السيرة ذاتية لطائر الصحراء - 12

نشر في 09-01-2008
آخر تحديث 09-01-2008 | 00:00
No Image Caption
 سليمان الفليح غيفارا مات

قلت في الحلقة الماضية إنني خرجت وناجي العلي من الجريدة بعدما ضرب المحرر الفلسطيني بـ(الصرماية)؛ لأنه قبّل يد وأنف التاجر الكويتي، وظلّ يواصل السباب حتى ونحن في الشارع، حيث كان ينظر إلينا عمال الشويخ الصناعية الذين يجتمعون أمام موقف الباص بذهول غريب، ثم تذكّر ناجي حاجة قد نسيها في الجريدة فهرول نحو قسم التوزيع، وحمل رزمة من الجرائد المرتجعة، فقلت له: ماذا تريد بها يا ناجي؟ فقال لي: سأعطي قسماً منها لصديقي الخبّاز (غلوم) الإيراني، وقسماً منها لصديقي الكواي راجو الهندي، ثم أستعمل ما تبقى منها كسفرة في البيت.

وقبل أن يضع ناجي الجرائد المرتجعة في (دبة) السيارة سمعت لغطاً تعالى شيئاً فشيئاً، وظننت أن ناجي لربما قد (تشاكل) مع بعض عمال الشويخ، ولكنني حينما نزلت واستدرت خلف السيارة رأيت (عربي عبدالله) وكان أحد رموز الثورة الفلسطينية، وهو يقبّل رأس ناجي ويقول له بالحرف الواحد: (امسحها بلحية الثورة)، قال ناجي وقلت أيضاً إننا التقينا في بيت صاحبنا (أبي نبيل- محمد باحسين)، وإننا التقينا بثلّة أو (شلّة) من الأصدقاء ودار الحديث طويلاً حول هموم الوطن، واستمر الحديث طويلاً وكنت أرى (عمي) ناجي كما اتفقنا على التسمية يتقرفص مثل الحلزون في الكنبة الضيقة، أشار إليّ أن أغيّر كل الحديث، ولم أكن ماهراً في التجاوب، حيث العبد لله سليمان الفهد قد شغّل شريطاً للشاعر والشيخ، تقول كلمات الشريط:

غيفارا مات..

بلا طنطات ولا إعلانات

ولا حدّ مشي معه

للجبّانات

غيفارا مات

مات البطل فوق مدفعه

جوا الغابات

يا مية خسارة عالرجال

غيفارا مات

اعتدل ناجي العلي من جلسته ثم وقف وهتف:

زهر البنفسج

ياربيع بلادنا

وأحلى بلاد

في البلاد بلادنا

لنعود إلها

إذا ما عادت لنا

ثم أخذ ناجي (يدبك) وحده، ويكمل القصيدة الراقصة، ثم انضمت له كل الشلّة بالدبكة والحركة الراقصة، وبقينا (ندبك) حتى الصباح، وحينما انبلج الفجر ونام من نام من الأصدقاء انسللت أنا وناجي وسليمان الفهد إلى (فوال عظيم) أي إلى رجل يضع الفول (بمقدرة عالية)، وكان يعرفه سليمان الفهد لأنه (فوال أمين... فوال ابن فوالين)، من مصر العتيقة. تناولنا (أصحن الفول) حتى شبعنا، ثم قال لنا الفوال لما انتهينا اكتبوا عن هموم (الغلابا!).

بعد ذلك صار ناجي صديقي الذي لم أنفصل عنه في الجريدة أو في الخروج إلى الأصدقاء أو في مضاربي التي نصبتها وسط الصحراء.

وبمناسبة الحديث عن المرحوم ناجي العلي، فإنني أعتقد أن أقرب صديق له هو سليمان الفهد وأن انطلاق شهرته وتألقه من رواق جريدة السياسة وقد عرفناه طويلاً أكثر من الذين ادعوا صداقته وعملوا فيلماً تجاهل كل مرحلة ناجي الذهبية، سواء في الطليعة أو في السياسة أو في القبس، حيث قدم فيها أبهى العطاءات، وفتح له محمد الصقر باباً شاسعاً للحرية والإبداع. وبمناسبة ادعاء صداقة ناجي فإن المحرر الفلسطيني الذي ضربه ناجي بالحذاء قد كتب عنه حينما مات انه صديقه الوفي!  

back to top