المغرورون صناعتنا

نشر في 21-09-2007
آخر تحديث 21-09-2007 | 00:00
No Image Caption
 مسفر الدوسري وطن آخر

ماتشــافينــا وطــــــبنــا  دام هذا اللـــي يـــداوي

يا الله الخــــيره نشـــبنا  والجمَــــل مهوب قاوي

قالوا اصلاح وطـــربنا  صـارت احزان الغناوي

خدّرونا لين ذبنــــــــــا  بالكـلام وبالدعــــــاوي

وعيّبـــــونا لين عـِـــبنا وانسبوا لنا البــــــلاوي

صبّوا المـلح وشــــربنا قلنا من كفّ النـــــداوي

إن رضينا وان غضبنا  عندهم صار امتســـاوي

مانفع زايــد عـتـبنــــــا  عمك أصمخ للشــكاوي

نارنا تاكل حــطبــــــنا   والبخَــــت بيديـن واوي

ماكلن عـنا رطبـــــــنا  والفصــم لنا منـــــــاوي

شــابت لحانا وشــــبنا  وانطفى نور الهقـــــاوي

ماتشــــافينا وطـــــبنا   دام هذا اللي يــــــــداوي

الغرور صفة حميدة، بل ومطلوبة!!

الغرور إحساس رائع...

يمنحك الرضا عن ذاتك

عندما تبحث عن من يشعرك «بوجودك» فلاتجد.

عندما لا تجد من يشاركك فرحتك الصادقة بما تنجز حتى ولو كان هذ الإنجاز صغيراً.

وعندما تعز اليد التي ترفعك عن طين الأرض ووحلها.

وعندما لا تجد من يغنيك عن شر استعراضك لما تعتقد أنه جميل فيك، وتحس أن «الجميع» قد مروا أمام خضرة بساتينك، ولم ينتبهوا لعبق أزهارك، ولا عذوبة مائك، ولم يصغوا لإبداع بلابلك، وتوشك على السقوط في هاوية الإحباط العميقة...

هناك دائما من ينتشلك بسرعة، ويقذف بك عاليا...

إنه الغرور...

الغرور هو السيد الوحيد (حينها) الذي يعيد لك التوازن والرضا عن نفسك، رغم أنف التجاهل واللامبالاة من الآخرين!!

الغرور هو الصديق الذي لا يخذلك أبداً،

الغرور - باعتقادي - نعمة...

ولكن...

الغرور يصبح بشعاً وسيئاً عندما يجعلك تمارس على الآخرين نفس الممارسات التي أجبرتك على الاستعانة بغرورك، ويجعلك ترى نفسك لدرجة العمى، فلا تعد قادراً على رؤية الآخر!

فيتلاشى هذا الآخر أمام ناظريك حتى يختفي أو يكاد

وتتورم ذاتك جداً وتصبح مليئة بالهواء و(القرف)!

لست ضد الغرور بشكل قاطع، بل إنني أفهم تماماً لماذا يمارسه البعض و(أقدرّه)، لأنه تغطية لعجز الآخرين عن منحك الاحساس بقيمتك أو قيمة ما تعمل، بشرط أن لا يتحول هذا الغرور إلى سلاح لقتل ذات الآخر أو تهميشه.

لذا...

أقول ان من يدّعي أنه ضد الغرور والمغرورين عليه أولاً أن يلوم نفسه لأنه أحد الأسباب التي سربت الغرور إلى نفس هذا المغرور، إنه أحد العاجزين عن رؤية جمال هذا الشخص، والبحث فيه عن شعاع ما، عن بهاء ما، عن شيء ما يستحق الإشادة والإعجاب... قبل أن يصبح مغروراً،

هؤلاء المحرومون من كلماتنا الندية الخضراء، ومن مشاعرنا الفياضة تجاههم أو تجاه مايقومون به من عمل أو إبداع، هؤلاء الذين استعانوا بالسيد الغرور ليقوم نيابة عنا بما عجزنا عنه، هؤلاء المغرورون من صناعة أنانيتنا وغرورنا نحن!

أعرف أن هناك من أصبح مغروراً لكثرة ما يسمع من كلمات الإعجاب والإطراء، وهؤلاء مرضى في الأصل وليس لهم عندي طب ولا طبيب، ولست في صدد الحديث عنهم، وهم بالمناسبة من صناعتنا نحن أيضاً، صناعة براءتنا أو جهلنا أو غبائنا.

وهناك غرور آخر بشع، وهو غرور الذائقة!!

الذائقة التي تلغي كل ما لا يتطابق تماماً معها،

الذائقة التي ترى كل شيء بالأبيض والأسود فقط.

أسمى مراتب الجمال ليس في أن تحب مع ما يتفق مع ذائقتك،

بل في قدرتك على أن تجد في ما لا يتفق مع ذائقتك ولو شيئاً صغيراً، يستحق منك التقدير والإعجاب.

وسنبقى بحاجة إلى الغرور مادمنا نفتقد للإنصاف، وحتى ذلك الحين يظل السيد الغرور الصديق «النشمي» الذي لا يخذلك أبداً!

back to top