يا سلطة انتبهي

نشر في 27-12-2007
آخر تحديث 27-12-2007 | 00:00
 ضاري الجطيلي

قد ترحل نورية في سبيل تخطي الأزمة من دون خسائر آنية، ولكن كيف يتوقع من أي مخلص أن يغامر بدخول الحكومة إذا لم ينعم من سبقوه بدعم السلطة ضد الابتزاز ومحاولات التدخل في أبسط اختصاصاته؟

ينطوي محتوى استجواب وزيرة التربية نورية الصبيح على مفارقة، إذ فضلاً عن كونه من أضعف وأفرغ الاستجوابات في المضمون والدافع، فإن أساليب تعامل الوزيرة والنواب والكتل السياسية والحكومة والسلطة معه سيترتب عليها نتائج تؤثر على المدى البعيد في مسيرة العمل السياسي والديموقراطي في الكويت.

إن استهداف وزيرة الصحة السابقة د. معصومة المبارك قبل شهور قليلة من قبل نواب الكتلة الدينية لفرض تنحية وكيل الوزارة بدوافع منها طائفية، واستهداف الوزيرة الصبيح الآن من قبل الكتلة ذاتها رداً على قيامها بتنظيف الوزارة ممن هم عائق في طريق تطويرها، هما مثالان حيان لظاهرة تطويع أداة الاستجواب للابتزاز السياسي وتكريس الطائفية والقبلية، ويجب على السلطة الانتباه إلى خطورة التساهل في خرق مبدأ فصل السلطات، حيث أن الخضوع لتلك الظاهرة يفتح باباً من الصعب إغلاقه في وجه قوى الفساد والتكسب السياسي، خصوصاً أن هناك تلويحاً باستجواب وزير الصحة بنفس دوافع استجواب د. معصومة سابقاً.

ما هي الرسالة المراد توجيهها لكل من لديه القدرة أو الرغبة في الخدمة العامة والعمل الوزاري من المخلصين؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن تجيب عليه السلطة قبل تفكيرها بإجبار الوزيرة الصبيح على الاستقالة قبل مناقشة الاستجواب أو التخلي عنها بعده. قد ترحل نورية في سبيل تخطي الأزمة من دون خسائر آنية، ولكن كيف يُتوقع من أي مخلص أن يغامر بدخول الحكومة إذا لم ينعم من سبقوه بدعم السلطة ضد الابتزاز ومحاولات التدخل في أبسط اختصاصاته؟

لقد أثبتت تجارب استقالة وتدوير الوزراء د. معصومة والمعتوق والحميضي أنها ساهمت– ولو بحسن نية- بشكل مباشر في تكريس أسلوب تطويع أداة الاستجواب بغرض الابتزاز السياسي، ومن المفترض أن تكون تلك التجارب كافية لكي تقتنع السلطة بعدم جدوى أسلوب الهروب من الاستجواب في كل مرة، فلتواجه الحكومة الاستجواب بقوة متسلحة بما تملكه من وسائل إعلام وتواصل مع الشارع بالإضافة إلى تفعيل دورها ككتلة متضامنة داخل المجلس من حقها أن تحشد النواب لصالحها، ففي المواجهة تفعيل لمواد الدستور وهذا أضعف الإيمان.

إن الهروب مجدداً سوف يجلب مزيداً من الابتزاز، ما يتسبب في ابتعاد المخلصين عن العمل الوزاري ويقصِّر عمر الحكومات أكثر، ويجعل من مهمة إدارة الدولة أمراً مستحيلاً.

Dessert

«كل في قلبه شقى اللي له» ... و«كل واحد همه على قده»، فقد أصبح للاستجواب ثلاثة أركان:

المجلس يستجوب، والحكومة تفند ... والأمين «يرتز» ويبتسم للكاميرا.

back to top