ما هو دور رئيس الاتحاد الأوروبي ومَن هم المرشّحون الأبرز؟
لمَ نطرح هذا السؤال الآن؟
سيُعيَّن في السنة المقبلة رئيس للمجلس الأوروبي. أظهر استطلاع للرأي أن معظم المواطنين في غالبية دول الاتحاد الأوروبي الكبرى يريدون أن تتبوأ هذا المنصب شخصية سياسية مرموقة، مثل توني بلير أو أنجيلا ميركل، بدلاً من شخصية مغمورة نسبياً. والمثير للاهتمام أن 50% من البريطانيين توافقهم الرأي، وفق استطلاع أجرته صحيفة «فاينانشال تايمز».علامَ يشتمل هذا المنصب؟لا يشتمل على الكثير. صحيح أن صاحب هذا المنصب غالباً ما يدعى «رئيس أوروبا»، لكن اللقب الفعلي هو «رئيس المجلس الأوروبي». يرأس مَن يحتل هذا المنصب قمم الاتحاد الأوروبي السنوية الأربع، يعِدّ جداول أعمالها وينشغل في حل الخلافات والنزاعات بين الدول الأعضاء السبع والعشرين. لا يؤدي هذا الرئيس أي دور تنفيذي ولا يتمتع بأي سلطة لاتخاذ القرارات. أما الشؤون اليومية في الاتحاد الأوروبي فتبقى بين يدي رئيس المفوضية الأوروبية.وما يعلّق عليه الفدراليون آمالهم ويخشاه معارضو الوحدة الأوروبية هو أن يتحول في النهاية منصب رئيس المجلس، الذي يُعتبر حالياً ناطقاً رسمياً مميزاً إذا جاز التعبير، إلى رئيس أوروبي فعلي يُنتخب مباشرة من الشعب. من هنا أهمية الشخصية الأولى التي ستحتل هذا المنصب والتي ستُنتخب في أواخر هذه السنة. فعلى غرار الرئاسة الأميركية عام 1789، ستُحدَّد مواصفات هذا المنصب، وربما بشكل دائم، من خلال تميُّز الرئيس الأول وشهرته.سأل وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كيسنجر، ذات مرة: «بمَن أتصل في حال أردت الاتصال بأوروبا؟» بدءاً من السنة المقبلة، يمكن الرد على هذا السؤال بالقول: «برئيس المجلس». إذا اختارت الحكومات الأعضاء شخصية مثل بلير أو ميركل، فهي بذلك توضح للعالم ولها أن هذا المنصب مهم جداً. أما إذا اختارت شخصية غير معروفة نسبياً من دولة صغيرة في الاتحاد الأوروبي، فهي عندئذٍ تقول: «هذا مجرد منصب أوروبي رفيع آخر».مَن يؤدي هذه المهام حالياً؟لا أحد. بموجب المعاهدات الأوروبية الحالية، تتولى الدول مداورة كل ستة أشهر رئاسة المجلس الأوروبي (قمم رؤساء الدول أو الحكومات) ومجلس الوزراء (اجتماعات الحكومات على مستوى الوزراء، من الشؤون الخارجية إلى صناعة وتجارة الأسماك). قررت الحكومات خلال المفاوضات بشأن الدستور الأوروبي غير المعمول به أن هذا النظام لا يجدي نفعاً بوجود 27 دولة عضواً أو أكثر. فقد تمر أكثر من ثلاث عشرة سنة قبل أن يأتي دور الدول كلها. فلمَ لا نعيّن إذاً رئيساً دائماً للمجلس؟ وأُعيد إحياء هذه الفكرة في معاهدة الإصلاح، التي تعمل الدول الأعضاء حالياً على إقرارها. ولكن يجب الأخذ بالاعتبار أن رئيس المجلس الأوروبي سيرأس القمم السنوية الأربع فحسب، وسيبقى نظام المداورة القديم ساري المفعول لاجتماعات مجلس الوزراء، التي تنعقد بوتيرة أكبر، وللمفاوضات التقنية الدائمة بين المفوضين الوطنيين (السفراء) إلى الاتحاد الأوروبي. وفي المستقبل، ستتحمل هذا العبء كل ثلاث دول معاً. أما اجتماعات وزراء الخارجية فسيرأسها «الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية» الجديد، الذي سيُعيَّن السنة المقبلة أيضاً. تهدف هذه الخطوات كلها إلى «تبسيط» عملية اتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي. إلا أن كثراً في بروكسل يستصعبون فهم كيف يسهّل وجود أنواع ثلاثة من الرئاسة، عوض نوع واحد، العمل. بمن يتصل وزير خارجية الولايات المتحدة المقبل؟ برئيس المجلس؟ بالممثل الأعلى؟ أم برئيس المفوضية الأوروبية؟يبدو الحل الأمثل في تعيين الشخص نفسه رئيساً للمجلس وللمفوضية الأوروبية، في حين يعمل الممثل الأعلى مساعداً له و{وزير خارجيته». وما من بند في معاهدات الاتحاد الأوروبي، كما عُدلت وفق معاهدة الإصلاح، يحول دون تطبيق ذلك. عندئذٍ يصبح للاتحاد الأوروبي «رئيس أوروبي» حقيقي يتمتع بنفوذ وسلطة فعليين. لكن لهذا السبب عينه لن يُطبق هذا الحل.كيف يُختار الرئيس وكم تدوم ولايته؟ستصوت الحكومات الأعضاء السبع والعشرون، وسيفوز مَن يحصل على الغالبية، بعبارة أخرى، لا يتوقف القرار على حكومة واحدة. ستدوم ولاية كل رئيس سنتين ونصف قابلة للتجديد. فضلاً عن ذلك، يُفترض أن يكون رئيس المجلس «وجهاً معروفاً يمثل أوروبا» في نظر الأوروبيين العاديين. لكن البرلمان الأوروبي، الذي يُنتخب مباشرة من الشعب ويُعتبر المؤسسة الديمقراطية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي، لن يكون له أي دور في تعيين هذا الرئيس. أما رئيس المفوضية الأوروبية، الذي سيُختار هو أيضاً بحلول نهاية السنة، فيجب أن يحظى بموافقة أعضاء البرلمان. لذلك سيتمتع رئيس المفوضية بشرعية ديمقراطية أكبر من رئيس المجلس، الذي يُفترض أن يمنح الاتحاد الأوروبي شرعية ديمقراطية جديدة. وتُسمى هذه الخطوات بـ{تبسيط الاتحاد الأوروبي وإعادة تنظيمه».هل حظوظ توني بلير وافرة؟ لا على الأرجح. روّج الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لفكرة تولي بلير للرئاسة في نهاية العام الماضي. وبما أن ساركوزي تولى رئاسة القمم في الاتحاد الأوروبي بالمداورة ستة أشهر بدءاً من تموز (يوليو)، فسيكون له بعض التأثير في نتيجة الانتخابات. لكن يبدو الآن أن حماسته قد خبت.غير أن القادة الأوروبيين رفضوا فكرة أن يصبح توني بلير الرئيس الأول لمجلس الاتحاد الأوروبي. يقول البعض إن بلير تنازل عن حقه في أن يُعتبر أوروبياً أصيلاً عندما تبع الولايات المتحدة في حربها ضد العراق وحاول، حسبما يُقال، أن يقسم أوروبا إلى قسمين: قديم وجديد، تبين في النهاية أن لا وجود لهما. ويوضح البعض الآخر أنه لا يحق لأي بريطاني تولي هذا المنصب ما دامت المملكة المتحدة شبه منفصلة عن الاتحاد الأوروبي، رافضة اعتماد اليورو واتفاقية شينغن، التي تلغي ضوابط جواز السفر بين الدول الأوروبية. علاوة على ذلك، يبدو أن الغالبية تميل إلى اختيار رئيس للمجلس من بين القادة أو القادة السابقين للدول الأعضاء الصغرى لا الكبرى.مَن المرشحون الآخرون؟تعتقد مجموعة في بروكسل أن المستشارة أنجيلا ميركل قد ترحب بفرصة استبدال منصبها السياسي في ألمانيا بهذا المنصب في بروكسل. إذا صح ذلك، ستشكل المرشح الأمثل. ولكن يبدو أن معظم الحكومات الوطنية، خصوصاً البيروقراطيات الوطنية، تحاول التقليل من أهمية هذا المنصب بتعيين شخص مغمور نسبياً رئيساً أول للمجلس. يتمتع رئيس وزراء اللوكسمبورغ جون كلود جانكر ببعض المؤيدين، لكنَّ البريطانيين والفرنسيين يكرهونه. أما رئيس وزراء بلجيكا غي فرهوفشتات، الذي تنتهي ولايته الأسبوع المقبل، فيود أن يحصل على هذا المنصب. إلا أنه فدرالي أكثر مما يرحب به البريطانيون وأغرب مما يقبل به الفرنسيون والألمان. يبدو أن المستشار النمساوي السابق وولفغانغ شوسل يتمتع بفرصة كبيرة، كذلك رئيس الوزراء الإيرلندي بيرتي أهيرن. ويبرز أيضاً رئيس الوزراء الدنماركي أندريس فوغ راسموسين مرشحاً عالي الحظوظ.أي المرشحين الأوفر حظاً؟لنركز على السيد راسموسين. فالدنماركيون ليسوا فدراليين متشددين، إلا أنهم معروفون بنزاهتهم ودماثة أخلاقهم. كذلك يعتبر البعض الاقتصاد الدنماركي الناجح نموذجاً يجب أن تتبعه سائر دول أوروبا، ولكن هل ينجح هذا المرشح في نيل رضى البريطانيين؟هل يجب أن يكون رئيس المجلس في الاتحاد الأوروبي شخصية بارزة؟نعم- الهدف من هذا المنصب منح الاتحاد الأوروبي مصداقية أكبر في أوروبا وخارجها.- وحده سياسي ماهر يقدر على التوفيق بين 27 رئيساً.- يمهد رئيس مجلس أوروبي مرموق السبيل إلى رئيس لأوروبا.لا- يملك السياسيون من دول الاتحاد الأوروبي الأصغر عدداً أقل من الأعداء والمصالح الخاصة.- صلاحيات الرئيس محدودة أكثر مما ذكره البعض أحياناً.- سيولّد رئيس مرموق مخاوف لا داعٍ لها من «ولايات أوروبية متحدة».