البهرة: فاطميون... إسماعيليون... بدؤوا تجّاراً لا سياسيين الطائفة لها مسجد ومقبرة في البحرين
«البُهِْرة» هي الوسط من كل شيء، أو الوسط من الطريق، وهو في الأصل اسم لقبيلة من اليمن. يقول الأمير الدكتور يوسف نجم الدين: «أمير الجامعة السيفية»: الدعاة الفاطميون حين نزلوا على الساحل الغربي للهند (ساحل بحر العرب) سألهم أهل الهند: من أنتم؟ قالوا: جئنا للتجارة. والتجّار في اللغة الهندية المحلية كانوا يُسمَّون «وهرة» وفي لغة الهند الواو والباء مترادفتان سموا «البهرة»، فاسمهم مشتق من اللغة الكجراتية «الجو جاراتية» السائدة في غربي الهند.
البهرة طائفة من الطوائف المسالمة والمتسامحة ولا يتدخلون في الامور السياسية، كما انها تقوم بإنشاء مشاريع خدمية مثل رصف الطرق في حراز وانشاء مشاريع المياه وبناء المدارس والمستشفيات وانشاء مدارس لحفظ القرآن الكريم. ويقومون بإحياء الليالي الرمضانية واكثار الصلاة والتعبّد في الليالي الفضيلة في شهر رمضان المبارك، كما يقومون بمساعدة الفقراء والمساكين وإطعام الناس.سلطان البهرةسلطان البهرة الحالي هو ملاجي محمد برهان الدين وهو الزعيم الثاني والخمسون، وقد استلم زمام الزعامة بعد وفاة والده السلطان السابق طاهر سيف الدين. والبهرة هم فرقة من الشيعة الإسماعيلية، وكانت الحركة الإسماعيلية إلى زمن الإمام الفاطمي المستنصر أبي تميم معد بن الظاهر، الإمام السابع عام 487 هـ ممثلة في فصيلين : 1ـ دولة القرامطة في سواد الكوفة والإحساء والبحرين، بعد أن أنهت ارتباطها وولاءها للدولة العبيدية «الفاطمية» في مصر. 2ـ دولة الفاطميين العبيديين في مصر، يتبعهم في الولاء العقائدي والسياسي دولة الصليحيين في اليمن، التي تأسست على يد علي بن محمد الصليحي سنة 439 هـ، واستمرت حتى سنة 532 هـ .وعندما توفي الإمام العبيدي المستنصر، قام الوزير «أفضل شاهنشاه» ونصّب ابنه الأصغر أحمد على عرش البلاد، ولقبه بالمستعلي. ولم يقبل أبناء المستنصر الآخرون بذلك، ورأى نزار الابن الأكبر أن الخلافة اغتصبت منه، لاسيما أن أباه المستنصر قد نصّ عليه وكتب له بذلك، ولا يجوز عندهم الإمامة لغير المنصوص عليه. ومن هنا انقسمت الإسماعيلية الفاطمية إلى قسمين: قسم أيّد الابن الأكبر نزار، وعلى رأسهم الحسن بن صباح، وسمّوا بالنزارية. وقسم ثبت على إمامة المستعلي وسمّوا بالمستعلية، ومنهم الصليحيون في اليمن. وصارت القاهرة مركزاً للمستعلية الذين عرفوا بالبهرة، بينما صار شمال إيران قاعدة للنزارية الذين سموا الأغاخانية.السادات افتتح أحد مساجدهموالبهرة ينتمون إلى دول عدة كالهند وباكستان وإيران، وجاؤوا إلى القاهرة عام 1979 بهدف ترميم بعض المساجد الفاطمية، وقد وافق الرئيس الراحل أنور السادات على وجودهم، بل افتتح ترميم مسجد الحاكم بأمر الله معهم عام 1980.وبعد وفاة المستعلي العبيدي سنة 495 هـ ، تولى ابنه الآمر بأحكام الله، وقد بقي في الإمامة نحو ثلاثين سنة إلى أن قتله النزارية سنة 524 هـ ، ويقول أكثر المؤرخين أنه مات دون أن يترك خليفة له، إلاّ أن المستعلية في اليمن يقولون إنه ترك ولداً أسماه الطيب، لذلك سموا بالطيبية ويدّعون أنه استتر خوفاً من ابن عم أبيه عبد المجيد الذي استأثر بالخلافة من دونه، ويعتقدون أن «الطيب بن الآمر» لا يزال مستتراً منذ ذلك الحين، وأنهم يعيشون دور الستر إلى أن يحين زمان ظهوره، وقد جعلوا له نواباً (أئمة مطلقين) يقومون نيابة عنه بزعامة الطائفة. وكان أول من تقلد هذا المنصب هو الإمام المطلق الداعي «الذؤيب بن موسى الوادعي الهمداني» سنة 520 هـ ، في اليمن في عهد أروى بنت أحمد الصليحي التي أعلنت استقلالها عن الدولة العبيدية في مصر لمّا تولى الحافظ عبد المجيد الحكم، والذي مثّل آخر دور الظهور في الدعوة الإسماعيلية. وبسقوط الدولة العبيدية على يد صلاح الدين الأيوبي، وعزل آخر حكامها، ووفاته سنة 567 هـ، انتهى حكم العبيديين في مصر، لكن المستعلية لم تنته بسقوط العبيديين في مصر، إنما انتقلت إلى اليمن، ومنها إلى الهند. وتعاقب الأئمة المطلقون بعد «الذؤيب» حتى نهاية عهد إمامهم السادس والعشرين قطب شاه. وبعده انشطرت الإسماعيلية المستعلية في اليمن إلى شطرين: 1- منهم من أيّد داود قطب شاه واعتبره الإمام المطلق السابع والعشرين، فسموا بالداودية أو «البهرة». ويتواجد هؤلاء بشكل خاص في الهند واليمن. وهم السواد الأعظم في هذه الطائفة، ومركزهم مدينة «سورت» في إقليم كجرات ومدينة بومباي في الهند، وفي مدينة كراتشي الباكستانية.2 - ومنهم من قال بإمامة سليمان بن حسن، وسموا بالسليمانية، أو «المكارِمة» ويتواجدون بشكل خاص في منطقة حراز في اليمن، ونجران في السعودية، وبعض مناطق الهند مثل حيدر أباد. وبحكم عملهم بالتجارة، قام البهرة بنشر دعوتهم في الهند، التي أصبحت مركزاً لهذه الطائفة. فيما يتبع المكارمة الزعامة الدينية المتواجدة حالياً في نجران، وعقيدة الطائفتين واحدة، ولا فرق بينهما. واعتاد الناس في اليمن على إطلاق لفظ بهرة أيضاً على الإسماعيلية السليمانية (المكارمة).انتشار الطائفةينتشر أتباع طائفة البهرة بنوعيها السليمانية والداودية بشكل خاص في اليمن والهند، إضافة إلى مدينة نجران السعودية، وفي تنزانيا ومدغشقر وكينيا، وبعض دول الخليج.- أولاً في اليمن: كان اليمن مركزاً للإسماعيلية بعد انحسارها في مصر، ويتمركز أتباع الطائفة حالياً في منطقة حراز (على بعد 100 كيلو متر من العاصمة صنعاء)، وبعض المناطق الأخرى مثل صعفان وجبلة ومناخة. ويقدر عددهم بـ 14 ألفاً، لكن ثمة تقديرات تؤكد أنهم بحدود 40 ألفاً من أصل سكان اليمن الذي تجاوز الـ 20 مليونا. - ثانياً في الهند: وهي المقر الرئيسي للطائفة، وتحديداً مدينة بومباي، حيث إقامة زعيمها محمد برهان الدين وأسرته. وقد انتقلت زعامة البهرة من اليمن إلى الهند عام 944 هـ، بعد أن ضعف شأنها في اليمن وبحكم التجارة والاحتكاك. حيث انتقلت من الداعي محمد عز الدين في اليمن إلى أول داعي هندي هو يوسف نجم الدين، وهو الداعي رقم 24 في سلسلة دعاة البهرة الداودية. ومع الزمن أصبحت نيابة الإمام «المستتر» الطيب بن الآمر حكراً على أبناء عائلة تارمل، ثم ما لبثوا أن ادعوا لأنفسهم العصمة، وأنهم الناطقون. وإضافة إلى بومباي، فإنهم يتواجدون في كوجرات ومهراشاترا وسورت ووراجستان وفي 500 مدينة وقرية. وفي أوائل التسعينيات من القرن الماضي كان عددهم في الهند يقدر بحوالي مليوني نسمة ولهم هناك أكثر من 100 مسجد. - ثالثاً في مدينة نجران (جنوب غرب السعودية): وهم من أصول يمنية، وعددهم غير معروف. وفي شهر إبريل سنة 2000 حدثت اشتباكات بين قوات الأمن السعودية، وأبناء هذه الطائفة، بعد اقتحام منزل أحد «المشعوذين» الذين ينتمون إلى البهرة، إلاّ أن البهرة الإسماعيليين قالوا إن عناصر من هيئة الأمر بالمعروف اقتحموا أحد مساجد الطائفة في نجران، وصادروا كتبهم، فما كان من البهرة إلاّ التوجه إلى أمير منطقة نجران مشعل بن سعود بن عبد العزيز، وسلموه عريضة تتضمن بعض المطالب. وفي شهر ديسمبر من العام 2002، ألغى العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز أحكاماً بالإعدام على 17 سعودياً منهم اتهموا بإثارة الشغب في نجران في إبريل سنة 2000. واستبدل بالحكم الحبس عشر سنوات لكل منهم. كما تم في الوقت نفسه الإفراج عن الذين أمضوا نصف فترة محكوميتهم.- رابعاً في مدينة كربلاء في العراق: حيث أقاموا لهم هناك وكيلاً عن داعي الدعاة يعرف باسم «عامل صاحب» أو «عامل» يختص بشؤون الحسينيات الموجودة في أنحاء العراق، وهو المعني بالدعوة إلى المذهب. وهم يحاولون ترميم بعض أضرحة أئمة الشيعة، كما برز ذلك عند محاولتهم تشييد ضريح أبي الفضل العباس في عهد المرجع الشيعي محسن الحكيم، إلاّ أن محاولتهم هذه اصطدمت برفض المرجع الحكيم. - خامساً في بعض دول الخليج: حيث يكثر فيها الهنود، مثل الكويت والبحرين وإمارة دبي، ومدينة عدن اليمنية. ففي البحرين يقدر عدد أفراد البهرة بسبعمئة شخص، ولهم جمعية تعرف بـ«جمعية البهرة الإسلامية» وقد تأسست سنة 1985، ومقرها هو مسجد البهرة في العاصمة المنامة، وقد وضع سلطان البهرة سنة 1978 حجر الأساس للمسجد أثناء مروره بالبحرين. وبجوار المسجد توجد مقبرة خاصة بهم. كذلك هم موجودون في مصر وبعض الدول الغربية.