إلى أين...؟!

نشر في 11-07-2007
آخر تحديث 11-07-2007 | 00:00
 علي البداح المشكلة الرئيسية في العلاقات الأسرية هي أن الترابط الداخلي بين أفرادها قد انفرط عقده، وذلك لأسباب عدة: أهمها، كما يبدو لي، أن بعض أفراد الأسرة أصبحوا يجرون وراء الكسب السريع من دون بذل أي جهد، في غمرة حياة «الرفاهية» وحمى التسوق والتفاخر بالمال والسيارات والمجوهرات.

ما الذي يحدث للأسرة الكويتية؟ ما هذا الكم من القضايا الأسرية التي تشهدها المحاكم؟ قضايا بين الأبناء ووالديهم، بين الإخوة، وبين أبناء العمومة، وبين الأحفاد، وبين الأزواج والزوجات، وكأن حرباً اندلعت، فقضت على كل معاني الأسرة وصلات الرحم. كأن العلاقة الأسرية في الكويت اختصرت في صلات المال والمصالح، وتحول الدم إلى ماء لا طعم له ولا رائحة ولا قيمة رحم، أو حتى قيمة عِشرة. لماذا أصبح المال هو السائد والحاكم لكل علاقاتنا الأسرية ولم يعد للمحبة والاحترام مكان بيننا؟ أين مكانة الأب والأم وما أوصانا بهما الرحمن؟ وأين اختفت الرحمة والاحترام التي كانت أساس تواصلنا وتعاملاتنا في البيت وخارجه؟ لماذا يبيع إنسان عائلته لأي سبب كان؟ أين ذهب العقل إن زاغ القلب؟ وكيف هانت العلاقة الأسرية إلى هذا الحد؟ هل قرأتم إعلانات التشفي والتهديد والردع من أفراد أسر من أكبر الأسر لأهلهم وذويهم من أجل حفنة مال؟ فأين ذهبت الأصول التي كانت فيه العائلة هي الملاذ، وهي مخبأ الأسرار، وهي المحكمة الخاصة التي تتفاعل داخلها قيمة العائلة ووحدتها والخوف عليها من التمزق، فيكون للحكمة مكان يحل كل مشاكل الأسرة ويكون حكمها مسموعاً ومقبولاً عند الجميع. كان حديث أي فرد عن عائلته بالسوء خارج بيوت الأسرة عيباً كبيراً يندد به الجيران وأبناء الحي كافة. فأين نحن من تلك الأيام؟

المشكلة الرئيسية في العلاقات الأسرية هي أن الترابط الداخلي بين أفرادها قد انفرط عقده، وذلك لأسباب عدة: أهمها، كما يبدو لي، أن بعض أفراد الأسرة أصبحوا يجرون وراء الكسب السريع من دون بذل أي جهد. في غمرة حياة «الرفاهية» وحمى التسوق والتفاخر بالمال والسيارات والمجوهرات وغيرها لم يجد بعض أفراد الأسرة طريقاً للغنى أو توفير مال للصرف على أهوائهم أقرب من المطالبة بإرثهم من آبائهم الذين مازالوا على قيد الحياة!!

هل تدرون كم أب أو أم طلب أبناؤهم الحجر عليهم وعلى أموالهم بكل حجة لمجرد الخوف من تصرفهم في أموالهم قبل موتهم؟ لماذا؟ لأن الأبناء يريدون أموال ذويهم، ولا يعنيهم حياتهم أو الاعتناء بصحتهم. عينهم على المال بعد أن تغلب الطمع على الحب وصلة الرحم.

في الكويت كثير من المشاكل التي تهدد وجودها، ولكن قضية الأسرة تأتي في مقدمة هذه القضايا وأكثرها حساسية وخطورة. فهل نعي ذلك؟ وهل لدينا وزراء ونواب ومؤسسات مجتمع مدني قادرون على لمّ شمل الأسرة وإيجاد صيغ تحميها من التفكك؟ هل يدرك الجميع أن تفكك الأسرة هو نهاية البلد؟ هل من يسمع أم اننا لاهون في مباريات الكرة؟

back to top