عالمهم وعالمنا أين تكمن العلة؟

نشر في 08-07-2007
آخر تحديث 08-07-2007 | 00:00
 د. موضي عبدالعزيز الحمود لست من هواة عقد المقارنات أو من هواة نقد الذات وجلدها، ولكنها المفارقات المحزنة التي تجعلنا نرصد ما يدور في العالم من حولنا من أحداث مؤلمة بل مفجعة ونحن جزء منها... وتجبرنا على التفكير في أسبابها... ففي الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم المتقدم في إبراز آخر اكتشافاتها العلمية ونتائج أبحاثها في جميع مجالات الحياة وتقديم أحدث الاختراعات التي تخدم الإنسانية في مجال العلم والطب والتكنولوجيا والتسلية وفي وسائل المعيشة اليومية للبشر... وهي لهذا ترصد أكبر الميزانيات الحكومية وتوقف الثروات وتغدق التبرعات والهبات الأهلية من شركاتها وأثريائها على مراكز الأبحاث للإنفاق على برامجها ولتمويل ودعم الاكتشافات والاختراعات لعلها تقدم ما يقلل من شكوى مريض أو يحفظ حياة إنسان أو يسهل حياة الناس في الشرق والغرب من دون تمييز... هذا جميعه يحدث إلى جانب أعمالهم العسكرية وتطلعاتهم السياسية، ولكن ذلك لا يحول دون تنافسهم لإحراز مراكز التقدم العلمي في تسابق رهيب على تسجيل براءات الاختراع وحقوق الاكتشافات العلمية والإنسانية المبهرة.

وفي هذا الزمن نفسه تطالعنا الأخبار المؤلمة عن مجموعات من شباب العرب والمسلمين فرادى وجماعات خلايا وفرق تهز العالم بأخبار المتفجرات والإرهاب والاعتداءات الآثمة عبر محاولات يائسة للفت نظر العالم إليهم وللتفاعل مع قضاياهم... وآخر ما طالعتنا به الأنباء من محاولات لتفجير مطارات في إنكلترا وأميركا من قبل عدد من خيرة العقول الإسلامية من أطباء وباحثين وعلماء رحلوا للغرب للاستزاده من علومه لينتهي بهم المطاف في سجونه عندما تفجر غضبهم أو غضب من جندهم في محاولات يائسة حطمت مستقبلهم ورهنت سمعة أوطانهم وشوهت سمعة المسلمين والعرب أينما حلوا في العالم.

هذه المقارنة أو المفارقة تجعلنا نتساءل... أين تكمن العلة في كل ذلك؟ وهل يكفي أن نلقي اللوم على السياسات الأميركية المزدوجة أو على ما تمارسه بعض الحكومات الغربية في أوطاننا من أحداث؟

ونتساءل كذلك وربما بقوة عندما نتابع أخبار هذه العمليات... هل يملك هؤلاء المبتعثون من مجتمعاتهم العالمية من أطباء وعلماء للدراسة أو التدريب كل هذه الأموال لتسخيرها في خططهم الإرهابية كالسيارات الفاخرة – مرسيدس وغيرها - وأجهزة ومعدات اتصال وأدوات تدمير؟ ولعل التساؤل الأهم، هو كيف يمكن أن يلغي هؤلاء عقولهم الفذة حتى لا تعود تفكر إلا في الانتقام والدمار؟... أسئلة كثيرة أجد نفسي حائرة في التعرف على إجاباتها وأخالكم أكثر حيرة مني... ولكنها تعود بنا دائماً إلى نقطة البداية، وهي لماذا تقتصر مساهماتنا كعرب وكمسلمين على الجانب المدمر للإنسانية؟ وأين نحن من الإضافات العلمية والاكتشافات الطبية وغيرها؟ ولماذا تختزل هذه الحوادث المؤلمة مساهماتنا الإنسانية وتضعها في أيدي شباب في مقتبل العمر يفني نفسه ويزهق أرواح الآخرين في حوادث عبثية لن تحل مشاكلنا ولن تحقق لنا العزة؟ لعلي أزعم أنه من المؤكد أن أكثر الأسباب اتصالاً في واقعنا السلبي هذا، هو التعليم ووسائله وطرقه وأساليبه... فهو السبب في رأيي، وهو العلة... وهو كذلك الحل والعلاج.

فها هي الدول الآسيوية تفيق من عثرتها وتنطلق من عزلتها وتغزو العالم دون ضجيج بعد مراجعة مناهج تعليم أبنائها، وها هو الغرب تتسابق دوله في تبني ثورات متتالية في نظمه التعليمية حتى هيمن على مقاليد التقدم في شتى المجالات... وكذلك نحن فلن يكون لمجتمعاتنا العربية والمسلمة من أمل لتنهض من كبوتها وأن تحصن شبابها إلا بمراجعة واقعنا التعليمي المتخلف، ولن يكون لنا مستقبل إلا بتبني توجه حقيقي وليس شكليا لتطوير مناهجنا وأساليب تعليمنا... وحتى ذلك الوقت الذي نواجه فيه واقعنا التعليمي بشجاعة ستظل أخبار تفجير قنابلنا البشرية في أميركا وانكلترا وأفغانستان والعراق تتصدر نشرات الأخبار العالمية من دون أن تحقق أي نتيجة إيجابية في سجلنا الإنساني المظلم، ولعل المسؤولين في دولنا يعون ذلك ويحرصون على معالجته حتى نحفظ شبابنا ومجتمعاتنا، وحتى يكون لنا أمل أن نعيش بسلام بين الأمم.

back to top