د. غادة جمعة: الوضوح والحب والتسامح أصول الـ إتيكيت بين الأزواج
يوفر فن الـ{إتيكيت» علينا مشقة البحث عن الأساليب الصائبة في التعامل مع الآخرين سواء الأهل أو الأصدقاء أو زملاء العمل.
تعرفنا د. غادة جمعة (خبيرة إتيكيت وبروتوكول الشرق الأوسط) على مفهوم الـ{إتيكيت» ودوره في حياتنا اليومية.ما هو تعريف الـ{إتيكيت»؟يتصور البعض أن الـ{إتيكيت» متعلق بمسايرة جديد الموضة في الأزياء وتسريحات الشعر والأكسسوارات وطريقة الأكل وكيفية استخدام الشوكة والسكين وغيرها فحسب، في حين أنه علم سلوكيات وطريقة تعامل ومنهج وفلسفة حياة يجوز للناس جميعاً ويتعلمه الصغير والكبير، كي يتمكن الإنسان من ترويض نفسه وكل من حوله. إنه القلب النابض والمحرك الروحي والفكري للبشرية نحو الإنجاز والتطوير والإبداع. المقصود بكلمة «إتيكيت» الفرنسية أن على الإنسان التفكير جيداً قبل أن يتصرف أو يتلفظ بكلمة ليسلك الطريق الصحيح، وأن يلقى الأجوبة عن أسئلة في داخله مثل: ماذا أقول؟ لمن أقول؟ كيف أقول؟ هل أقول أم لا ؟ لذا ينصح خبراء الـ{إتيكيت» المرء بالتمهل ثانيتين قبل التلفظ بكلمة إذا كان وسط حديث مهم مع شخص آخر.كذلك الـ{إتيكيت» هو الحرية وممارسة الحرية من دون خدش لآدمية الغير وقدرة الإنسان على التسامح والرضا وفن الصراحة وليس الوقاحة.هل ثمة معاهد مصرية لتدريس قواعده؟يدرس الـ{إتيكيت» ويعتبر مادة أساسية في المدارس والجامعات المصرية، لأنه في الأصل يقوم على اتباع تعاليم الدين الإسلامي بل والأديان السماوية كلها، سواء على مستوى المعاملة في الحياة الشخصية أو العمل. يتعلم دارس الدين الصدق والأمانة والإخلاص والحرية ومن خلال ذلك يتعلم الـ{إتيكيت».هل يرتبط هذا الفن بالدقة في استخدام الكلمات؟بالتأكيد، لأنه يستخدم لغة رقمية بيانية. مثلاً قد يقول شخص لآخر «سأهاتفك لاحقاً»، في حين لا بد من أن يتحلى هذا المرء بالدقة في استعمال الوقت والأرقام، ولا بد من تحديد الزمان والمكان. هل الـ{إتيكيت» فن فطري أم أنه مكتسب؟ليس فناً فطرياً فلدى المرء خليط من العناصر الإنسانية المتناقضة مثل الخير والشر والبخل والكرم والأمانة والخيانة، يساعده هذا العلم في ترشيد الإيجابيات المتناقضة تماماً مع سلبياته. كيف تردين على من يعتقدون أنه يزيد الحياة تعقيداً؟أقول انه اليسر وليس العسر لأنه يعني التحلي بالسلوك القويم وهو فلسفة تبسيط وليس تعقيد ويدعو الإنسان ألا يعزل نفسه عن المحيطين به وأن يشاركهم في الأفكار والأفعال.هل له أصول عربية وإسلامية؟نعم فالـ{إتيكيت» الاجتماعي مثلاً يحتم على الأبناء طاعة الآباء واحترامهم وقد نص القرآن الكريم على ذلك بقوله سبحانه وتعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما». من قواعده الالتزام بالمواعيد والوعود وهو ما ينص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: «إن الله لا يخلف الميعاد».كذلك ينهي الـ{إتيكيت» عن التحدث بصوت مرتفع، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: «إن أنكر الأصوات لصوت الحمير»، لذا يمكن القول إن الـ{إتيكيت» ليس علماً من اختراع الغرب.ماذا عن أصوله بين الأزواج؟لا بد من أن تكون العلاقة قائمة على الوضوح والحب والتسامح والمودة والرحمة وإظهار المشاعر، والمرأة الذكية هي التي تحوِّل غيرتها إلى حب ومودة كأن تهتم بأناقة زوجها أو تجعله أكثر الرجال سعادة وتهتم برعايته كأنه طفل صغير، فالزواج عبارة عن فطيرة يخبزها الطرفان في فرن الحياة مقاديرها: كوبان من المودة، ثلاثة من الرحمة، خمسة من التسامح، كوب كبير من شراب المرح، وملعقة صغيرة من التنازلات، تُخلط في وعاء كبير من الصبر والحنان 10 دقائق يومياً، يضاف إليها حسن الاستماع مع مراعاة عدم الإفراط في الكلام، وبعد المزج الجيد يُصب المسحوق في وعاء الأمومة والأبوة ويوضع في فرن الحياة بدفء الحب ويُقلب في صينية من المغفرة وحسن الكلام والمعاشرة وتوزع على السطح قبلات وابتسامات ولا يأكلها طرف بل الطرفان معا.هل للـ{إتيكيت» مفردات معينة؟الأقوال والأفعال من الأمور التي يجب اخذها بالاعتبار ملايين المرات قبل أن نكتبها أو ننطقها لأن أقوالنا تعكس تماما العقل والقلب والنوايا.كذلك لا بد من تجنب ألفاظ الاعتذار في أثناء الكلام، لأن كثرة الاعتذار والأسف في الحوار تضعف صورة المتحدث وتؤكد عدم ثقته بنفسه، بالاضافة الى تجنب القسم لأن من يلجأ اليه، يكون عادة إما كاذب أو شخصيته ضعيفة ولديه فقر في المعلومات.هل للمائدة «إتيكيت» خاص؟لا بد من تناسق جو المائدة بمعنى انه اذا قُدمت على المائدة أطباق خليجية لا يجب أن تتخللها أطباق مصرية ويجب دعوة الضيوف قبل أسبوع على الأقل للتأكد من أن وقتهم سيسمح بالمشاركة واخبار المدعويين بأصناف الأكل التي ستحتويها المائدة. ومن جهة أخرى لو أراد أحد المدعوين الاعتذار عن عدم الحضور يجب أن يكون ذلك قبل الموعد بثماني وأربعين ساعة.