تقرير برلماني الحكومة والكتل النيابية والاستجوابات ... ثلاثي التصعيد المنتظر
تترقب الأوساط السياسية عودة الحياة البرلمانية وبداية دور الانعقاد القادم لقياس جدية النواب في تقديم استجواباتهم، ومدى تأثيرها على بقاء الحكومة أولا، والعلاقات ما بين الكتل النيابية ثانيا، لاسيما في ظل اختلاف وجهات النظر بين الكتل البرلمانية حول بعض الاستجوابات.في أفق الاستجوابات يلوح استجوابان مصدرهما الكتلة الاسلامية، فالتجمع السلفي يهدد باستجواب وزير العدل والأوقاف د. عبدالله المعتوق، والاسلامية المستقلة باستجواب وزير المالية بدر الحميضي.
ورب ضارة نافعة للحكومة، لم يحصل أي من الاستجوابين على التأييد النيابي المتوقع كما حدث مع استجواب وزير النفط السابق الشيخ علي الجراح، بالرغم من التصعيد النيابي لكلا الوزيرين وتهديدهما بالاستجواب في حال عودتهما للحكومة في ظل انتظار اعادة تشكيلها مع بداية دور الانعقاد القادم.خلاف واختلافولعل استجوابي الكتلة الاسلامية المتوقع تقديمها بداية دور الانعقاد القادم، كشف تباينا شديدا في وجهات النظر بين الكتل الاسلامية الصغيرة، فالتجمع السلفي يسعى الى ابعاد الوزير المعتوق عن سدة وزارتي العدل والأوقاف الا أنه يواجه «برودا» داخليا من نواب الحركة الدستورية، ومساومة من قبل نواب الكتلة الاسلامية المستقلة التي تريد أن تحصل هي الأخرى على دعم مقابل من التجمع السلفي والحركة الدستورية في استجوابها لوزير المالية.وما يؤكد هذا التباين الداخلي في معسكر الكتلة الاسلامية، الاجتماعات الأخيرة للكتلة الاسلامية التي خلت من أي اشارة لاستجواباتها، وتأجيل النظر في التنسيق بينهما، بالرغم من قرب افتتاح دور الانعقاد، واعلان النائب بورمية موعد تقديمه استجواب الحميضي في بداية دور الانعقاد، واستعداد التجمع السلفي تقديم استجواب المعتوق.الاختلافات والخلافات التي تعانيها الكتلة الاسلامية، بدأت انعكاساتها تظهر على السطح مع اصرار التجمع السلفي والاسلامية المستقلة على تقديم استجوابيهما دون تنسيق، ووقوف الحركة الدستورية موقف المتفرج دون تحديد موقف واضح من الاستجوابات أو إبداء الرأي فيهما. فالانشقاق الداخلي في «الاسلامية»، وتفرق الرفقاء، استدعى الخروج من دائرة التحالف النيابي الاسلامي الى دائرة الكتل النيابية الأخرى والنواب المستقلين، لاستقطاب ما أمكن من تأييد.التجمع السلفي أما على المستوى العام للكتل النيابية الأخرى، والمستقلين من النواب، فلم يحظ استجواب الوزير المعتوق بتأييد علني، بالرغم من محاولات التنسيق بين التجمع السلفي وباقي النواب وكتلتي العمل الوطني والعمل الشعبي، فالوزير المعتوق لا يقع ضمن أولويات «الوطني» الذي يتابع حاليا قضية تطبيق القوانين الرياضية مع تصاعد احتمالات استجواب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الشيخ صباح الخالد، أما «الشعبي» فهو الآخر يبحث في أروقة وزارة المالية بحثاً عمّا يمكن أن يشكل محاور استجواب للوزير الحميضي، فيما فتح له جبهة أخرى مع وزيرة التربية نورية الصبيح. بل إن استجواب وزير العدل والأوقاف أخذ صفة «الشخصانية» وليس الإصلاح للخلافات الفكرية بين المعتوق والتجمع السلفي، وإقصاء الوزير لعدد من القياديين المحسوبين على السلف، ونشر الفكر الصوفي داخل الوزارة - كما يرى نواب التجمع.فيما استطاعت الكتلة الاسلامية المستقلة من تغيير مسار استجوابها لوزير المالية، مستعينة بالنواب المستقلين وإحراج نواب «الشعبي» خصوصا النائب مسلم البراك الذي كان له موقفه المسبق من الوزير الحميضي.الإسلامية المستقبلةوفيما تضعف حظوظ التأييد النيابي لاستجواب التجمع السلفي، بدا استجواب «الاسلامية المستقلة» أكثر قبولا من الكتل النيابية والنواب المستقلين، بعد أن وضحت محاور استجواب النائب د. ضيف الله بورمية، وإضافته محاور قد تشكل حرجا على باقي الكتل البرلمانية والنواب،كونه بنى أساس استجوابه على الرفض النيابي والحكومي لإسقاط ديون المواطنين، ورفض الحكومة أيضا لزيادة الرواتب، ما جعله يجد نفسه يسير في خط متواز مع تهديدات كتلة العمل الشعبي باستجواب الحميضي، ولكن تنقصه نقطة الالتقاء، التي سرعان ما وجدها في ملف شركة «أمانة» التي اثارتها «الشعبي»، وصعّدت من خلالها مع الوزير الحميضي الى أن أوقف مجلس الوزراء اكتتاب الشركة والمشروع بأكمله، لذل فإن «أمانة» وضعت «الشعبي» أمام مفترق طرق ما يلزمها بتأييد استجواب الحميضي بالاضافة الى محور التجاوزات المالية والادارية التي أعلن عنها بورمية.أما بوابة تأييد النواب المستقلين لاستجواب الحميضي، فكانت من خلال اعادة احياء مقترح اسقاط القروض، وهي القضية التي يرى فيها النواب المستقلون فرصة لتحقيق تقدّم انتخابي في ظل الدوائر الانتخابية الخمس، والمرونة التي أبداها مقدم الاستجواب من تأييد لمقترح النائب المستقل عبدالله راعي الفحماء بشراء الدولة أصل الدين واعادة جدولته على مدى 25 عاما.الحكومة، وأمام غياب عنصر الاجماع داخل الكتلة الاسلامية والذي كان من الممكن أن يضمن على الأقل 15 صوتا من أصل 17 في الاستجوابين وهو العدد الكافي لتقديم طلبات طرح الثقة، لم تحدد موقفها أمام استجوابي الكتلة الاسلامية، وقد لا يتضح الا بعد اكتمال التشكيل الحكومي، فإمّا تجنّب مخاطر الاستجوابات وتحالفات اللحظة الأخيرة النيابية من خلال تدوير الحميضي والمعتوق، أو عقد تحالفات أخرى مع النواب والكتل المعارضة للاستجوابات، مستفيدة من حالة «اللا اتفاق» النيابية حول تلك الاستجوابات.وأي قراءة حكومية خاطئة للساحة البرلمانية والعلاقة ما بين الكتل النيابية والتقاء مصالحهم الانتخابية قد تكلفها الكثير، وقد يكون لها مضاعفات سلبية كبيرة على المسيرة الديمقراطية.