القطاع العقاري في الإمارات يعزز دوره محركاً أساسياً للاقتصاد أبوظبي تقود الثورة العقارية الثانية
كان عام 2007 عام تجدد الثقة بالقطاع العقاري الإماراتي، وتم تنظيمه بصورة مقننة في دبي- مركز النمو- لتعزيز الثقة الاستثمارية من خلال تبني ما يسمى بحسابات الثقة التي أخرجت من السوق الشركات غير المؤهلة، في حين برزت أبوظبي من خلال مشاريع ضخمة لتقود الثورة العقارية الثانية في الإمارات التي أشعلتها دبي في بداية العقد الحالي.
يكون القطاع العقاري في الامارات ما بين 9-10% من اجمالي الدخل القومي المتوقع للبلد، والذي يتجاوز 570 مليار درهم، بينما تشكل القروض العقارية 3.5% من اقتصاد البلاد مقارنة بـ20% في الاقتصادات المتقدمة، في ما يتوقع ان تقفز النسبة في الامارات الى 11% بحلول 2012. وتنتج أبوظبي وتستحوذ أيضا على 95% من بترول دولة الإمارات التي تنتج اكثر من مليوني برميل يوميا، ويبلغ عدد سكانها 1.05 مليون نسمة، نصفهم فقط من المواطنين، وتبلغ احتياطيات أبوظبي من البترول نحو 9-10% من الاحتياطي العالمي المؤكد ومن الغاز 5% من الاحتياطي العالمي. وفي وقت سابق من العام الجاري حررت أبوظبي سوق العقارات، وسمحت بوجود سوق حرة لأول مرة، وفي ما سبق كانت الحكومة تمنح الناس أراضي بقروض ميسرة لإنشاء مساكنهم عليها، لكن بيع الأراضي كان محدوداً، الآن أنشأت الحكومة شركتين وحصلتا على أراض لتطوير المشروعات عليها. ويرى خبراء ان الحاجة الى تطوير قطاع العقارات في أبوظبي جاءت استجابة للزيادة المضطردة في عدد السكان، والنقص في المساحات السكنية والتجارية، وأضافوا ان هذا التطور الهائل في قطاع الإنشاء عائد إلى الاستثمارات الكبيرة التي ساهمت بشكل أو بآخر في دعم التنوع الاقتصادي، ودعم حركة النمو في الإمارة مستقبلا.وكشفت ابوظبي عن العديد من المشاريع العقارية الضخمة قيد التنفيذ في الإمارة بما في ذلك مشروع تطوير شاطئ الراحة الذي تبلغ كلفته 53.94 مليار درهم، ومشروع تطوير جزيرة الريم الذي تبلغ كلفته 34.86 مليار درهم، ومشروع توسعة مطار أبوظبي الدولي وتبلغ قيمته 24.9 مليار درهم، وذلك اضافة الى عدة مشاريع أخرى مثل مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد، ومشروع شمس أبوظبي الذي تعمل عليه شركة صروح العقارية وغيرها من المشاريع التي تم الإعلان عنها. وتستثمر أبوظبي عائداتها البترولية منذ السبعينيات من خلال قناة واحدة هي هيئة أبوظبي للاستثمار التي تقدر أصولها بأكثر من 300 مليار دولار، تقوم بالاستثمار في الأوراق المالية في أنحاء العالم.رافق هذه الموجة الثانية في ابوظبي تحذيرات من مصارف ومؤسسات استثمارية من تباطؤ نمو القطاع العقاري، وخصوصا في دبي لدرج ان تقارير تحدثت عن تصحيح سعري للعقارات بنهاية العام الحالي نتيجة موجات بيع للوحدات السكنية، بسبب هبوط معدلات اشغالها مع دخول المزيد من الوحدات للسوق، وخصوصا في امارة دبي التي تعد انشط الاسواق العقارية في المنطقة. وتوقعت المجموعة المالية -هيرميس حدوث هبوط في معدلات إشغال العقارات، بسبب عمليات البيع الكبيرة التي سيقوم بها من سبق أن اشترى دون تخطيط، مفضلاً البيع على المخاطرة بالاحتفاظ بمسكن فارغ في سوق ضعيف نسبياً. وحذر البنك من ان يفرض هذا السلوك ضغوطاً تدفع نحو هبوط أسعار العقارات، ما ينتج عنه حركة تصحيحية للسوق في عام 2008، مع توقع البدء بانخفاض الأسعار قليلاً أواخر عام 2007 وهو ما لم يحدث الى الآن! ولا تزال دبي نقطة ارتكاز اساسية للقطاع العقاري في الامارات، بعد ان نجحت خلال سنوات قليلة من البروز على المشهد العقاري العالمي.ويقول ستيف برايس رئيس قسم الدراسات والأبحاث لدى بنك ستاندرد تشارترد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ان حجم المشاريع قيد البناء في الإمارة في الوقت الحاضر يصل إلى ما يزيد على 20 مليار دولار، مضيفاً ان قطاع البناء والتشييد در في العام الماضي ما يعادل 24.2% من اجمالي الناتج المحلي لدبي مقابل 4.9% هي اسهام قطاع النفط.وقالت مجموعة اوكسفورد للأعمال إن الحكومة هي في واقع الأمر المحرك الحقيقي لهذه النهضة العمرانية فشركة نخيل مملوكة بالكامل لحكومة دبي، وهي أيضاً المسؤولة عن أبرز مشاريع تطوير ساحل دبي، ومنها كما سبق وذكرنا مشاريع النخلة والعالم وواجهة دبي المائية الذي يتضمن تطوير قطعة أرض أكبر من مدينة منهاتن الأميركية، وبناء مدينة متكاملة عليها، وقالت «نخيل» إن مشروع واجهة دبي المائية باكتماله خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2015 سيكون آخر مشاريع تطوير ساحل دبي.وعلى الرغم من غياب الأرقام الرسمية، فإن خبراء قطاع العقارات في دبي يقدرون حجم الوحدات السكنية الجديدة التي ينتظر دخولها إلى السوق قبل عام 2010، بما يتراوح بين 150 و280 ألف وحدة، ويرى البعض ان الحجم الهائل للعقارات المنتظر طرحها أثار المخاوف لدى البعض من احتمال تشبع السوق إلى درجة تنهار معها الأسعار التي تواصل حالياً النمو والارتفاع بشكل ملحوظ، بيد ان الحكومة تعتمد في طموحاتها العقارية على النمو المستمر في عدد سكانها والذي يتراوح معدله بين 10 و15%. وأغلبية شركات التطوير العقاري في دبي مقتنعة تماماً بأن عدد سكان الإمارة سوف يتضاعف إلى ما يزيد على مليوني نسمة بحلول عام 2010 ليصل إلى 4 ملايين عام 2020، وبالإضافة إلى ذلك تتوقع الحكومة أيضاً أن تتمكن من مضاعفة عدد السياح إلى 15 مليون زائر بحلول عام 2010، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في حفز الطلب على عقارات التأجير. وأكد عبيد جنيد المدير التنفيذي لشركة اي تي ايه للتطوير العقاري «إن الشركات لا تقوم بتنفيذ مشاريعها العقارية استناداً إلى عدد السكان الحالي، فنحن على ثقة في قدرة دبي على استقطاب المزيد من السكان في السنوات القليلة المقبلة». وقال ايه جيه جناتان الرئيس التنفيذي السابق لشركة إعمار «قبل 3 سنوات عندما قمنا ببيع 5000 وحدة سكنية تساءل المشككون من أين سيأتي العدد الكافي للإقامة في هذه العقارات، ووقتها توقعنا أن يحدث تصحيح في الأسعار لكننا لم نواجه هذا التصحيح إلى اليوم». ولم تعد أسعار العقارات في دبي رخيصة كما كانت الحال قبل سنوات، حيث يصل سعر الشقة من غرفتين إلى مليوني دولار في برج دبي، في حين يصل سعر قطعة الأرض ضمن مشروع جزر العالم إلى ما يتراوح بين 10 و40 مليون دولار، لكن وعلى الرغم من الارتفاع الملموس في أسعار العقارات بدبي فإنها مازالت تستقطب اهتمام المشترين من شتى أنحاء العالم، فالعقارات تنفد بعد أيام من الإعلان عنها، وقبل حتى أن تباشر الشركات عملية البناء بشكل فعلي.وتقول مجموعة اوكسفورد للأعمال ان أحد أهم العوامل التي أسهمت في اشعال ثورة دبي العقارية تمثلت في قرار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عام 2002 بفتح أبواب الملكية الحرة للعقارات أمام الأجانب.وبدأت دبي تبدي اهتماماً ملحوظاً بالعقارات متوسطة ومحدودة التكلفة، بعد ان ركزت في الماضي على الوحدات الفاخرة والفخمة، ويتوقع أن تحظى هذه الشريحة من العقارات بطلب واسع النطاق في ظل النمو المستمر في الايجارات بدبي. ويرافق الطفرة العقارية نمو في قطاع تمويل شراء المنازل الذي شهد خلال 2007 نموا قويا مع تزايد الطلب، والذي شجع مؤسسات مالية عديدة على دخول هذا القطاع المربح.وعلى الرغم من عدم توافر ارقام دقيقة عن حجم التمويل العقاري في الامارات فإن المجموعة المالية -هيرميس توقعت نمو قطاع تمويل شراء المساكن في الإمارات العربية المتحدة بمقدار 3.8 مليارات دولار في عام 2007، و4.9 مليارات دولار في عام 2008 ومثلها في 2009، و3.8 مليارات دولار في 2010، و4.6 مليارات دولار في 2011، أي ما مجموعه 22 مليار دولار في اربع سنوات.ومن بين المشروعات العقارية المقدر ان تصل تكلفتها الى 419 مليار درهم (114.1 مليار دولار)، فإن بنك المجموعة المالية هيرميس يعتقد أنه سيتم تسديد 17.4 مليار دولار منها عبر القروض بين عامي 2007-2011.