الباحثة نسرين عبد العزيز ترى فيها خطراً على الأطفال برامج الكارتون... نصائح فارغة
التلفزيون وسيلة إعلام سحرية بالنسبة للأطفال الذين يتلقفون كل ما يعرض عليهم من أنماط وسلوكيات وصور ما ينعكس عليهم نفسياً وسلوكياً. من هذا المنطلق قدمت أخيراً نسرين عبدالعزيز (باحثة في كلية الإعلام في جامعة القاهرة) أطروحتها لنيل الماجستير تحت عنوان «دراسة المضمون الذي تقدمه قنوات الكارتون وأثره على الطفل» وحصلت عليها بدرجة امتياز مع التوصية بالطبع والنشر على نفقة الجامعة والتبادل مع الجامعات الأجنبية. معها كان هذا الحوار.
ما هي الأسباب التي دفعتك إلى تقديم فكرة هذه الدراسة؟أنا عاشقة للأطفال عموماً. من خلال دراسة الإعلام وجدت أن سطوته هائلة على الأطفال وهي اليوم في تزايد. في ظل غياب الأم عن المنزل لفترات طويلة، أصبح التلفزيون هو الذي يتولى عملية تنشئة الأبناء من دون أن نعي محتوى ما يقدم للأطفال عبر هذه الشاشة الساحرة. اخترت قناة Space Toon»» كمجال لتطبيق الدراسة، كونها ثالث قناة فضائية عربية موجهة إلى الطفل بشكل خاص، بعد ظهور قناة «أرتينز» وقناة «النيل للأسرة والطفل» وكونها تلقى إقبالاً كبيراً من جانب أطفال الخليج أيضاً، ناهيك عن ندرة الدراسات التي بحثت في مجال علاقة الطفل بالقنوات الفضائية العربية الموجهة اليه. كان من الضروري التعرف على المضمون الذي تقدمه قناة «Space Toon» والكشف عن الجوانب الإيجابية والسلبية الناتجة عن مشاهدة الطفل لهذه القناة ومعرفة اتجاهات أولياء الأمور في مسألة مشاهدة أبنائهم لهذه القناة ومقترحاتهم بشأن تطويرها.ما هي الخطوات التي قمتِ بها لإنجاز الدراسة؟حلّلت المواد المقدمة على القناة خلال فترة زمنية محددة، من ثمّ أجريت دراسة ميدانية على عينة من الأطفال الذين يشاهدون القناة، تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاماً مؤلفة من 400 مقسمين بالتساوي بين الذكور والإناث من جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية المنخفضة والمتوسطة والمرتفعة للتعرف على عادات وأنماط استخدام هؤلاء الأطفال لهذه القناة وأسباب مشاهدتهم لها ومدى تأثرهم بها. بعد ذلك أجريت دراسة على عينة من أولياء أمور الأطفال الذين يشاهدون القناة لمعرفة آرائهم واتجاههم حول المواد والفقرات التي تقدمها «Space Toon». بلغ قوام هذه العينة 50 مفردة.ما هي أبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة؟ توصلت من خلال تحليل محتوى البرامج المقدمة في القناة إلى أن معظم المواد والفقرات المقدمة تذاع باللغة العربية الفصحى. ارتفعت نسبة الإنتاج الأجنبي في المسلسلات الكارتونية والبرامج المقدمة على شاشة القناة، بينما انخفضت هذه النسبة في الإعلانات والأغاني وفواصل الفقرات. كذلك استنتجت أن المسلسلات الكارتونية تشغل نسبة كبيرة في خريطة إرسال القناة وتعدّ من أكثر المواد والفقرات المقدمة، بينما تُعد البرامج من أقل المواد المقدمَة على القناة. ارتفعت نسبة ظهور الذكور على شاشة القناة خلال فترة الدراسة واحتل الأطفال مركز الصدارة بالنسبة إلى الشخصيات.من أبرز نتائج الدراسة أيضاً أنSpace Toon» « حازت على إعجاب معظم أطفال عينة الدراسة وأن المسلسلات الكارتونية من أكثر المواد والفقرات التي يشاهدها أطفال عينة الدراسة يليها الإعلانات، ثم الأغاني والبرامج وأخيراً فواصل الفقرات.من أخطر النتائج التي توصلت إليها الدراسة ارتفاع معدل اعتقاد بعض الأطفال في المرحلة الابتدائية في إمكانية حصول قصص المسلسلات في الواقع وارتفاع درجة تبني الطفل للنصائح المُقدَمَة على القناة خلال فترة الدراسة. من أكثر المجالات التي تم التأثير فيها عليهم: غسيل الأسنان، النظام، احترام الكبار. ظهرت فروق واضحة بين الخصائص الديمغرافية للطفل ودرجة تبنيه لنصيحة واحدة من النصائح المقدمة على شاشة القناة وهي «مهما كان الطعام لذيذاً لابد أن أتقاسمه مع أسرتي» حيث تبنى أطفال الصف الخامس الابتدائي هذه النصيحة أكثر من أطفال الصف السادس الابتدائي وكان الأطفال الذين يتمتعون بمستوى اقتصادي اجتماعي مرتفع أقل تبنياً لهذه النصيحة مقارنة بأطفال المستوى الاقتصادي الاجتماعي المتوسط والمنخفض. ما هي أبرز النتائج التطبيقية التي توصلت إليها؟رصدت الدراسة عدة نقاط أهمها ارتفاع نسبة مشاهدة أولياء الأمور لقناة «Space Toon»، وإعجابهم بها. اعتبرت نسبة كبيرة من أولياء الأمور أن القناة تقدم الكثير من العنف في المواد التي تعرضها على شاشتها وارتفعت نسبة تأثر الطفل بالعنف المقدم على القناة من خلال تعامل الطفل مع إخوته. توصلت أيضاً إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين يقلدون أبطال مسلسلات الكارتون واحتلت شخصية «سوبرمان» مركز الصدارة بين هؤلاء الأبطال. عموماً طالب معظم أولياء الأمور باستمرار بث إرسال القناة وعدم إغلاقها واقترح معظمهم تقليل حجم العنف المقدم فيها وتقليل ساعات الإرسال وحجم الإعلانات وإدخال البرامج الحوارية والدينية إليها.كيف يمكن تدعيم التأثير الإيجابي للتلفزيون لصالح الطفل؟يؤدي الوالدان الدور الأساسي في ذلك من خلال تشجيع الطفل على الانتقاء من بين البرامج التي تقدم له. عموماً يجب التقليل من عرض المسلسلات العنيفة وتقديم البرامج الدينية لتقوية الوازع الديني لدى الطفل. أخيراً زيادة بث المسلسلات الكارتونية المنتجة عربياً وتخفيض بث المسلسلات التابعة للإنتاج الأجنبي.