جاكي شان: هوليوود كلّها تحترمني وأساعد معظم مخرجي أفلامي
«جاكي شان» نجم عالميّ بارز، إنجازاته فريدة بعد ثلاثين عامًا من الأعمال السّينمائيّة. إسمه مرادف للأعمال المثيرة المدهشة ولطبيعته العفويّة المَرِحة. تنامت شعبيّته وتخطّت آسيا وأميركا إلى سائر المشاهدين حول العالم. وُلِد في هونغ كونغ عام 1954 وفي عمر السّابعة التحق في مدرسة بكين للأوبرا وتلقّى دروسًا في الأعمال البهلوانيّة والجمباز والرّقص والغناء والمسرح. لدى تخرّجه من الأكاديميّة واجه شان صعوبة العثور على عمل لأنّ شعبيّة الأوبرا في الصّين تضاءلت فتوجّه كالعديد من زملائه إلى عالم السّينما للعمل كمنفذ مشاهد خطيرة. وعندما لاحظ المنتجون والمخرجون موهبته في الفنون القتالية تطوّر شان سريعاً وأصبح منسّقًا للحركات القتالية في أفلام هونغ كونغ. بعد موت بروس لي المفاجئ.
كان شان مُرشّحًا ليحلّ مكان بروس لي إلاّ أنّه رفض الفكرة عندما أدرك أنّ حسّه الفكاهيّ وعمله القتالي المحترف سيكونان ركيزة نجاحه. في 1978 أحدث تغييرًا في صناعة الأفلام في هونغ كونغ إذ جمع بين الفكاهة والفن القتالي بطريقة ذّكيّة في أفلام مثل Snake in the Eagle’s Shadow و Drunken Master. في 1980 أنجز شان تجربته الاخراجية الاولى في فيلم Young Master الذي كرّسه نجماً عالمياً. عمل شان على العديد من الإنتاجات الأميركيّة إلاّ أنّ النّتائج كانت مخيّبة للآمال فعاد إلى هونغ كونغ. طبّق بعض ما تعلّمه في أميركا على أفلام هونغ كونغ وكانت النّتائج باهرة. كان شان معجباً بأسطورة الكوميديا العظيم باستر كيتون وتشارلي شابلن فخلق لنفسه شخصيّة كوميديّة عفويّة فريدة حقّقت نجاحاً كبيراً.تُردد دوماً أنك تكره فيلم Rush Hour.بلى، وما زلت أكرهه.إذاً كرهت تصوير هذا الفيلم؟كلا، لم أكرهه. في البداية، على غرار Rush Hour 1، أكره... ما الكلمات المناسبة؟ لا أقصد أنني أكرهه بكل معنى الكلمة. فقدت ثقتي بالسوق الأميركية. ما عدت أعرف ماذا يحب الجمهور الأميركي. رجاني مدير أعمالي أن أصور هذا الفيلم لأثبت له أن الجمهور لا يحب هذا النوع من الأفلام وأنهم لا يحبونني فرضخت لطلبه وصورت Rush Hour 1. حين انتهينا وشاهدت الفيلم قلت: «لقد فشلت، انتهت مسيرتي كممثل». عدت إلى آسيا وأخبرت كل أصدقائي كم أكره النظام الأميركي وفيلم Rush Hour. ثم تلقيت فجأة اتصالاً هاتفياً وعرفت أن الفيلم حقق نجاحاً باهراً فقلت: «ماذا؟ لا أفهم ما حصل». لا مجال لمقارنته بأفلامي في هونغ كونغ. حين نصور أفلام قتال في آسيا تستلزم خمس دقائق من القتال عمل ثلاثة أشهر.لا يزال الجميع مبهورين بمشهد آلة لعب الميسر في فيلم Rush Hour 2.كانت مجازفة مؤلمة.لكنك ما زلت قادراً على أداء مجازفات مذهلة في أفلامك؟بلى لأننا لسنا مثل سوبرمان أو سبيدرمان. عندما يأتي الناس لمشاهدة Rush Hour يرون كيف يؤدي جاكي أو كريس حركاته القتالية. يرون جاكي قائماً بالمجازفات. يسمعون نكات كريس تاكر المضحكة. هذا ما يمثله فيلم Rush Hour. أقول: «بلى، أنا محظوظ». هل يكلّف هذا الفيلم 20 مليون دولار؟ بلى، هذا جيد، لنصوّره. كان الهدف من Rush Hour 2 جني المال. أما Rush Hour 3 فيهدف إلى إمتاع المشاهدين.أيّ مجازفة كانت الأصعب في هذا الفيلم؟يمكنك القول في الواقع إن المجازفات كلها صعبة وسهلة في الوقت نفسه لأنني أصمم المجازفات بنفسي. أعلم حدود قدراتي وكم أستطيع أن أقفز. لكننا في معظم الحالات لا نلجأ إلى مؤثرات خاصة بل إلى أنظمة الكمبيوتر التي تنفذ المؤثرات الخاصة وما شابه. نؤدي الحركات الأساسية وحولنا الطاولة والكراسي وغيرها من الأشياء. لا أمر مميزاً في ما نقوم به. أعتقد أن المشاهدين يفكرون أن جاكي ما زال قادراً على تنفيذ بعض المجازفات، على عكس السابق إذ كانوا يقولون: «يا لها من مجازفات وحركات مذهلة! إنه سريع جداً!». يقولون اليوم: «ما زال بإمكان جاكي إداء الحركات الصعبة». أضحى الأمر مختلفاً تماماً.لكن مشاريعك المستقبلية صعبة جداً، أليس كذلك؟أبحث عن أدوار مختلفة. أودّ دوراً شبيهاً بدور إنديانا جونز: عالم آثار، شخصية مزدوجة وحارس الملكة أيضاً. بُعيد الانتهاء من فيلم Rush Hour 3 سأصوّر فيلم Forbidden Kingdom وهو أشبه بنسخة صينية من سلسلة Lord if the Rings. وفي تشرين الأول/أكتوبر المقبل سأبدأ العمل على Shinjuku Story الذي يحوي القليل من مشاهد القتال. إنه فيلم مؤثر تدور حوادثه في اليابان ويستند قصته إلى رواية حقيقية. في السنة المقبلة، في الأول من نيسان/أبريل، سأبدأ بتصوير فيلم جديد أخرجه بنفسي وأكتب Operation Condor 3: Chinese Zodiac.كم تتمرن وكيف تحافظ على لياقتك البدنية؟خلال تصوير فيلم، نمثل مشاهد القتال يومياً. لذا لا أتمرن في تلك الفترة. لكن إذا كنت في عطلة أو أيام السبت والأحد، أمارس رياضة الركض لساعة. ثم أتدرب على اللكم والركل مع طاقم عملي. نتدرب لساعة أحياناً، لكن التدريب يستمر عادةً ثلاث ساعات.كم استلزمك من الوقت لفهم ما يقوله كريس؟ يتطلب ذلك بضعة أشهر.أما زلت تحتاج إلى المساعدة لفهم ما يقوله؟كلا، صرت أفهم ما يقوله، شرط أن يتكلم الإنكليزية الصحيحة لا العامية. يتفوه أحياناً بجملة فأقف مذهولاً وأقول: «ما هذا؟ ماذا قلت؟». لا أستطيع فهم كلماته العامية.ماذا يمكننا أن نتوقع من Operation Condor 3؟انتظروا وسترون. دخلت مجال الإخراج منذ أكثر من عشر سنين، مع أنني أساعد معظم مخرجي أفلامي خلال التصوير. لكن آن الأوان لأمسك بزمام الأمور. سأكتب أنا بنفسي حوار الفيلم وسترون النتيجة.هل تحب الإخراج؟عندما تخرج فيلماً يمكنك تحقيق أمور كثيرة. يمكنك تضمين الفيلم الرسائل التي تريدها. أستطيع أيضاً تضمينه الأفكار التي أرغب فيها. أشعر كأنني أبتكر شيئاً مهماً.ما كانت ردود الفعل حيال إعلان بيبسي الذي استُعمل فيه بديل عنك لينفذ المشاهد الخطيرة؟ ولمَ اخترت هذا الإعلان؟كلا، هم اختاروني.لكن عندما طُرحت عليك فكرة الإعلان، هل أحببتها؟بلى أحببت الفكرة. لذا قبلت بتصوير الإعلان. طُرحت علي عدة أفكار، لكن أعتقد أنها الأفضل. أنهيت لتوي تصوير إعلان لشركة «فيزا» في الصين. إنه إعلان ضخم جداً أُعد خصيصاً للألعاب الأولمبية 2008.هل تغير موقفك من هوليوود بعد فيلم Rush Hour؟كلا، لا يزال على حاله لكني صرت أشعر بارتياح أكبر عندما آتي إلى هوليوود، خلافاً للسابق حين كانت تعوزني الثقة لكون إنكليزيتي غير جيدة. أدركت تدريجياً أن ثمة جيلاً جديداً هنا مثل ستالون وسبيلبرغ. الجميع يشاهد أفلامي. ازدادت ثقتي بنفسي ومنحني المشاهدون زخماً كبيراً. خلال عملي في الولايات المتحدة يقصد منزلي عاملون كثر في فريق الإضاءة أو التصوير. يقرعون الباب وعندما أفتح يقولون: «نحن من فريق التصوير. يشرّفنا العمل معك. شكراً لك!». ثم يظهر لي فريق الإضاءة احتراماً فائقاً فيذهلني ذلك. يخبرونني أنهم لا يتصرفون على هذا النحو مع سواي. أدركت أن هؤلاء الشبان شاهدوا أفلامي فيما كانوا يكبرون. في الماضي، كنت أسدي نصيحة إلى المخرج إنما لا أحد كان يصغي إلي. أقول له: «هل يمكننا أن نفعل هذا؟» فيجيب: «كلا، اتبع قواعدي، تصرف هكذا». أقول: «أنت مخطئ، استخدمت السرعة الخطأ»، لكنهم لا يعيرونني اهتماماً. يعلّمني منسق المجازفات كيف ألكم فأسأله: «منذ متى تعمل في هذا المجال؟» فيجيب: «منذ سنتين» فأقول له: «أنت تحاول منذ سنتين أن تعلمني كيف ألكم؟» فيرد: بلى. ما كان بيدي حيلة. اضطررت إلى اتباع ارشاداتهم. أعمل في هذا المجال منذ أكثر من أربعين سنة ويحاول أن يعلمني كيف ألكم! أشعر اليوم براحة أكبر خلال التصوير. أستطيع التحكم في المشهد عندما أنقل الكاميرا من زاوية إلى أخرى. أصبحت بارعاً في استخدام الكاميرا في مشاهد القتال. أجيد استخدام الكاميرا وقاعدتها المتحركة. بات الجميع يحترمني ويعرف مَن أكون. كانوا يقولون ماضياً: «جاكي ماذا؟»، فأجيبهم «جاكي شان». فيردفون: «هذا بروس لي آخر». أقول: «كلا، كلا، كلا، السرعة خطأ. يجب أن تكون 22 بدلا من 25»، فيجيبون: «كلا ، نحن نستخدم 25». بدوت بطيئاً وأحمق في مشاهد القتال كلها. لكن الوضع تبدل الآن.مرت عشر سنين على عودة هونغ كونغ إلى الصين. هل أثّر ذلك في صناعة الأفلام في هونغ كونغ؟ هل عاد ذلك على الأفلام بفوائد أكبر مما ظن البعض؟أتعلم؟ ثمة أمر غريب حقاً. قبل 1997 لم تدعم الحكومة البريطانية صناعة الأفلام في هونغ كونغ. حتى إننا كنا نضطر إلى تخبئة الكاميرا في الشارع. «واحد، اثنان، ثلاثة، تصوير!». خلال لحظات تأتي الشرطة الحقيقية وتأمرنا بألا نتحرك، فنخبرهم أننا نصور. بلى، اضطررنا إلى الاختباء ولم يساعدونا يوماً في التصوير في الشارع ولم يقفلوا لنا طريقاً. خلال تلك الفترة كنا نصوّر 400 فيلم في السنة. صحيح أنه بلد صغير لكنه يحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والهند. كما أننا ثاني أكبر موزع في العالم. وفي 1997 عادت هونغ كونغ إلى الصين فقدمت إلينا الحكومة الصينية الدعم. صار بإمكاننا إقفال الطريق للتصوير، وسمحت لنا الحكومة بفعل ما يحلو لنا. حتى إن الشرطة باتت تمد لنا يد المساعدة. لا عصابات تجمع الأموال في الشوارع. لكننا نصنع اليوم أقل من 40 فيلماً في السنة وما إن يُعرض الفيلم في صالات السينما حتى يُقرصن. تستطيع شراءه من أي مكان مقابل 50 سنتاً.ألا يمكنهم فعل شيء حيال ذلك؟اتخذت الحكومة الصينية تدابير كثيرة، كذلك حكومة هونغ كونغ. لكن الأموال التي تُدفع طائلة. لا يكترث المجرمون بأي خطوات تتخذها الحكومة فما تكاد تغلق مركزهم في مكان ما حتى يفتحوا مركزاً آخر في مكان مختلف.