقد أنه بشكل عام بات تأثير الإسلاميين قويا ليس على الكويت فقط، وإنما على المنطقة كلها، ورأينا كيف أن تحركاتهم في السنوات القليلة الماضية أصبحت واضحة وتتسع في العديد من الدول، لكنني أعلم وعلى يقين أن الكويتيين مخلصون جدا لدستور بلادهم وفكرة أن الدستور ينص على مبدأ الإمارة وحكم آل الصباح، وهم يعتزون بالديموقراطية التي يمثلها برلمانهم، وهو بمنزلة تحد ومشاركة من الشعب للمشاركة في سير العملية الديموقراطية في البلاد، والكويتيون قادرون وبشكل جيد على الاعتناء بأنفسهم ولا حاجة لي بأن أقلق على مستقبل بلادكم.

• في الذكرى الخامسة لحرب تحرير العراق، وبالأمس فقط ألقى الرئيس الأميركي جورج بوش خطابا حذر فيه من انسحاب القوات الأميركية من العراق حاليا، لما لذلك من عواقب وخيمة، وقال إن المعركة في العراق كانت أكثر تكلفة مما توقعنا، هل يعد هذا بمنزلة اعتراف ضمني بفشل الإدارة الأميركية في مشروع الإصلاح في العراق؟

- لا أعتقد أن الرئيس بوش سيطلق اعترافه صراحة بهذا الأمر، لكنني من خلال ملاحظاته وخطاباته أرى أنه يؤكد على أن المشروع يتطلب وقتا كافيا، وقضية انتشال بلدٍ مثل العراق من الوضع الذي كان، أمر يحتاج إلى جهود مكثفة وتعاون، وهذا تفسيري للقضية، لكنني أقول إنه على مستوى الشعب الأميركي الكل يؤيد رأيا واحدا وهو الانسحاب من العراق، لكن هناك انقسام في الرأي بشأن متى وكيف سيتم ذلك، ومرشح الرئاسة الحالي الجمهوري السيناتور جون ماكين يوافق الرئيس بوش في قضية أن الأمر يتطلب وقتا حتى يتم الانسحاب الكامل من العراق، فيما يطالب الديموقراطيان المرشحان حاليا وأعضاء في «الكونغرس» بانسحاب فوري مهما كانت العواقب، وأنا شخصيا أعتقد أنه بشكل عام لا يستطيع أي رئيس كان سحب القوات بشكل فوري الآن، لأن الأمر ليس في مصلحتنا أو مصلحة العراقيين أنفسهم، لكن الأمر يستدعي التروي والتدرج في الانسحاب تمهيدا لتسليم العراقيين بلادهم بصورة كاملة.

• هل هذا يعني أن العراقيين غير مهيئين بعد لتولي زمام الأمور؟

- لا، أبدا، لكن وجود الميليشيا والتأثير الخارجي هو ما يعكر صفو الوضع، واستخدام القوة ليس هو المطلوب على الإطلاق ولا يحقق النتائج المطلوبة، ومرحلة الإعمار والتطوير هي الأهم.

• بالنظر إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، سواء كسبها الديموقراطيون أو الجمهوريون، وباعتبارك خبيرا في الشؤون الدولية، هل تعتقد بإمكان أن يحدث تغيير في السياسة الخارجية للإدارة الأميركية تجاه المنطقة؟

- سؤال جيد بالفعل، الأمر يعتمد على المرشح الذي سيتم اختياره بالتأكيد، لكن بالنظر إلى نظامنا السياسي فإن الرئيس لديه صلاحيات واسعة وشاملة، خصوصا في الشأن الدولي، وأنا أعتقد أنه سيكون هناك تغيير في السياسة المتبعة من قبل بلادنا نحو العالم أجمع، وما يعزز ذلك هو أن الشعب الأميركي يصب حاليا جام غضبه على الإدارة الأميركية على خلفية العديد من القضايا، وهو أمر يشمل السود والبيض من الشعب الأميركي، فالمجتمع الأميركي يؤمن باللون الرمادي في قضاياه، وأعتقد أن السياسة القادمة سيميزها التعاون والتفاهم والحذر من التعاطي في قضايا لا طائل منها، والتركيز على قضايا مهمة مركزية وإعادة تطوير وبناء علاقاتنا مع الدول الأخرى، خاصة الشرق الأوسط، لكنني أعتقد أن لكل مرشح برنامجا خاصا تجاه المنطقة، ولا أعتقد بأنني أستطيع أن أقول شيئا في هذا الشأن، لكن بشكل عام أعتقد أنه أي واحد من المرشحين الثلاثة الأقوياء كلينتون أو ماكين أو أوباما، سيحاول كل منهم إيجاد حلول لقضية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لأن هذه القضية هي الأهم لنا ولكم، والقضية حساسة بالفعل.

السيادة للبنانيين هي الأهم

قال السفير غنيم في معرض رده على سؤال بشأن الدعم الأميركي للبنان «إن السيادة للشعب اللبناني مهمة ونؤيدها، ونحن نعترض بشدة على التدخل السوري في الشأن اللبناني، وحتى التأثير الآخر من دول أخرى، ما نود أن نراه هو أن يدير اللبنانيون بلادهم بأنفسهم، ما بوسعنا فعله هو تعزيز الطرق الدبلوماسية في حل القضية وعدم السماح لأي طرف بزعزعة استقرار لبنان، وهذا ما تعمل عليه الولايات المتحدة حاليا».

تجربة التحرير

تحدث السفير عن تجربته خلال اعتماده سفيرا في أغسطس 1990، حيث استقر في الطائف وصال وجال في المنطقة ليلتقي الأطراف الكويتية والتباحث معهم، وقال «كانت تجربتي صعبة لكنها ممتعة ولن أنساها على الإطلاق، وأتذكر كيف كانت عودتنا إلى البلاد بعد التحرير وذلك في أوائل مارس 1991، حيث كنا نرى من على متن الطائرة آبار النفط وهي تحترق والسماء ملبدة بغيوم سوداء، ولم أنسَ محاولاتنا مع المسؤولين في إعادة تشغيل محطات الكهرباء التي كانت في حال يرثى لها، لكننا استطعنا تشغيل مولدات لم تطلها يد التخريب وكان ذلك إنجازا، وسعدت بمنظر الكويتيين آنذاك وهم يحتفلون بتحرير بلادهم على ساحل الخليج العربي مع قوات التحالف».

تفاهم أميركي - عربي

عن مدى قبول المجتمع الطلابي الأميركي الطلبة العرب في جامعاتهم خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما إذا تغيرت نظرتهم إلى العالم العربي، نفى السفير وجود حساسية من قبل الطلبة تجاه زملائهم العرب المسلمين، قائلا «إنهم متفهمون للقضية، وإن الأمر لا يجب أن يشمل صيغة التعميم، بل إنهم ومن خلال تجربتي في المحاضرات التي ألقيها أجدهم غالبا ما يحاولون جاهدين فتح المجال لزملائهم العرب لشغل مقاعد إضافية، وفي معظم الأحيان يقصدونني خلال الساعات المكتبية ليستفسروا عن أمر يتعلق بالشأن العربي أو الإسلامي، وهذا ما أحبه في عملي في الوقت الراهن، وهو إيصال الصورة الصحيحة عن الواقع العربي، وليس كما تصوره أحيانا وسائل الإعلام بشكل يشوه الحقيقة».

back to top