العامل الخامس كويت...اكتشاف كويتي كبير يقي من الجلطات الفريق العلمي: هذه التسمية اعتراف بفضل الكويت... واكتشافنا حاز التقدير

نشر في 01-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 01-08-2007 | 00:00
No Image Caption

اكتشاف علمي ضارعت به الكويت كبرى الدول في المجال الطبي، يتلخص في معرفة العامل الذي يتسبب في تجلط الدم داخل الأوعية لدى الكويتيين، وبالتالي معرفة احتمالية الإصابة بالجلطة والعمل على الوقاية منها أو التخفيف من آثارها.

يتقدم العلم وتزدهر المعرفة وتظل الحرب قائمة بين العلماء والأمراض بحثا عن راحة البشر، وها هم أبناء الكويت يتقدمون على من سواهم في ميدان الطب باكتشافاتهم الحديثة التي ترفع اسم الكويت في كل المحافل الدولية.

الفريق العلمي المكون من الباحثين د.علي دشتي ود. محرز جضعون المدرسين في قسم علوم المختبرات الطبية في كلية الطب المساعد جامعة الكويت، توصل إلى اكتشاف عامل يسبب الجلطات التي تنتج أمراضا قد تودي بحياة الكثيرين، «الجريدة» آثرت القاء الضوء على هذا الاكتشاف فكان هذا اللقاء:

• د. دشتي، كيف تم تشكيل هذا الفريق البحثي؟

- جمعتني الدراسة في كلية الطب للحصول على درجة الماجستير مع الزميل محرز، فقد كنت أعد رسالة الماجستير في علم الجراثيم بينما كان الزميل محرز يعدها في علم الأمراض، وعلى الرغم من الاختلاف البين في المجالين اشتركنا في مساحة كبيرة ومهمة في نفس الوقت ألا وهي علم البيولوجيا الجزئية، هذا العلم الذي أصبح بمنزلة التكنولوجيا الحديثة في جميع العلوم، ومنه انطلقنا في تشكيل فريق بحثي قوامه تسخير هذه التقنية (البيولوجيا الجزئية) لاكتشاف الطفرات والتغيرات الجينية في المجالات الطبية، وركزنا في دراستنا على علم الجراثيم وعلم الدم لارتباط كل منهما بالآخر، ولما للجراثيم من دور كبير في الإصابة بالعديد من أمراض الدم.

العامل الخامس

• نرجو منك د. محرز أن توضح المقصود بالعامل الخامس.

- إن عامل التخثر الخامس هو عملية طبيعية يحتاج إليها جسم الإنسان لمنع النزيف في حالات الجروح. حيث يقوم هذا العامل بالتعاون مع بروتينات أخرى بعملية تخثر للدم عند موضع الجرح وإغلاقه ومنع النزيف. لكن المشكلة تكمن عند حدوث طفرات جينية (مثل طفرة العامل الخامس كويت) تؤدي إلى تشكل عامل خامس ذي تركيب غير طبيعي في غير أوانه وفي غير موضعه مما قد يتسبب بحدوث جلطات داخل الأوعية الدموية تؤدي إلى انسدادها وحدوث أمراض قد تكون قاتلة للمريض.

ولا بد أن نعلم أن هناك طفرات جينية اكتشفت في السابق وأخذ بعضها أسماء المدن والدول التي اكتشفت فيها الطفرات مثل «طفرة العامل الخامس لايدن» نسبة إلى مدينة لايدن الهولندية، و»طفرة العامل الخامس كامبردج» و»العامل الخامس هونغ كونغ» وغيرها. وقد وجد أن عدد حاملي الطفرة يختلف من بلد إلى آخر ومن عرق اثني إلى آخر. فمثلا وجد العامل الخامس لايدن بكثرة في الشعوب القوقازية بينما ندر في الشعوب الأفريقية والآسيوية. وفي واقع الأمر فإن هذه النتائج بدورها حفزتنا لدراسة تلك الطفرات في الشعوب العربية عامة وفي الشعب الكويتي بشكل خاص، خصوصا ان أحدا لم يتطرق إلى مثل هذا الأمر من قبل.

• كيف جاء هذا الاكتشاف؟

-د. دشتي: لقد جاء اكتشافنا للطفرة الجينية المسماة «العامل الخامس كويت» أثناء دراستنا للطفرات التي تصيب العامل الخامس وذلك باستخدام تقنيات «البيولوجيا الجزيئية» مثل PCR. وأثناء استخدامنا تقنية «تعدد الأشكال المرتبط بأطوال محددة RFLP» لاحظنا وجود تغير وتصرف غير مسبوقين عند فحص عينات بعض المرضي الكويتيين. والاستنتاج الوحيد من حدوث مثل هذا التغير هو احتمال وجود طفرة جديدة لدى هؤلاء المرضى. ومن أجل التأكد من ذلك قمنا بدراسة ومراجعة التسلسل النيوكليوتيدي للعامل الخامس كما هو مسجل في بنك الجينات الدولي، فلم نعثر على مثل هذا التغير. من هنا توقعنا وجود طفرة في الموقع 3935 من الجين، لتفسير ذلك التصرف الغريب. ولإثبات ذلك، قمنا بعمل تحليل تحديد التسلسل النيوكليوتيدي للـ «DNA» المستخلص من عينات المرضى، فاكتشفنا حدوث تغير نيوكليوتيدي من «الأدنين» الطبيعي إلى «الجوانين»، وهو ما نطلق عليه طفرة، وتلك التي أطلقنا عليها اسم الكويت. وتم تأكيد وجود هذه الطفرة المكتشفة بعمل تحديد دقيق للتسلسل النيوكليوتيدي لمنطقة الطفرة ضمن جين العامل الخامس في مرضى آخرين أيضا.

فائدة كبرى

• د.دشتي، هل يمكن التفريق بين الجينات السليمة وتلك ذات الطفرة؟وكيف نستفيد من ذلك؟

- نعم فمن أساسيات البحث العلمي عمل مقارنة بين الأشخاص الطبيعيين والمرضى، حيث لاحظنا وجود الطفرة فقط في مرضى الجلطات الوريدية، بينما لم توجد هذه الطفرة في الأناس الطبيعيين، مما أعطانا الانطباع باحتمال وجود علاقة بين هذه الطفرة والجلطات. لهذا قمنا بتوصية بضرورة البحث عن حالات أخرى لديها تلك الطفرة ومتابعتها لاكتشاف حدوث أي جلطة ومعالجتها قبل استفحال الحالة أو تسببها بموت المريض لا قدر الله، من هنا تتضح الفائدة الكبرى من اكتشافنا. ومن الجدير بالذكر أننا وجدنا هذه الطفرة في مرضى من أصل عربي، وهي العينة التي نركز أبحاثنا عليها. كما سُجلت بعض الحالات في شعوب من أصل أفريقي وفي بعض الحالات الأوروبية بينما انعدم وجودها في الشعوب الآسيوية أو الهندية وكذلك السكان الأصليون في أميركا.

كويتي %100

• كيف نشرتم هذا الاكتشاف الفريد؟

-د. محرز: بعد تسجيلنا الاكتشاف في بنك الجينات الدولي تحت رقم AY881018، أصررنا على نشره في مجلة «المبادئ والممارسات الطبية» التي تصدر عن كلية الطب بجامعة الكويت وذلك ليكون الإعلان عن اكتشافنا عبر مجلة طبية كويتية عالمية متخصصة. وأثناء عرضنا هذه الطفرة الجديدة ضمن مؤتمر البنر الدولي السادس والثلاثين لأمراض الجلطات، الذي أقيم في الكويت هذا العام بالتعاون مع جامعة ولاية ميتشيغان الأميركية، وكذلك في المؤتمر العالمي العشرين للجمعية الدولية لأمراض الجلطات والتخثر، الذي أقيم في سيدني-استراليا، صيف عام 2006، لاقت اهتماماً واضحاً من الباحثين من عدة دول، ولاقينا عروضاً على نشر هذا الاكتشاف وعرضه في العديد من المجلات الطبية المتخصصة ولكننا آثرنا أن نقوم بنشره من خلال مجلة طبية كويتية ليكون إنتاجا كويتيا مئة في المئة، وتكتمل الفرحة، والشيء بالشيء يذكر، خلال وجودنا في المؤتمرين المذكورين لاقى الفريق تشجيعا كبيرا، ممن اكتشفوا الطفرات الأخرى مثل البروفيسور الإيطالي لونغلي (مكتشف HR2 Haplotype) والبروفيسور الهولندي برتينا مكتشف العامل الخامس لايدن. وقد أثنوا على اكتشافنا خصوصا أنه حدث في دولة الكويت التي لم تكن معروفة في هذا المجال من قبل، مما جعلنا فخورين برفع اسم الكويت عالمياً.

• ألا توضح لنا ما يعرف بالتقنيات البيولوجية المستخدمة؟

-د.دشتي: تعتبر تقنيات البيولوجيا الجزيئية من أحدث التقنيات المستخدمة في دراسة الجينات وطفراتها وأكثرها تعقيدا فهي تضم العديد من الخطوات التي تبدأ من استخلاص وتنقية الحمض النووي ثم مضاعفة كمية الحمض النووي المطلوبة دراسته. يتبع ذلك استخدام إنزيمات متخصصة لتقطيع ذلك الحمض ومن ثم فصله بتقنية الترحال الكهربائي وأخيرا تصوير تلك القطع بالأشعة فوق البنفسجية. وأضاف د.محرز على ما ذكره د.دشتي: لقد قمنا من طرفنا بتطوير تقنية جديدة تقلل الخطوات السابقة بما يوفر الجهد والوقت والتكلفة. وقد عرضت هذه التقنية ضمن مؤتمر البوسترات العلمية لكلية الطب ونحن بصدد نشرها في إحدى الدوريات الطبية المحكمة العالمية لكي يستخدمها ويستفيد منها الباحثون الآخرون في كل العالم.

وتابع د.دشتي: إن تقنيات البيولوجيا الجزيئية هي من أحدث التقنيات المتطورة والمستخدمة في أهم المراكز العلمية في الدول المتقدمة. وممكن أن نطلق على علم البيولوجيا الجزيئية اسم «علم المستقبل». فهو العلم الذي يسبر أغوار دقائق التفاصيل الوراثية التي تحكم الإنسان في صحته ومرضه. وقد أصبح معروفا أن جميع الأمراض إنما لها أساس جيني. لهذا فإن أهم مختبرات الأبحاث العالمية تركز أكثر على هذه التقنيات وما أدل على ذلك من الكم المتزايد من الأبحاث التي تعتمد على هذه التقنيات. حتى أن التوجه الطبي السائد حاليا هو اختراع أدوية وإجراءات علاجية لمعالجة الاختلالات الجينية في سبيل علاج المرضى. وقد تنبهنا إلى هذه النقطة منذ 10 سنوات مما دفعنا إلى تركيز جهودنا على الاستفادة من هذه التقنيات وهو ما مكننا من تأسيس مختبر يحوي ما نحتاج إليه لأداء تلك التجارب الجزيئية. ولله الحمد أثمرت جهودنا عددا من النتائج وآخرها الاكتشاف الأخير «العامل الخامس كويت».

إنجازات عالمية

• هل هذا هو أول اكتشاف للفريق ؟

-د. دشتي: لا، إنه الثاني بالنسبة لي، فقد تم اكتشاف طفرة جينية جديدة في الجين المسؤول عن إفراز الإنزيمات المثبطة لعمل المضادات الحيوية والتي ينتج عنها مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وبالأخص مجموعة (ß-lacatam) كال (Penicillin, Carbapenems Cephalosporin’s). حدث هذا أثناء فترة دراستي برنامج الدكتوراه في جامعة ادنبره في المملكة المتحدة، وكانت الدراسة بالتعاون مع مجموعة بحثية من دولة تشيلي وكنت آنذاك أمثل جامعة ادنبره، وأيضا تم تسجيل الطفرة في بنك الجينات الدولي وأعطيت اسم SHV-39 لتكمل سلسة الطفرات في هذا الجين.

أما الدكتور محرز فقال: إنه الاكتشاف الجيني الأول بالنسبة لي، لكن سبق لي إثبات وجود طفرات معروفة عالميا لكن لم تكن مثبتة من قبل الكويتيين، مثل طفرة العامل الخامس لايدن وطفرة البروثرومبين، كما سبق لي مع الدكتور علي دشتي اكتشاف وجود طفرة HR2 haplotype في الكويتيين في نسبة هي الأعلى في العالم، والذي كان مفاجئاً لنا وللأوساط الطبية والعلمية لما تتسبب به من جلطات لدى حامليها. وحاليا أعكف على دراسة مع الدكتور علي دشتي نحاول من خلالها إثبات نظريتين جديدتين، وهي الدراسة التي لو تحقق لها النجاح فسيكون لها أثراً مدوياً في الأوساط العلمية والطبية.

الطفرة الجينية والعامل الخامس

أكد دشتي ان الفريق اصر على تسمية الطفرة الجينية باسم «العامل الخامس كويت» هو أقل ما يمكن أن نقدمه لبلدنا الحبيب الكويت هذا البلد المعطاء الذي لم يبخل علينا بالدعم في شتى النواحي من تعليم وتشجيع وتوفير وسائل البحث العلمي المتقدمة التي مكنتنا من تحقيق هذا الاكتشاف. فبهذه التسمية سوف يتردد اسم الكويت في كل المنتديات العلمية على مستوى العالم وهو جزء من الفضل الذي ندين به لبلدنا الحبيب الكويت.

back to top