دول الخليج العربي إلى أين خلال الـ 25 سنة المقبلة؟ التعليم... والإصلاح المنشود

نشر في 11-02-2008
آخر تحديث 11-02-2008 | 00:00
 د. موضي عبدالعزيز الحمود

التيارات المهيمنة على مقاليد الأمور في البلد جعلت وزراءنا ترتعد فرائصهم ويندفعون إلى المبادرة بإصدار قوانين تصادر الحريات وتجعل من الإصلاح شعاراً يُرفع فقط لذر الرماد في عيون من يطالبون به.

خمسة سيناريوهات أثيرت في نقاشات منتدى التنمية لدول الخليج العربي على مدى يومين في اجتماعه السنوي في البحرين أقل ما يمكن أن يقال عن معظمها إنها مزعجة ومقلقة.

أكثر هذه السيناريوهات تفاؤلاً هو تحقيق الأمن والاستقرار والديموقراطية والتنمية في المنطقة وتراجع الإنفاق على التسليح وتعزيز فرص الإصلاح السياسي في دولها، وكان أكثرها تشاؤماً هو «السيناريو الكارثي» باندلاع الحرب الخامسة في المنطقة وذلك نتيجة ضربة عسكرية من أميركا لإيران مع استمرار تفكك العراق وتصدير العنف والإرهاب وتعطل التنمية بشكل عام في المنطقة.

وباستعراض ذلك وتداعيات الأحداث المترتبة لكل سيناريو، كما أوردتها ورقة الباحث د. عبدالعزيز بن صقر، نجد أن الصورة ليست متفائلة كثيراً وأن هناك كثيراً من المتطلبات لتفادي «السيناريو الكارثي» والاقتراب من السيناريو المتفائل. ولعل على رأس هذه المتطلبات هو إصلاح التعليم كأداة أساسية للتغيير وذلك بالخروج بالتعليم الرسمي من أطره الجامدة إلى فضاء أرحب يعزز العلوم الحديثة، ومهارات التفكير التحليلي والنقدي، ويغرس قيم العمل والإنتاجية والإجادة في العمل والتواصل مع الآخر، وغيرها من المهارات والقيم الحياتية التي أصبحت مصيرية في عالم اليوم.

ولعلي لا أبالغ حين أذكر أنه بمقارنة هذه المتطلبات كلها من النظم التعليمية المنشودة بما يرفعه المسؤولون والمعنيون من نوايا لتطوير التعليم، فإنه لا يمس جوهر التطوير المنشود، إنما لا يعدو كونه تطويراً شكلياً.

فالتغيير والتطوير الحقيقي يعني خلق مواطن متسائل ناقد ومعترض على الباطل والفساد، مطالب بحرياته ولا يقبل المساس بها، وهذا ما لا ترغب فيه الحكومات وربما النخب الحاكمة في دولنا.

ولعل المتابع لسير الأحداث يلمس على أرض الواقع ذلك الهدف غير المعلن من خلال توجهات حكومية واضحة لنا- على الأقل في الكويت على سبيل التحديد- تتمثل في قرارات ومشاريع قوانين حكومية بدأت تمس هذه الحريات في الصميم؛ فالتحرك ضد البرامج الحوارية (حتى إن كان مؤقتاً)، والتوجه الى إصدار قوانين أو حتى قرارات لمراجعة المدونات والمنتديات الإلكترونية ومحطات البث الخاصة، والقيود على البحث والنشر، هي في واقع الحال تجسد الرؤيا الرسمية لمدى الحريات الذي ترضى به الحكومات، وهو أمر يتعارض تماماً مع ما ترفعه وزيرة التربية وطاقمها من رغبة في إصلاح التعليم- فالأمر يا سيدتي لن يتحقق ما دام هناك اتفاق معلن أو ضمني بين الخط الرسمي والخط المتشدد للتيارات المهيمنة على مقاليد الأمور في البلد، تلك التيارات التي جعلت وزراءنا ترتعد فرائصهم ويندفعون إلى المبادرة بإصدار هذه القوانين التي تصادر الحريات وتجعل من الإصلاح شعاراً يُرفع فقط لذر الرماد في عيون من يطالبون به ... ليبقى الحال على ما هو عليه لحين إشعار آخر... وهو الأمر الذي يجعل تلك السيناريوهات المتشائمة هي الأقرب إلى واقعنا.

وكل إصلاح وأنتم بخير.

back to top