حفلات استقبال الحج في الكويت تثير المنافسة بين النساء وتستنزف ميزانية الرجل طلبيات كاكاو وموائد فضة وتولة الـ كمبودي تجاوزت المئة دينار
«حيّاكم الله في استقبال الحجية... يومي السبت والأحد بعد صلاة العشاء، العنوان... ونعتذر عن استقبال المهنئين قبل أو بعد اليومين المذكورين». الدعوة السابقة تلقتها بعض السيدات كرسالة نصية عبر هواتفهن النقالة، دعوة لحضور حفل استقبال صديقتهن التي تجاوزت العقد الرابع من عمرها، وعادت لتوها من الأراضي السعودية بعد أدائها فريضة الحج هذا العام. درجت العادة أن يستقبل حجاج بيت الله الحرام في السابق بطقوس بسيطة وغير متكلفة، كأن تنثر عليهم الورود والحلويات، أو تنحر الذبائح على مدخل البيوت استبشارا بعودتهم سالمين غانمين، لكن دوام الحال من المحال كما يقال، إذ تحولت تلك العادات لتأخذ أشكالا جديدة، أثارت غيرة شديدة للتباهي بالأجمل، فأصبحت النسوة أو «الحجّيات» يتنافسن اليوم من أجل أن تصبح حفلات استقبالهن مميزة وغير تقليدية وفي منتهى... البذخ!
«من أهم عناصر الحفلات الناجحة مظاهر البذخ والترف»، هذا ما تعبر عنه أم سليمان التي انتهت للتو من مكالمة هاتفية مع صاحب محل حلويات، أكد لها أن نوع قطع «الشوكولاته» الذي طلبته قبل موسم الحج جاهز، ووصل خصيصا من لبنان تمهيدا لتقديمه يوم الاستقبال الذي تعتزم إقامته للأهل والصديقات، وتحرص أم سليمان على أن يكون حفلها متكاملا من جميع النواحي، بدءا بقائمة المدعوين وصولاً إلى نوعية المقبلات والطعام المقدم إلى الضيفات. مظاهر حفل «استقبال الحج» في الكويت بين معشر النساء تثير الاستغراب، فابتكاراتهن و«البروتوكول» المتبع من قبلهن وصلا إلى حد يستنزف الميزانية، بل ويتجاوز أحيانا ميزانية رحلة الحج ذاتها، ويتضمن البروتوكول مراسم أساسية تبدأ بإرسال دعوات الحفل المطبوعة أو رسائل الهاتف النقال كوسيلة لإعلام الأهل والصديقات عن موعد الحفل، بينما تحرص بعضهن على عدم دعوة من وقع بينهما تنافر أو خلاف، وفي بعض الأحيان، تتم دعوتهن عمدا لـ«غاية في نفس يعقوب» والهدف في كل الأحوال هو التباهي بآخر صرعات الملابس والحلي أو الساعات. في حفل استقبال إحداهن، حرصت أن يكون مستوى مدعواتها متقاربا جدا، فهي تؤكد أن «ذلك مهم جدا، أتيت بـ«صوايغ» من بيت الله وهي غالية جدا ولست مستعدة لإهدائها لمن لا تستحق»... كما تتوقع أن تحصل في المقابل على هدايا مميزة وقيّمة تناسب مستوى المدعوات، تتفق والاعراف المتبعة في حفلات الاستقبال الكويتية، فقامت بترتيب طاولة قريبة من مدخل قاعة الاستقبال، تقف بجانبها فتاتان مسؤولتان عن إهداء «الصوايغ» لكل المدعوات فور مغادرتهن، بينما كانت الصالة الجانبية تحتضن بوفيه العشاء الفاخر الذي تضّمن أدوات مائدة من الفضيات، فضلا عن صرعة جديدة في ثقافة الطعام أطلقتها بعض شركات التجهيزات الغذائية باقتراح من بعض السيدات، بالحرص على تجهيز بوفيه خاص لتلك المدعوات اللاتي يعانين مرض السكر وآخر لمن يتبعن حمية غذائية أو «ريجيم». وفي استقبال أخرى، تروي إحدى المدعوات أن أكثر ما ميز الحفل «رائحة وعبق البخور الكمبودي أو البورمي الذي انتشر في القاعة وحرصت النسوة على التطيب به»، مؤكدة أنها عندما استفسرت عن سعر التولة (وحدة قياس للأوزان) قالت لها صاحبة الاستقبال ان قيمتها 135 دينارا كويتيا، جلبته من الأراضي المقدسة. حفلات استقبال الحج تصور كيف أن الفرحة تغلب أحيانا حكم العقل والمنطق، فـ«الحاجّة» يفترض بها أن ترفض مفهوم الإسراف لكونها عادت «ناسكة» أي انها في غنى عن الخروج عن المفهوم الروحاني لوضعها الآني، لكن الواقع مختلف، فضلا عن أن الكثير من الرجال أصبحوا يكرهون هذه العادة، وينتقدون من ابتدعها، لأنها تستنزف جيوبهم، وصار بعضهم يحرص على ألا تكرر زوجته تجربة «الحج» مرة أخرى... حتى لا تكون «الحاجة» على حساب الحجة!