السفير الصيني وو جيو هونغ لـ الجريدة: يلزمنا بعض الوقت لنصبح دولة عظمى... ولن نتدخل في شؤون الدول الأخرى أعرب عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع في لبنان وقطاع غزة و أكد أن علاقات بلاده بالكويت متطورة

نشر في 10-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 10-02-2008 | 00:00

العلاقات الكويتية ـ الصينية والملف النووي الإيراني وتنامي الاقتصاد الصيني وقضايا مثل تحديد النسل والاحتباس الحراري وأولمبياد 2008 والأقليات الصينية والوضع في لبنان وغزة اليوم... مجموعة من القضايا طرحتها «الجريدة» على سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الكويت وو جيو هونغ.

شهدت جمهورية الصين الشعبية أو كما تسمى بـ«العملاق الآسيوي» إحدى سنواتها الصاخبة في مجالات الاقتصاد والأمن والسياسة الخارجية عام 2007، واليوم ومع بدايات عام 2008، يجدّد المحللون تفاؤلهم بتحوّل الصين «تنيناً أكبر» للقرن الواحد والعشرين يوازن الإمبراطورية الأميركية... هذا ما يؤكده السفير الصيني لدى الكويت وو جيو هونغ بالقول: «نحتاج بعض الوقت فقط لنصل لمستوى الولايات المتحدة، لكن سيكون الفرق بيننا هو أننا لن نتدخل بشؤون غيرنا».

وأشار السفير هونغ، الذي يتقن اللغة العربية، في مقابلة مع «الجريدة» إلى أن الصين توافق الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، لكنها لا تتفق مع مبدأ الحرب، بل تفضل دائما الحلول ضمن الطرق الدبلوماسية، وخصوصا في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

ولا يجد هونغ أن النمو المتسارع في كافة المجالات في الصين يشكل بحد ذاته قلقا على الدول الأخرى، لا سيما الولايات المتحدة التي وصفها بأنها «شريكا تجاريا مهما في مجال استيراد منتجات التقنية العالية».

وحول استمرار اتباع الصين سياسة تحديد النسل، أكد السفير الصيني أنها جاءت بنتائج مضمونة، لافتا إلى أن الشباب في الصين اليوم لديهم من الوعي ما يكفي لإدراك أهمية هذه السياسة، مشددا على أن هذه السياسة نجحت في تثبيت عدد سكان الصين عند 1.3 مليار نسمة لأربع سنوات على التوالي.

كذلك، أعرب هونغ عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع في كل من لبنان وغزة، مؤكدا أن هناك دولا تتدخل في شؤون دول أخرى ودولا تنحاز لدول دون أخرى، محذرا من انهيار الوضع إذا لم تستخدم الطرق الدبلوماسية في حل القضايا.

وفي ما يلي نص اللقاء:

علاقات متطورة

كيف تقيمون العلاقات الصينية - الكويتية اليوم؟

ـ العلاقات الكويتية ـ الصينية علاقات متطورة و ممتازة، بدأت في العام 1971، أي قبل حوالي أكثر من 37 سنة، وخلال تلك السنوات المنصرمة تطورت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا خصوصا في السنوات الأخيرة، وشملت كل النواحي الاقتصادية والسياسية والتجارية والاستثمارية والثقافية والرياضية وكثير من المجالات الأخرى، وعمد المسؤولون في كلا البلدين إلى تعزيز هذه العلاقات، إذ ركزوا تحديدا على تطوير العلاقات الاقتصادية، لأن الصين اليوم تعتبر بلدا ناميا يولي الاقتصاد أهمية كبرى، ويحتاج إلى محروقات النفط بشكل كبير، والكويت بلد منتج للنفط وهذا ما تحتاجه الصين، ما يخلق توليفة مشتركة ومتجانسة من تبادل المنتجات والتزود بالنفط.

أميركا شريك تجاري مهم

تشهد الصين اليوم نموا متسارعا في كافة المجالات، فإلى أين تطمح؟ وهل يشكل هذا النمو قلقا أو خطرا على بعض الدول؟

ـ لا أبدا، التطور الصيني اليوم هو لصالح الشعب الصيني ولصالح دول العالم قاطبة، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، بدليل أن حجم الاستيراد الأميركي من الصين كبيرا جدا، وهي أصبحت شريكا تجاريا مهما للولايات المتحدة في تجارة منتجات التقنية العالية، بدليل أن حجمها بلغ 46.07 مليار دولار من ضمنها 33.99 مليار دولار بزيادة 13.1% من الصادرات الصينية الى الولايات المتحدة، بينما وصلت الواردات الصينية من الولايات المتحدة الى 12.08 مليار دولار، بزيادة 16.9% في النصف الاول من هذا العام حسب الاحصاءات الرسمية.

تحديد النسل

هل لازالت الصين تطبق عقوبات محددة على من لا يلتزم من الصينيين بسياسة تحديد النسل؟

ـ لا ، لقد تغير النهج الصيني اليوم وذلك بفضل الوعي الواضح لدى الكثير من الشباب اليوم، وهم ومن دون الالتزام بهذا القانون قادرون ومهيؤون اليوم لتحمل مسؤولية طفل واحد أو اثنين على الأكثر لكل شاب وشابة متزوجين في الصين، الأمر تغير كثيرا في السنوات القليلة الماضية، فالصين تعاني كثافة سكانية رهيبة وبوعي الشباب استطعنا أن نقلل 300 مليون شخص من المواليد كل عام، ونحن إذا لم نطبق سياسة تحديد النسل فسيكون هنالك فوضى سكانية. واليوم وبعد رفضها سابقا، أصبحت تلقى قبولا من الشعب الصيني بكافة أطيافه وكذلك من قبل مؤسسات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان. و هذه السياسة نجحت في تثبيت عدد سكان الصين عند 1.3 مليار نسمة لأربع سنوات على التوالي.

المسائل العرقية

تعتبر المسائل العرقية في أي بلد في العالم قضية حساسة، وأي إهمال من المسؤولين تجاهها قد يولد صراعات، وفي الصين هنالك أكثر من 55 أقلية عرقية، ماذا فعلتم حتى الآن لخلق تجانس في العلاقات بين كل الطوائف والأقليات القومية؟

ـ الصين بلد متعدد القوميات، و90 بالمئة من الشعب الصيني هو من قبيلة «هان»، ومع التاريخ تشكل وتطور مختلف القوميات في الصين وامتزجت بعضها مع بعض. ففي مجرى التطور التاريخي الطويل تنقلت مختلف القوميات مرارا وتكرارا حتى تشكل تدريجيا نمط التوزيع السكاني للقوميات حيث تعيش معا في مساحات واسعة، في حين يعيش بعضها بشكل مركز في مناطق صغيرة. تنتشر قومية «هان» في كل أنحاء البلاد باعتبارها أكثر القوميات الصينية تعدادا. وعلى الرغم من أن الأقليات القومية قليلة التعداد، وتقيم في مناطق الحدود الواسعة رئيسيا، لكن لا تخلو المناطق الإدارية على مستوى المحافظة فما فوق في داخل البلاد من أبناء الأقليات القومية بين سكانها. ونظرا لحالة التعايش المختلط والاعتماد المتبادل من الانتشار السكاني، يأتي إنشاء مناطق الحكم الذاتي القومي المختلفة الأنواع والمستويات في المناطق المأهولة بالأقليات القومية صالحا لإيجاد العلاقة القومية المنسجمة المستقرة وتحقيق التنمية المشتركة لمختلف القوميات.

الاحتباس الحراري

ماذا قدمت الصين من جهود لحماية الكرة الأرضية من التلوث والاحتباس الحراري؟ خاصة أنها وقعت اتفاقيات تعهدت من خلالها إلى حماية البيئة وتقليل استخدامها مواد الفحم وغيرها من المواد الضارة بالغلاف الجوي للأرض؟

ـ نعم، وقعت الصين اتفاقيات مختلفة حول البيئة، و المحاولات في إيجاد بيئة أنقى وأنظف تنفذ بصورة صحيحة و هناك سيل من القوانين في الوقت الراهن التي تهدف إلى تشجيع التنمية المستدامة. واليوم تحسنت البيئة في الصين بشكل ملحوظ.

الصين وإيران

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي زار الصين نوفمبر من العام الماضي، وطلب من الحكومة الصينية ضرورة أن تعلن عن موقف حاسم لها تجاه الملف الإيراني النووي، هل يتوقع أن تعلن الصين بوضوح عن موقفها تجاه الملف كما تريد فرنسا؟ خصوصا أن كلا من بكين وطهران ترتبطان بعلاقات مشتركة على الصعيدين العسكري والاقتصادي؟

ـ الصين وفرنسا بينهما أشياء مشتركة كثيرة، فكلا البلدين يدعو إلى بناء عالم متعدد الاقطاب السياسية ويحقق المنفعة الاقتصادية المتبادلة ومتنوع ثقافيا ويتسم بتعاون متناغم.

والموقف الصيني من الملف الإيراني واضح وسليم ومقبول من جميع الأطراف الأوروبية والأميركية، ونحن نتمسك بالرأي الذي يعزز حل هذه القضية بالطرق السلمية وبطرق الحوار الدبلوماسي، ولا نفضل الحرب ولا التوتر في المنطقة، ولا خلاف جوهريا حول هذا الملف مع المجتمع الدولي، وقد أوضحت الصين موقفها القائم على أساس تأييد المرحلة الأولى من الحرب الأميركية ضد الإرهاب، ومعارضة توسيع نطاق تلك الحرب.

نشرت صحيفة صينية هي «South China Morning Post» قبل عدة أيام، وضمن افتتاحية لها على الصفحة الأولى، أن «إيران تجازف اليوم لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة غير آمنة على الإطلاق بامتلاكها السلاح النووي»، هل هذا يمثل رأي حكومة الصين كذلك؟

ـ مع أنني لم أطلع على الافتتاحية، إلا أنني أؤكد أن هذا لا يمثل الموقف الصيني والموقف الصيني تجاه الملف الإيراني النووي واضح، ولنا مع إيران والصين علاقات طبيعية وجيدة وما نشر لا يمثل أبدا السياسة الصينية على الإطلاق.

قوة عظمى

يرى المراقبون والخبراء الإقتصاديون أن الصين ستشكل «قوة عظمى» في المستقبل القريب، هل من مؤشرات حقيقية وواقعية على ذلك؟

ـ إذا تحدثنا عن التعداد السكاني فالجواب نعم، الصين اليوم تتمتع بكثافة سكانية كبيرة ، وإذا تحدثنا عن القوة العسكرية والوضع الاقتصادي فإننا لا زلنا بلدنا ناميا، ونحتاج إلى بعض الوقت لنصل إلى مستوى الدول العظمى مثل اليابان والولايات المتحدة، ولكننا متى ما وصلنا إلى ذلك المستوى فإننا لن نتدخل في شؤون غيرنا مثل ما يفعل الآخرون .

غزة ولبنان

ما موقف الصين من عدم استقرار تعانيه المنطقة اليوم وخصوصا الأوضاع في كل من لبنان وغزة؟

ـ الوضع مؤسف بالفعل، فقضايا العراق ولبنان وفلسطين قضايا وصلت برأينا إلى طريق مسدود، ونرى الأسباب في أن هناك وقوف دولة ضد أخرى أو بالعكس، والتدخل من قبل دولة في شؤون غيرها، ونحن ندعو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الىة الالتزام بسبل الحوار الدبلوماسي وعدم التدخل في شؤون الغير.

أولمبياد 2008

العالم يتطلع هذا العام إلى أولمبياد 2008 المتوقع انطلاقه في أغسطس المقبل ؟ إلى أين وصلت التحضيرات؟

ـ بكين جاهزة لاستضافة الاولمبياد من الآن على الرغم من أن الدورة ستقام بعد عدة أشهر ولأننا نعرف ان الاولمبياد اكبر الالعاب في العالم فقد انتهينا من بناء الاستاد الرئيس الذي سيقام عليه حفل الافتتاح وتم الابداع في تشييده وتصميمه على شكل عش الطائر وتزويد سطحه بأرفف وأسطح لتجميع الطاقة الشمسية وانتاج طاقة كهربائية كبيرة وتقليل اهدار الماء والاستفادة منه في التدفئة والتبريد والانارة.

ثلوج الصين وشتاء الكويت

تحدث السفير الصيني عن الطقس في الكويت، مؤكدا أنه شديد البرودة هذه الأيام، لكنه أكد أن الصين تعاني بردا وثلوجا لم يرها الكويتيون، في إشارة منه لموجة الطقس السيئ التى اجتاحت 19 مقاطعة وبلدية ومناطق ذاتية الحكم فى الصين والتى تسببت فى خسائر بشرية ومادية واضطرار عديد من الاسر المنكوبة الى مغادرة ديارهم.

وقال «إن بعض المقاطعات فى جنوبي الصين تشهد اسوأ طقس شتوى منذ 50 عاما، حيث تسقط الثلوج منذ منتصف يناير الماضى، وادى ذلك لعشرات الوفيات وانهيار الابنية وانقطاع التيار الكهربائى ووقوع حوادث بالاضافة الى مشاكل فى النقل وهلاك الماشية واتلاف المحاصيل».

دعم مادي  وتقني للبنان

أشار السفير إلى توقيع الصين ولبنان فى العاصمة اللبنانية بيروت قبل أيام على اتفاقية «منحة عينية» مقدمة من جمهورية الصين الشعبية بقيمة 30 مليون يوان صينى (حوالى 4 ملايين دولار اميركى) إلى لبنان لتوفير دعم تقني وتجهيزات للادارات الرسمية.

back to top