الحل... جرعة ديموقراطية أخرى

نشر في 03-07-2007
آخر تحديث 03-07-2007 | 00:00
 سعد العجمي

الخلاص من هذه الحلقة المفرغة التي نعود منها بعد كل أزمة إلى المربع الأول، هو إحداث قفزة نوعية في الحياة السياسية تتطلبها المرحلة التي نعيشها، تكمن في إشهار الأحزاب السياسية وتنظيمها، فلاعمل سياسيا مثمرا ومنجزا دون وجود الأحزاب.

أوجه شبه كثيرة بين مراحل نمو الإنسان والديموقراطية، فالإنسان يولد طفلا ثم يكبر ويصبح شاباً إلى أن ينضج ويصبح كامل الرجولة، كذلك الديموقراطية تولد في أي بلد في العالم صغيرة ومحدودة ومع الوقت تتعمق وتتأصل حتى تصبح ديدن حياة للمجتمعات... ويبقى الفارق الوحيد بينهما، أن الإنسان يهرم ويموت، أما الديموقراطية فكلما كبرت تجذرت وأصبحت خالدة غالباً.

من هذا المنطلق، لو كان لديك ابن يبلغ الثالثة من العمر يلعب بالكرة داخل المنزل فإنك لن تكترث كثيرا لأن ركله للكرة لن يحطم أغراض المنزل نظراً لصغر سنه، لكن الوضع سيختلف عندما يلعب الكرة وقد بلغ السابعة من عمره، عندها ستحطم تسديداته النوافذ والأبواب وسيدخل مصحوباً بالطاقة المتولدة لديه في خلافات مع أمه وإخوته، وستكون مضطراً لمنحه مساحة وحرية أكبر من المنزل، إما الشارع وإما الملعب.

هذا الوضع مع الأخذ في الاعتبار فوارق الشخوص والزمن، مشابه لحال الديموقراطية لدنيا التي ولدت قبل أكثر من أربعين عاماً مرت خلالها بمراحل تطور ونمو، صاحبها حالات توعك صحي، كما الإنسان، عبر الحل غير الدستوري أكثر من مرة، إضافة إلى محاولات تنقيح الدستور، مروراً بمرض «حصبة» المجلس الوطني قبل سبعة عشر عاماً، الذي شفيت منه والحمد لله، ولأن الحصبة تصيب الإنسان في مراحل حياته الأولى غالباً، فهذا يعني أن ديموقراطيتنا اشتد عودها وأصبحت في عنفوان شبابها، ولم تعد الأدوات التي يتم التعاطي السياسي وفقها تستوعب ما وصلت إليه من نضج، وعليه فقد حان وقت إحداث نقلة نوعية للعمل السياسي لدينا.

يخطئ من يعتقد أن أزمة العلاقة بين السلطتين انتهت باستقالة الجراح والمعوشرجي، وواهم إلى ما لا نهاية من يظن أن طريق مستقبل تلك العلاقة مفروش بورود حسن النوايا التي تطلق من هنا أو هناك، هذا إذا ماأحسنا النوايا نحن أيضاً واعتبرنا العلة والمعضلة سببهما السلطتان أساساً، وليس أطراف خارج الحكومة والمجلس.

إن الخلاص من هذه الحلقة المفرغة التي نعود منها بعد كل أزمة إلى المربع الأول، هو إحداث قفزة نوعية في الحياة السياسية تتطلبها المرحلة التي نعيشها، تكمن في إشهار الأحزاب السياسية وتنظيمها، فلاعمل سياسيا مثمرا ومنجزا دون وجود الأحزاب.

نعم لتكن أحزاب ترعاها الدولة، يُسَن لها تشريع يمنع قيامها على أسس اجتماعية أو طائفية، تنصهر فيها كل القوى السياسية، والحزب الذي يحصد الأغلبية النيابية يشكل الحكومة بالتوافق مع رئيس مجلس الوزراء، الذي ليس بالضرورة أن يكون شعبيا، لكنه مسؤول عن عمل وانجازات وإخفاقات الحكومة المشكلة أمام سمو الأمير.

ومتى كانت النية صادقة وموجودة فلن تقف مسألة مدى دستورية الدائرة الواحدة – وهي الأنسب في حال العمل بالنظام الحزبي- حجر عثرة في طريق هذا المشروع الإصلاحي.

عندها لن تكون هناك أزمة تلد أخرى، ولا توتر يلي توتر، ولااحتراب «نيابي – نيابي»، كما هي الحال، لأن مخرجات العملية الانتخابية ستتغير، وستتقلص معها الكثير من شوائب ومثالب الديموقراطية، كشراء الأصوات، والانتخابات الفرعية التي أصبحت بمنزلة الحاضنات التي تدعمها مؤسسة الفساد لتفريخ مزيد من العناصر الفاسدة.

back to top