أندي وارهول... المبدع الذي اختبأ في لوحته
بيعت لوحة «ليز» للرسام الأميركي الراحل أندي وارهول بمبلغ 23.7 مليون دولار أميركي، في مزاد «كريستيز» العلني في نيويورك. وقد اقتنى أحد المزايدين اللوحة التي أنجزها وارهول عام 1963. وسيظل إسم المقتني مُحتجباً خشية لصوص اللوحات الفنية.
من المعروف أن أعمال هذا الفنان تشهد إقبالاً كبيراً من الأشخاص الذين يحبون الحصول على هذا النوع من الفنون، والسبب وراء ارتفاع أسعار أعمال الفنان وارهول هو قلة الكمية المتوفرة والطلب المتزايد. واذا كان وارهول قد تعرّض كثيراُ للنقد في زمانه بسبب لوحاته الساخرة من الزمن الاستهلاكي، فقد بات فنه سائداً في العالم ويحظى باهتمام الأجيال الجديدة سواء في أميركا أو في العالم العربي. فالرسامة اللبنانية لودي أبي اللمع اختارت قبل مدة تقديم لوحات لنجوم الغناء والتمثيل في العالم العربي، فرسمت وسامة رشدي أباظة وشموخ أم كلثوم وذاكرة فيلمون وهبي، وهي تستعد لإنجاز الكثير من اللوحات في هذا المجال. وفي الإطار نفسه هناك من سعى الى استنساخ وارهول في معرض عابر أقيم في بيروت، فبدل رسم ماو تسي تونغ عمد شاب لبناني الى تسويق لوحة لزعيم حزب الله حسن نصرالله في إطار «البوب ارت»، خاصة أنه تحوّل نجماً تلفزيونياً في خلال «حرب تموز».مهما يكن يبقى اندي وارهول الأصل في عالم البوب ارت. فهو وإن سخر في فنّه من «الأيقونات العصرية»، تحولت لوحاته أيقونات ايضاً في العالم، وبات فنه ايماء بمستقبل اللون واللوحة والملصق. والحال أن وارهول أنجز 12 بورتريهاً للممثلة إليزابيث تايلور، الملقبة بـ «قطة هوليوود المدللة». وصرّح حينذاك قائلاً: «بدأت في تنفيذ هذه الأعمال الفنية منذ مدة زمنية طويلة حينما كانت تايلور مريضة، وحينها قال الجميع إنها سوف تموت». وأضاف: «أنجزتُ هذه اللوحات كلّها بعد ما أضَفتُ إليها ألواناً برّاقة على شفتيها وعينيها». والسيدة تايلور، المولودة في حي هامبستيد في لندن، التي بلغت الخامسة والسبعين، تألقت في التمثيل منذ ربيعها الثاني عشر من خلال عدد من الأفلام منها: «هناك شخص يولد في كل دقيقة»، «جين إير»، «الحافات البيض لدوفر»، «المخمل الوطني». ثم تعززت شهرتها بعد ما جسّدت أدواراً صعبة في أفلام ناجحة فنياً أهمها: «سنثيا» و«مكان تحت الشمس» و«المرة الأخيرة التي شاهدت فيها باريس» و«قطة فوق صفيح ساخن» و«بيتر فيلد 8» و«كليوباترا» و»منْ يخاف فيرجينيا وولف؟». سيرة اندرو وارهولا، الاسم السابق لاندي وارهول انقلب اسمه حين انتقل الى نيويورك في العام 1949 ليخوض غمار حياة تنبض بالابداع بعد أن فهم مفاصل التغيير التي كان عليه أن يبدأ بها باقتناص أهم الجوائز الاعلانية حيث أعلن أنه بات يكسب بشكل جيد كفنان تجاري ليبدأ في العام 1952 بإقامة أول معارضه الشخصية الذي تضمن خمس عشرة لوحة عن كتابات «ترومان» في صالة هوغو بنيويورك.في بداية الستينيات بدأ وارهول رسم لوحته مستلهماً أفكاره من المفارقات الهزلية والمواد الاستهلاكية. وفي بورتريهاته ورسومه للشخصيات نلحظ التكرار الذي كان يقصده في طباعة صور تتكرر في وسائل الاعلام، وكان يضيف أحياناً بعض الألوان على سطوح هذه الصور، اذ يختلف هذا اللون الطارئ من عمل الى آخر، بل من نسخة الى أخرى. فالصور التي بات تكرارها مبتذلاً ومريعاً، هو ما يحوّله وارهول الى موضوع اذ يمتص الملل من تلقي هذه الصورة، اذا إن وجود هذه الشخصيات بكثرة في الصحافة ما يؤكد وجود حكم اجتماعي وقيمي مسبق تجاهها: انتحار مارلين مونرو 1963 صورة جاكلين كيندي بالرداء الأسود بعد اغتيال جون كينيدي... لقد جذبت هذه الصور بمفهومها اندي وارهول وغيره الفنانين. لم يكن وارهول يؤكد أهمية أعماله، بل انه كان ينفي هذه الأهمية قائلاً: «ان السبب الذي يجعلني أرسم بهذه الطريقة هو أنني أريد أن أكون أداة، وكل ما أفعله هو بواسطة الأداة. انه لرائع ان يكون الجميع متشابهين. ففي المستقبل سيكون كل الناس مشهورين لمدة خمس عشرة دقيقة».هامشوارهول المولود في الولايات المتحدة العام 1928 لأبوين مهاجرين من التشيك توفي في شكل مفاجئ عام 1987 في مستشفى نيويورك بعد إجراء جراحة لكيس المرارة. استطاع في اطار مذهبه وتوجهه أن يترك تراثاً مهماً للثقافة بحيث لم تتوقف أغراضه من التداول في الأسواق، ما يدل على مدى تفوقه في فرض أسلوبه على المخيلة الشعبية ليكون جزءاً من لغة الفن وحوارها.