قانون حماية حقوق المرأة... معادٍ للمرأة 100 - 500 دينار غرامة لو عملت بعد الثامنة مساءً

نشر في 23-06-2007 | 00:00
آخر تحديث 23-06-2007 | 00:00
No Image Caption
يفتقر ما سمي بقانون حقوق المرأة إلى أي ضمانات يوفرها للمرأة الكويتية، بل جاء معاقبا لها إذا ما عملت بعد الثامنة مساء، ليخالف نصوص الدستور التي تؤكد سواسية الحقوق بين الجنسين وحرية المرأة في أداء عملها وعدم التدخل في الحريات الشخصية.

لقي تشريع حماية حقوق المرأة الذي أقره مجلس الأمة في 12 من يونيو الجاري ردود فعل، لما يتضمنه من نصوص شاذة على حياة المرأة في الكويت، ففي الوقت الذي روج مصدرو القانون لتضمن التشريع عدداً من الضمانات التي يوفرها، تكشف النصوص الواردة في القانون مخالفتها لنصوص الدستور، فقد ألزم التشريع الجديد الذي يمثل تعديلا على الباب السادس الذي يخص عمل النساء في قانون العمل في القطاع الأهلي، النساء بعدم العمل بعد الساعة الثامنة مساء وحتى السابعة صباحا من اليوم الذي يليه، وتعاقب كل من تخالف هذه المادة بغرامة من 100إلى 500 دينار.

حدد التشريع لعدد من العاملات العمل بعد الساعة الثامنة مساء كاستثناء من الأصل العام، الذي يمثل المنع وهن العاملات في المستشفيات، وغيرها من الجهات التي بإمكان وزير الشؤون تحديدها فيما بعد، وفي سبيله لتفعيل هذا التشريع فقد منح المشرع صفة الضبط القضائي عددا من موظفي الوزارة لتحرير المخالفات بحق العاملات بعد الثامنة مساء، وانتهى التشريع إلى ضرورة توفير الحماية للعاملات اللاتي تم استثناؤهن، وعلى جهة عملهن توفير مثل تلك الحماية.

وبعد الاطلاع على نصوص التشريع، هناك جملة من الملاحظات على ما تضمنه وهي على النحو التالي:

أولا: تحرص جميع التشريعات في كل بلدان العالم على توفير أكبر قدر ممكن من الضمانات التي من شأنها أن تفسح المزيد من الحريات التي كفلتها دساتيرها، فضلا عن أن الأصل في ممارسة الحقوق الإباحة، والمنع يمثل الاستثناء، إلا أن تشريع حماية حقوق المرأة اعتبر أن الأصل المنع في ممارسة العمل والاستثناء الإجازة، وهو ما يمثل تعطيلا لعدد من الضمانات التي من المفترض أن يحرص على تطبيقها وهو بتشريعه هذا خالف نصوص المواد 26 و29 و30 و41 من الدستور.

حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 26 من الدستور على أن «الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة» في حين تنص المادة 29 على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»، وأما المادة 30 فتنص على أن «الحرية الشخصية مكفولة» وأخيرا تنص المادة 41 على أن «لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه، والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه».

وبالنظر إلى جميع تلك النصوص الدستورية فإننا نجدها تكفل حق المواطنين رجالا ونساء في العمل، وضرورة احترام حرياتهم، وأن لكل مواطن ذكرا كان أو أنثى الحق في اختيار عمله، وبالتالي لايمكن إلزام مواطنة للعمل في مجال ما، وبوقت ما، فقد تقتضي ظروف العمل الاستمرار بعد الساعة الثامنة كمكتب محامية، أو مهندسة أو طبيبة أو مديرة محل تجاري، فهل ستغلق الأخيرة محلها الذي تديره في أيام العطل لأن المشرع لا يسمح لها بالعمل بعد الساعة الثامنة مساء.

ثانيا: إن المشرع حدد موعد الثامنة مساء من دون أن يسمح حتى لوزير الشؤون المعني بتنفيذ القانون بأي صلاحيات يمكنه من خلالها إطالة هذا الموعد لما تقتضيه ظروف العمل، وهو ما يفرضه العمل تحديدا في شهر رمضان، إذ ان أغلب القطاعات تعمل في شهر رمضان مساء، في تمام الثامنة مساء أو بعدها، ووفق التشريع المحافظ على أنوثة المرأة، فإن عليها أن تمكث في منزلها وإلا فإن «هيئة الأمر بالعمل والنهي عن الاستمرار به حتى الساعة الثامنة مساء» ستمارس صلاحياتها التي كفلها هذا القانون.

ثالثا: نص التشريع على أن جهة عمل الموظفات اللاتي تم استثناؤهن وفق القانون ملزمة بتوفير الأمن لدى ذهاب العاملات إلى عملهن ولدى عودتهن، والسؤال الذي يطرح نفسه إذا رفضت المرأة العاملة الحماية الأمنية فهل ستخالف الشؤون الجهات المستثناة؟ وإذا كانت تلك العاملة طبيبة أو ممرضة في جهة حكومية فهل ستوفر وزارة الداخلية لكل عاملة مركبة من وزارة الداخلية تحميها في الذهاب والإياب إلى منزلها؟ فالقانون اشترط على الجهة التي تعمل بها تلك الموظفة توفير حماية أمنية لها. وحينها هل ستخالف الشؤون وزارة الداخلية؟

رابعا : إن مثل هذا التشريع من شأنه أن يؤثر على عمل القطاع التجاري في البلاد وقد يربك أداءه، إذ يتعين عليه عدم السماح لأي موظفة بالعمل بعد الثامنة مساء لأنه سيعاقب وفق القانون بغرامات مالية، كما حرص التشريع على عدم تمكين الرجال من العمل في المحال النسائية؛ لأن ذلك مخالف للآداب العامة، وعلى الرغم من وجود لائحة تطبقها وزارة الشؤون بهذا الشأن حاليا، لكن المشرع جاء ليضع نصا تشريعيا بها، وبالتالي سيؤدي هذا النص إلى إغلاق المحال النسائية بعد الثامنة مساء، لأن التشريع يلزم عدم عمل الرجال في المحلات النسائية بشكل عام. والنتيجة المستخلصة من ذلك أيضا هو عدم إمكان تسوق النساء في الأسواق والمجمعات النسائية بعد الثامنة مساء لأن جميع المحلات النسائية مغلقة بعد هذا الموعد!

خامسا: منح المشرع صفة الضبط القضائي لموظفي وزارة الشؤون لتحرير المخالفات دون أن يراعي حرمة المساكن وخصوصيتها في هذا الشأن، كما يطرأ هنا تساؤل آخر وهو ماذا لو كانت محررة الضبط القضائي موظفة وأثناء مراجعتها على الأماكن التجارية لتحرير مخالفة العمل بعد الثامنة مساء، وهي الأخرى تجاوزت الفترة التي حددها القانون أي بقيت بعملها بعد الثامنة مساء لتحرر المخالفات فمن سيخالفها؟ الواقع سيؤكد عدم مخالفتها؟

back to top