ماركات الملابس العالمية بين الأصل والتقليد
انتشرت ظاهرة تقليد التصاميم والعلامات التجارية التي تميز موديلات كبار بيوت الأزياء بكثرة في مصر ولم ينج منها موديل لأي شركة. بيد أن أهم الأسباب التي تجعل الشباب عرضة للخداع هي الهوس بالعلامة التجارية والجهل بمعايير الجودة. ما هي حكاية مافيا الملابس المقلدة في الأسواق المختلفة؟ وما سر إقبال الشباب على شرائها رغم قلة جودتها مقارنة بالتصاميم الأصلية؟
يبدو أن رخص أسعار الماركات المقلدة هو السبب الرئيس في شرائها. في هذا السياق يقول محمد سعيد (22 عاماً): إن تقليد الماركات العالمية أصبح منتشراً جداً وهي تباع في المناطق الشعبية بخامات مختلفة وأسعار رخيصة وجودة أقل بكثير من الأصلية. ويلجأ أصحاب الدخل المحدود إلى شرائها لمجرد أنهم يرغبون في ارتداء موديل له علامة تجارية مميزة ومعروفة بغض النظر عمّا إذا كان أصلياً أم لا. أمّا شريف عبدالفتاح (19 عاماً) فيشير إلى أنه يحب أن تكون الملابس التي يرتديها ذات ماركات عالمية أصلية وليست مقلدة لأنه يرغب في أن يكون مميّزاً بين أقرانه، لكن حينما يرى أن هذه الموديلات أصبحت مقلدة ومنتشرة يتركها على الفور ويبحث عن موديلات جديدة. يختلف معه أحمد نجيب (20عاماً) في الرأي معتبراً أن الماركات العالمية ليست ذات أهمية كبيرة بالنسبة إليه، ولكن الأهم أن تكون الملابس التي يرتديها مناسبة له سواء كانت من ماركة عالمية أصلية أم لا. ويلاحظ أحمد أن بائعي الماركات المُقلدة قد يستغلون عدم قدرة المشتري على التفرقة بين المنتج الأصلي والمُقلد فيخدعونه في السعر. من ناحيته يقول عمرو غرباوي (19 عاماً): «أحب ارتداء الملابس ذات العلامة التجارية المشهورة لكن في نفس الوقت لا يهم إذا كانت أصلية أم مُقلدة،لأنها تكسبني «برستيجا» خاصاً بين أصدقائي». مشكلة لمصممي الأزياء يواجه مصممو الأزياء هذه الظاهرة باستمرار فقد أصبحت مشكلة كبيرة جداً بالنسبة إليهم. من بين هؤلاء المصمم المصري العالمي محمد داغر الذي يعتبر أن تقليد تصاميم الأزياء يتفرع إلى أكثر من مستوى، بدءاً من الشركات الكبرى التي يلجأ بعضها إلى تقليد تصاميم الأزياء التي ترتديها الفنانات وطرحها في الأسواق، انتهاء بمصانع الألبسة الصغيرة التي تأخذ أفكار المصممين العالميين أو بيوت الأزياء الشهيرة وتقلد إنتاجها بخامات وجودة أقل وأسعار أرخص وتسوّقها في أنحاء العالم. ويضيف داغر: «صممت فستاناً للفنانة مي عز الدين ثم وجدت في ما بعد الفستان نفسه معروضاً في متجر وسط البلد ولم يكن بنفس جودة خامات فستاني ولا بالسعر نفسه». ويبين داغر الدافع وراء تقليد التصاميم: «من الواضح أن نجاح التصاميم هو السبب الرئيس لتقليدها فهو يضمن لمقلديها المكاسب عند طرحها فى السوق. إزاء هذا الواقع المتفاقم تعمد بعض الشركات المنتجة للأزياء إلى اتخاذ إجراءات لحماية منتجاتها من التقليد والبحث عن المقلد لموديلاتها ومعاقبته قانونياً، رغم ذلك لا يستطيعون الحدّ من التقليد. بالنسبة لي لا يؤثر تقليد تصميماتى عليّ إطلاقا، فالذين يقبلون على شراء أزيائي يختلفون عن أولئك الذين يشترون من هذه الأسواق العامة بالإضافة إلى أنني أصمم كل يوم موديلات جديدة فلا ألتفت إلى تلك التي انتهيت منها وطرحتها من قبل. عندما أرى تصاميمي مقلدة ومنتشرة فى مختلف الأسواق أشعر أن هذا دليل على نجاحها ورواجها».ورشة ملابس مقلدةتسللت «الجريدة» إلى ورشة خاصة بتصنيع الملابس المقلدة لتعرف كيف يختار أصحابها التصاميم التي ينتجونها وما الذي يقف في طريق أن يكون لديهم تصميمات خاصة بهم. التقينا محمد نصر (23 عاماً) صاحب ورشة صغيرة لتصنيع الملابس في أحد الأحياء الشعبية في القاهرة. عن طبيعة عمله يقول: «أبتكر تصاميم تخصني ولكنني مضطر إلى إعادة إنتاج تقليد لتصميمات عالمية بعلاماتها التجارية التي حققت الرواج والانتشار، إذ لا يمكن أن أغامر بطرح تصاميمي وحدها بعلامة تجارية تخصها بسبب افتقاري إلى رأس المال المناسب الذي يخولني تحمل نفقات التسويق والدعاية والخسائر في حال عدم الإقبال عليها. تلقى العلامات التجارية العالمية أو الخاصة ببعض المصممين المصريين والعرب رواجاً واسعاً عند معظم الناس لذا فهي أضمن في التسويق». العلامات التجارية التى أقبلت الورش الصغيرة على إنتاجها أخيراً عديدة منها: «REPLAY» و»DIESEL» و{DandG» و{Armani» وهي من أكبر بيوت الأزياء العالمية وتنتشر منتجاتها في جميع أنحاء العالم وبأسعار باهظة. يتعرّف أصحاب الورش الصغيرة على الجديد من موديلاتها عن طريق شبكة الإنترنت، فيعيدون إنتاجها بخامات وأسعار مناسبة لطرحها في السوق الشعبية.ليست السوق الشعبية المكان الوحيد الذي يروَّج فيه للتصاميم المُقلدة هذا ما يؤكده محمد نصر:» إلى جانب السوق الشعبية أبيع قطع الملابس المقلدة في المحلات الكبيرة في مناطق الأثرياء شرط توفر جودة الخامات التي تناسب تلك المحال». ويوضح نصر أن أصحاب هذه المحالّ يفضلون التعامل مع الورش الصغيرة مثل ورشته بدلاً من استيراد الماركات العالمية التي تكلفهم مبالغ طائلة تؤثر على نسبة أرباحهم.