الناطق باسم الحكومة العراقية لـ الجريدة: مؤتمرات دول الجوار قدمت للعراق نوايا طيبة فقط نطمح دائما إلى كرم الكويت تجاه أشقائها العراقيين

نشر في 11-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 11-11-2007 | 00:00

اعترف الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ بعجز الحكومة العراقية عن مواجهة المشكلات التي تواجهها، وأعلن عن فصل أكثر من 15 ألف عنصر من اجهزة وزارة الداخلية لارتباطهم بالميليشيا أو لفسادهم، واعتبر كل من يحمل السلاح خارجا على القانون «بمن فيهم فيلق بدر».

وأكد الدباغ في حوار خاص مع «الجريدة» أن العراق لا يزال ساحة لتصفية الحسابات والخصومات. ولم ينكر حقيقة التدخل الايراني في الوضع الداخلي العراقي، وانتقد سلوك «بعض المسؤولين الايرانيين» واعتبره «غير صحيح». وقال إن «سيطرة بعض الاحزاب على اصحاب القرار في مدينة البصرة يعطل عملية علاج المظاهر الشاذة». وأضاف أن مؤتمرات دول الجوار التي تعقد موسميا قدمت للعراق «نوايا طيبة... وتمنيات حسنة» لكن العراق «لم يلمس التزاما فعليا بما تتعهد به الدول المجاورة».

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• الهيئات والمنظمات العالمية تتخذ من المنطقة الخضراء مقرا لها لتوفر الامان... متى يتحول العراق الى منطقة خضراء ؟

ــ هناك ملامح لتعافي الجسد العراقي وتطور في الملف الأمني نحو التحسن، الذي بدأ يشعر به الجميع، وهنالك اماكن يمكن تلمس ذلك من خلالها، كالمنطقة الغربية وذلك نتيجة الجهد الكبير بين العشائر والحكومة العراقية.

وبالتوازي مع ذلك فإن هناك جهدا منظما من اجل طرد المجموعات الشيطانية، ادركه العراقيون الذين بدأوا يتعاونون ضد تلك المجموعات التي تقتل تحت مسميات وشعارات لا تمت للاسلام والمقاومة بصلة، وقد اقتنع العراقيون ان العراق المتنوع بأطيافه، هو للجميع وليس لأي أحد الحق في اقصاء الاخرين، وعلى الرغم من ذلك نحن لانزال نحتاج الى المزيد من الخطوات التي تساعدنا في استقرار الاوضاع ولدينا امل كبير في تجاوز هذا الوضع، وبالفعل تجاوزنا هذه المرحلة والمخاوف الرهيبة التى كانت تنذر بحرب اهلية وهذا الامر سوف يسجله التاريخ لاننا استطعنا الخروج من عنق الزجاجة.

• ألا تعتقد ان الحكومة تكيل بمكيالين في موضوع اسلحة الميليشيات، حيث غضت الطرف عن بعضها وكذلك منعت العشائر من التسلح لحماية انفسهم ومحاربة «القاعدة»؟

ـــــ قد تكون الصورة المنقولة لكم غير دقيقة، فالحكومة لا تريد استحداث ميليشيا جديدة عبر تسليح البعض بحجة الحماية وتسميتها بميليشيا العشائر، ورغم ذلك فإن التنظيم الذي أبداه العشائر تم عن طريق وزارتي الداخلية والدفاع، اللتين ساهمتا في انضواء ابناء تلك العشائر في الاجهزة الامنية الذين ساعدوا في دعم جهود الحكومة، في المقابل كانت هناك حرب بلا هوادة ضد بعض الميليشا، مثلما حدث مع «جند السماء» في النجف وكذلك الحرب ضد بعض المجموعات المسلحة في كربلاء الذين ارادوا ان يؤذوا الزوار الآمنين، لذا فإن الحكومة بالمرصاد، ولن تجامل احدا حيث ان اي شخص يحمل سلاحا تحت اي مسمى يعاقب حسب القانون ولا يوجد اي استثناء لاي طرف سواء تحت مسمي ميليشيا او حزب او اي شيء آخر، نعم هناك تجاوز واستخدام سيئ لبعض المسميات من قبل بعض المجرمين وهذا صراحة يتم التعامل معه، واقول انه لا تزال هناك مشاكل وامراض نعانيها حتى في الاجهزة الامنية، حيث تم فصل أكثر من 15 ألف عنصر من أجهزة وزارة الداخلية لاسباب عديدة تتعلق بارتباطها بالميليشيا او لقلة الخبرة او لفسادهم، فهناك اعادة هيكلة للاجهزة الامنية ويمكن تلمس ذلك من خلال القوات التي تقوم بتفتيش المنازل المشتبه بها حيث انهم يعملون بغاية اللطف الاحترام ليس كما كانوا في عهد النظام البائد صدام حسين.

• تحدثت عن الحزم ضد بعض الميليشات، لماذا لا يشمل هذا الحزم الجميع وعلى سبيل المثال فيلق بدر؟

ــ لا يوجد اي شخص مستثنى، فأي احد يحمل السلاح هو خارج عن القانون ولا يجوز لأي جماعة مسلحة ان تتشارك مع الحكومة او الدولة في الحماية الامنية، وفيلق بدر هو فيلق معرف، وقد تكون التسمية ليست صحيحة ولكن التسميات القانونية تقول ان هناك ميليشيا قانونية واخرى غير قانونية، والميليشيا القانونية عرّفت، فهناك امر اداري رقم واحد عرف تلك الميليشيا، وهو عبارة عن جيش منظم كان يحارب النظام البائد وبالتالي جاء الى العراق وقد قضى عمره في مقارعة النظام البائد وسواء كانو البشمرغة او فيلق بدر او بعض الفرق الصغيرة.

• ولكن ألا تعتقد ان الصفة القانونية التي تحدثت عنها انتفت قانونيا كون العراق دولة تحكمها حكومة منتخبة؟

ـــــ بالتأكيد انتفت مهمته ولا يجب ان يبقى يحمل السلاح وهذه نقطة اساسية وفيلق بدر لم يعد فيلقا يحق له ان يحمل السلاح.

• وماذا فعلت الحكومة تجاه ذلك؟

ــ الحكومة قامت باستيعاب مجموعات ليست قليلة في الاجهزة الامنية والمدنية كذلك، وتم التأكيد على ان الولاء يجب ان يكون للدولة والجهة الجديدة التي انضم اليها، لا ان يكون الولاء للحزب او المنظمة التي كان ينتمي اليها، واذا ثبت ذلك فإن اي عنصر يحاسب وبالفعل لقد تم ذلك عندما تم اكتشاف أن ولاء ضباط كبار لا يزال لأحزابهم حيث تمت محاكمتهم وفصلهم. ويجب ان نعرف ان الميليشيا قضية سياسية لايزال علاجها بطيئا ونعاني حقيقة منها، وإجمالا ان ازمات العراق لا يمكن حلها بعصى سحرية.

• عند حدوث أي مشكلات داخلية، يتم اللجوء الى رجال الدين لحلها، كما يحدث في لجوء المسؤولين الى السيد علي السيستاني، ألا تعتقد أن هذا يؤسس لتكريس مبدأ ولاية الفقيه في العراق؟

ــــــ لا أعتقد ان مبدأ ولاية الفقيه بات مطروحا، انتهينا منه منذ زمن، وفي العراق لدينا نظرية عامة وتركيبتنا تستوعب جميع الأطياف، لكن اللجوء الى السيستاني وإن كان يحمل إيجابيات، كونه والدا لكل العراقيين، وليس الشيعة وحدهم، وهذا يدل على حالة عجز من قبل الحكومة، وفي المقابل فالسيد السيستاني لا يريد لنفسه هذا الدور، وصرح عدة مرات بأن الحكومة يجب أن تتمتع برشد تستطيع معه أن يحلوا معها مشكلاتهم اليومية، ولا يمكن اختزال كل العراقيين بالسيد السيستاني، لكن أحيانا عندما نصل الى طريق مغلق، نحتاج الى بعض التوسط، فنلجأ الى شخص محايد، يجب أن يكون هنالك نوع من التوازن، بحيث لا يرتهن الوضع السياسي برجل واحد.

• ألا تعتقد انها تعد ايادي للدول التي تريد التدخل في الشأن العراقي؟

ــ واحدة من المصاعب التي نواجهها في العراق هي ان هناك ايادي خارجية ولا أريد هنا ان القي اللوم كله على التدخل الخارجي وانما هناك مجموعات مستعدة لقبول التدخل الخارجي ولذلك فإنه لا يعني انه لا توجد لدينا مشاكل داخلية.

والعراق لايزال ساحة لتصفية الحسابات والخصومات ولا اريد أفاضل أحدا على أحد، فهناك توتر في العلاقة بين السعودية وايران تنعكس على الوضع في العراق، وايضا هناك مشكلة في العلاقة بين الولايات المتحدة وايران تنعكس كذلك، وهناك مشكلة في العلاقة بين الدول العربية وايران، هذا غير الاموال التي تضخ لبعض الجماعات، والاعلام، والفتاوى من مختلف مساجد المسلمين، وتدفع المغرر بهم نحو القتال وهذا كله يعد من التدخل. أضف الى ذلك ان عدم انتظام الجهد الاقليمي في دعم الوضع الذي نطمح اليه يعد واحدة من النقاط التي تشكل خللا في العلاقة بيننا وبين الدول وهنا اقول ان الدول الاقليمية بإمكانها عمل الكثير كي يخرج العراق من أزمته الحالية فهناك تأثيرات سلبية موجودة حاليا وكذلك تأثيرات ايجابية متوقفة من الممكن ان تساعد في استقرار الوضع.

• والى متى يستمر هذا الوضع والتشكيك في النوايا؟

ــ بعض هذه الريبة والشكوك مشروعة، لان الدول العربية لديها صراع ولديها قلق من ايران وتريد ان تعرف العلاقة بين طهران والحكومة العراقية وهذا الجزء يتحمل بعضه العراقيون وهذه الدول كذلك، وبدورنا نحن منفتحون على هذه الدول وهناك نشاط ليس بقليل يبذل منذ الاشهر الستة الماضية، حيث قمنا بالاتجاه نحو سورية وبالفعل العلاقة معها اصبحت جيدة، ونحن نخشى على سورية من امتداد الجماعات الارهابية اليها وعلاقتنا مع تركيا وايران العلاقات في تحسن، تبقى العلاقة مع السعودية التي نأمل ان تتحسن وان تكون كما عهدناها اخا كبيرا لدول المنطقة ونطمح ان تساهم السعودية مساهمة فاعلة.

• ما مدى صحة المعلومات التي اثبتت بشهود العيان ان البصرة باتت ايرانية؟

ـــــ أنا لا انكر حقيقة التدخل الايراني في الوضع الداخلي العراقي، لكن الامر ليس بهذه الصورة فقد سمعنا ان البعض يقول ان في كربلاء يتم التعامل بعملة التومان الايرانية، وهذ نوع من التجني والظلم، فالعراق يمر بأزمة وبعض المجموعات ضعيفة النفس تعتقد انها بهذا التصرف يمكن ان تخرب وضعا معينا، وللاسف كان سلوك بعض المسؤولين الايرانيين غير صحيح، لكن في المقابل هناك توجه ايراني ايجابي لمسناه ونلمسه يوميا.

والبصرة مهمة للعراق وايران تعتبرها خاصرة مهمة لها بسبب وجود القوات البريطانية، والكويت تعتبرها مهمة كذلك لانها تشكل نقطة العبور الرئيسية بينها وبين العراق، ولذلك هناك توجيه واستهداف لهذه المنطقة. والان البصرة تحت الادارة العسكرية البريطانية وستنتقل تلك الادارة بيد العراقيين والحكومة ستعمل كل ما بوسعها للقضاء على المظاهر الشاذة التي عاثت في الارض فسادا. ويجب ان نعرف ان التركة هائلة، في المقابل ان العلاج يسير ببطء ونحن نعاني من قلة الادارة والخبرة ومن سيطرة بعض الاحزاب على اصحاب القرار الذي يعطل عملية العلاج لتلك المظاهر.

• ألا تعتقد ان انسحاب البريطانيين في ظل ضعف الحكومة العراقية والمشاكل التي ذكرتها يعطيان مجالا ارحب للايرانيين لبسط سيطرتهم على البصرة؟

ـــــ لا أعتقد ان البريطانيين استطاعوا ان يمنعوا التدخل الايراني، واقول ان العراقيين وحدهم هم من يستطيع فعل ذلك بتشجيع المحيط الاقليمي، ولا يجب أن تكون هنالك تهمه تلاحق بعض الأحزاب التي تنتمي الى الطائفة الشيعية أن ولاءها الى ايران، وهذا خطأ إستراتيجي يجب أن نتجنبه، ولن نسمح لا لإيران أن تبسط نفوذها على البصرة، وستكون هناك مراجعة شاملة لكل الكيانات الموجودة داخل المدينة، ويجب أن نعلم أن المنطقة استراتيجية، والصراع عليها لن يتوقف.

• هنالك بعض القنوات شبه الرسمية، تشن هجمات إعلامية ضد المملكة العربية السعودية، وتتهمها في الشأن العراقي؟

ـــــ للمرة الأولى اسمع مثل هذا الكلام، ويجب أن يكون معلوما، إننا نحن من يتلقى فتاوى تدعم الإرهاب والقتل في العراق، من الطبيعي أن تكون هنالك ردة فعل، وحجم التهديد الاعلامي الذي نواجهه، لا يوازي ما نقوم به من رد فعل، ولست أدافع عن الاعلام، بل نريد من الإعلام أن يكون متحررا من سلطة الدولة والمال، الإعلام يجب أن يكون حرا ويحمل رسالة شريفة، وللاسف نحن ضحايا إعلام إرهابي يريد لنا الشر.

• تبدو العلاقات العراقية ـ السورية غير مستقرة، ومتقلبة ماذا تقول في ذلك؟

ـــــ تجاوزنا هذه المرحلة الصعبة مع الأخوة في سورية، ورسمنا خارطة طريق للعلاقات بيننا وبينهم، واتصور أن أمامنا مستقبلا واعدا، وتلقينا إشارات إيجابية، وسنواصل العمل معا من أجل تطوير هذه العلاقة، على قدر ما نطمح به.

• ماذا عن العلاقات مع تركيا، والمحادثات الأخيرة، هل حصلتم على وعود بتأجيل الضربة التي يتحدث عنها الأتراك، أم استطعتم إلغاءها؟

ـــــ لا نشك بأن الوضع لا يزال خطيرا على الحدود، لكننا بدأنا بخطوة، وأعتقد أننا نجحنا في إدارة الازمة، وهذه الخطوة أعطت بعض التطمين ونعتبرها نقطة بداية لمحاربة هذه المنظمة الارهابية، المتمثلة في حزب العمال الكردستاني، والحكوممة الأقليمية في كردستان جادة في فرض إجراءات رادعة من أجل ألا تحصل هذه المنظمة على أي دعم لمحاربة تركيا، وهي خطوات بدات على الارض، حيث تم فعلا إطلاق سراح الجنود الأتراك الثمانية المعتقلين.

• ألا ترى أن انسحاب الكتلة الصدرية وكتلة التوافق السنية سيضعف الحكومة العراقية، عند بسط سيطرتها داخليا ويؤثر في علاقاتها مع الخارج؟

ــــ الانسحابات ليست حلولا ناجعة، الأخوة في التيار الصدري أعطوا رئيس الوزراء تفويضا ليختار وزاراء بديلين، ونتيجة عدم التآلف السياسي تأخر هذا التعيين، أما الأخوة في كتلة التوافق الإسلامي، كانت الفرصة أمامهم حتى الأسبوع الماضي ليعودوا، لكن يبدو أن هنالك مشروعا لمقاطعة الحكومة، ولا يمكن قبول الوضع على ما هو عليه، ولهذا تمت إقالتهم.

• ماذا استفاد العراق من مؤتمرات دول الجوار العراقي؟

ـــــ استفدنا نوايا طيبة...وتمنيات حسنة صادقة، وقلنا إن هذه التمنيات ليست كافية، ونريد خطوات على الارض، وأن تترجم هذه النوايا الطيبة الى أفعال ملموسة، العراق بلد لديه إمكانيات هائلة، ولابد له أن يأخذ دوره ويخرج من عنق الزجاجة، ودول الجوار تستطيع فعل الكثير، ولسنا سعداء بعقد المؤتمرات ونريد أهدافا لا تسطر فقط على الورق، فهي تعد التزاما يجب الوفاء به.

• هل لمستم التزامات حقيقيا على الأرض؟

ــــ لم نلمس التزاما كاملا بما تتعهد به الدول المجاورة، فكانت الرسالة واضحة هذه المرة من رئيس الوزراء بأننا نريد ترجمه هذه النوايا الطيبة الى أفعال.

العلاقات الكويتية العراقية

وردا على سؤال بشأن العلاقات الكويتية - العراقية التي دائما كانت توصف بالمتميزة بالتوازي مع بعض الاصوات التي تثير مسألة الحدود والديون، أجاب الدباغ أن هناك توجه من الطرفين بدفع هذه العلاقات نحو الأمام دون الإلتفات الى هذه الأصوات الشاذة، قائلا ان العراقيين يطمحون بالكرم الكويتي تجاههم، لمساعدتهم في مواجهة ما يعانونه، وبين ان لدى الكويت ثقلها الإقليمي والدولي، الذي تستطيع من خلاله مساعدة العراقيين للخروج من أزمتهم.

واوضح ان زيارته الحالية تندرج في اطار تسهيل وصول المساعدات من الكويت والمنظمات الدولية المتواجدة على ارضها الى العراقيين.

back to top