فرس أم حمار؟!

نشر في 28-09-2007
آخر تحديث 28-09-2007 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

كثرٌ هم أولئك المسؤولون الذين تركوا المناصب ولم يستطيعوا التأقلم مع المجتمع فاعتزلوا الحياة الاجتماعية لأنهم آمنوا بأن المناصب خالدة والكراسي باقية.

«الأحمق إذا احتل مكاناً رفيعاً يصير كأنه فوق قمة جبل، هو يرى الأشياء صغيرة والآخرون يرونه أصغر!»

(حكمة ألمانية)

يحكى أن «ذئباً» قد مر في سكة فتصدى له «تيسٌ» فوق إحدى البنايات، وأخذ يتوعده بالويل والثبور إن هو لم يتب ويعود عن أفعاله الخسيسة، وبأنه سيقتله ويقطعه إرباً إرباً إن لم يكف عن إيذاء أقرانه من التيوس، فنظر الذئب إلى التيس نظرة سخرية واستهزاء، وإلا لماذا لا ينزل التيس إلى الذئب ويطبق ما قاله... فالذئب يعلم أن التيس متحصن في علو ولا تستطيع يده أن تطوله ولذلك قال ما قال وفعل ما فعل!!

أوردت هذه القصة يا إخوة... لأقول إن بعض الضعفاء من يتحصن ويتمترس وراء كرسيه ومنصبه ويستغل جلوسه وراء ذلك الكرسي الوثير لتحقيق مآربه وغاياته وأهدافه ونزواته الشخصية، وأستطيع أن أقول إن هناك من لديه قدرات خارقة وأساليب عميقة في طريقة التلذذ بتعذيب خلق الله لدرجة أصبح فيها الكرسي أسيراً للشخصية وأضحى المنصب وسيلة للانتقام... بل أستطيع الآن أن أسمي عشرات الأشخاص الذين استغلوا مناصبهم اسوأ استغلال وبعد خروجهم من المنصب أصبحوا نسياً منسياً. وكثرٌ هم أولئك المسؤولون الذين تركوا المناصب ولم يستطيعوا التأقلم مع المجتمع فاعتزلوا الحياة الاجتماعية لأنهم آمنوا بأن المناصب خالدة والكراسي باقية، لذلك فلقد جسد الراحل المبدع أحمد زكي في فيلمه الرائع (زوجة رجل مهم) حال بعض المتنفذين أثناء وجودهم في السلطة وحالهم بعد خروجهم منها، وكيف استمرت لديهم عقدة الكراسي ووهم النفوذ.

وأنصح كل مسؤول أن يشاهد ذلك الفيلم لأخذ العبرة والعظة والذكرى، ولأن الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان كما يقال... لذلك أناشد كل من جاء إلى الكرسي ولديه مرض وجنون السلطة أن يدرك ويعي أن الدنيا صغيرة «وما تسوى». فالمنصب لا يعطي القوة والنفوذ، فقديماً قيل: سوف تعلم إذا انجلى الغبار أفرسٌ تحتك أم حمار؟!

back to top