دفاعاً عن حرية الرأي وإدانة للإسفاف

نشر في 17-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 17-09-2007 | 00:00
 د. بدر الديحاني

كل الخوف أن ما يجري الآن من دعوات للتمادي في عمليات المنع، ما هو إلا تحضير مقصود لبيئة مناسبة تمهد الطريق للحجر على حرية الرأي والتعبير تحت حجج ومبررات واهية أو مصطلحات عامة وفضفاضة كالعادات والتقاليد و«ثوابت الأمة»، وذلك لحاجة في نفس يعقوب.

«حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون» مادة 36 من الدستور.

منع الكتب الجادة، اختراق المدونات وتهديد أصحابها وتخويف مستخدميها، قانون صحافة جديد بعقوبات أشد على الكتاب والصحافيين، منع بعض المسلسلات التلفزيونية، عدم الترخيص بعرض المسرحيات الجادة.

ماذا تبقى من حرية الرأي والتعبير التي كفلتها المادة 36؟ ألسنا في بلد ديموقراطي؟ أم إن ديموقراطيتنا هي فقط ورقة انتخاب؟ وهل هذه سياسة عامة لها أهداف محددة أم انها تصرفات فردية؟ وهل التوقيت مقصود؟ لماذا لا يطبق القانون على من يخالفه بدلاً من عملية المنع؟ ثم كيف تجاز الأعمال الهابطة الماسه بكرامة الناس؟

لاشك أن هنالك إسفافاً وسخفاً في أغلب الأعمال التلفزيونية والمسرحية المحلية والعربية التي عرضت خلال العشرين سنة الماضية أو يزيد، حيث غيب الفن الجاد والفكر المستنير والثقافة الراقية. ولكن أو ليس الفكر والفن والثقافة والقيم ما هي إلا انعكاس لما يجري في المجتمع؟ ألم تسيطر ثقافة التسطيح منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي حيث تم «التفنن» في منع كل عمل فكري وفني جاد ومستنير بحجة العادات والتقاليد و«ثوابت الأمة»؟ ألم تنتشر مسرحيات «السح الدح» وأغاني «الهشّك بشك» ومسلسلات التهكم على الآخرين وفكر التسطيح وثقافة كتب السحر والشعوذة والمنشورات التي تبشر بكرامات المجاهدين الأفغان. من منا لا تشده مسرحيات ومسلسلات وأغاني الستينيات والسبعينيات التي لانزال نستمتع بمشاهدتها والاستماع إليها حتى الآن؟

لا يجب أن نقر أبداً بالإساءه المتعمدة لأي شخص أو مذهب أو فئة في أي مكان من العالم، والعمل الجاد لا يتهكم على شعائر الناس ولا يخدش مشاعرهم، بل على العكس فإنه يحترمها ويرتقى بها ويبتعد بها عن الابتذال.

إننا لا ندافع عن أي عمل فكري أو فني هابط شكلاً ومحتوى يتهكم على معتقدات وعادات الناس وشعائرهم، بل على العكس تماماً فإننا ندينه ونرفضه بشدة.

ما يعنينا هنا هو حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور. وكل الخوف أن ما يجري الآن من دعوات للتمادي في عمليات المنع، ما هو إلا تحضير مقصود لبيئة مناسبة تمهد الطريق للحجر على حرية الرأي والتعبير تحت حجج ومبررات واهية أو مصطلحات عامة وفضفاضة كالعادات والتقاليد و«ثوابت الأمة»، وذلك لحاجة في نفس يعقوب.

دعونا نرفض الأعمال الهابطة والسخيفة شكلاً ومضموناً سواء السمعية أو المرئية ونتضامن مع من مسَّتهم هذه الأعمال بأذى، وفي الوقت نفسه ندافع عن حق الناس في إبداء رأيها والتعبير عن وجهات نظرها، حيث انه من حق من يعتقد أنه تضرر بأي حال من الأحوال من أي عمل فكرى أو فني معين أن يلجأ إلى القضاء.

back to top