التمييز العنصري في الكويت

نشر في 09-06-2007
آخر تحديث 09-06-2007 | 00:00
 علي البداح

إن الدولة تصرف الدواء للبعض وتمنعه عن البعض. فإذا حدث هذا في بلد فقير، فالحجة واضحة، ولكن أن يحدث هذا في بلد غني كالكويت، فإنها مصيبة لا تسبب الحقد والغضب فقط على وزارة الصحة، وإنما ينعكس على الوطن كله.

أهم شيء للإنسان صحته، ولك أن تتصور إحباط وغضب المريض حين يقال له إن الدواء الذي سينقذه من المرض متوافر، ولكنه لا يصرف إلا لبعض الناس. أي ان الدولة تصرف الدواء للبعض وتمنعه عن البعض. فإذا حدث هذا في بلد فقير، فالحجة واضحة، ولكن أن يحدث هذا في بلد غني كالكويت، فإنها مصيبة لا تسبب الحقد والغضب فقط على وزارة الصحة، وإنما ينعكس على الوطن كله ويثير عليه نقمة جمعيات حقوق الإنسان في الداخل والخارج. وأن يحدث هذا تحت سمع وبصر المئات من المنظمات والجمعيات والأحزاب القومية والدينية دون أن تحرك ساكناً، وأن يقف أحد ممثلي الأمة ليعيب على الدولة هذا التمييز، فإن ذلك منتهى التعصب والإجرام في حق أناس يشاركوننا بناء وطننا ويحملون عنا أعباءً جسيمة، بينما نوابنا الأفاضل يتسابقون في طرح المطالب المكلفة والمهلكة لميزانية البلد بزيادة الرواتب، وإسقاط القروض، وفتح باب العلاج السياحي على مصراعيه.

أي دين، وأي مذهب، وأي قومية، وأي إنسانية ندّعي أننا من حماتها، إذا كان الدواء لا يصرف إلا للمواطن؟

يقولون إن الدواء لا يستخدم ويُرمى في صناديق القمامة، أو انه يصدر للخارج لعلاج مرضى آخرين، فهل لديكم إحصاءات بذلك؟ وهل اخواننا المقيمون معنا، هم الذين يرمون الدواء، أم ان الجميع قد يكون مشتركاً في ذلك، إن صح ان هذه ظاهرة متفشية. ألا يجوز أن يكون رمي الأدوية ظاهرة كويتية تتفشى بين أدعياء المرض الراكضين وراء إجازات مرضية للهرب من أعمالهم. ولو ثبت أن المرضى من المقيمين يرسلون الدواء أو جزء منه، وبالذات أدوية الأمراض المستعصية إلى عائلاتهم وأقربائهم المحتاجين اليها، فهل نمنع عملاً إنسانياً قد يتسبب في إنقاذ إنسان آخر في هذا العالم، قد يكون قريباً لإنسان يشاركنا الإقامة على هذه الأرض؟

من المؤكد أن صرف الدواء الخاص والمكلف للمقيم لا يتم إلا بأمر طبي، وبعد فحص وتدقيق وتحليل، فهل الأطباء متواطئون ضد الدولة لصرف أدوية لأناس لا يستحقونها؟

والله، إنه عيب وإساءة لنا جميعاً وخرق لكل المواثيق الدولية، وفوق هذا وقبل هذا، فهو مخالفة لكل الشرائع والأديان السماوية، التي نادت وحثّت على المساواة بين البشر. فهل نتعجب إن كرهَنا الناس؟ ألم نتعلم من درس الاحتلال؟ ألا ندرك لماذا شمتت فينا كل الجنسيات وقتها؟ ضع نفسك مكان إنسان يكد ويكدح في الكويت، ويقضي عمره في خدمتها، ثم حين يمرض نقول له ابحث لك عن دواء في السوق أو في بلد آخر، أنت لست «ابن البلد». هذا الإنسان الذي خدم البلاد وأهلها سنوات طويلة ليس ابن البلد. هل تتوقع منه الولاء للبلد؟

يارب استر على هذا البلد.

back to top