الاسكندرية تحتفل بـ 100 سنة من السينما المصرية
5 نوفمبر 1896. منذ ذلك التاريخ قدمت السينما المصرية ما يربو على ثلاثة آلاف فيلم تمثل في مجموعها ثروة السينما العربية. فيومذاك عرض أول فيلم صامت للأخوين لوميير في «بورصة طوسون» وسط مدينة الإسكندرية. حضره عدد من الأجانب المقيمين في المدينة.
احتفاءً بمرور مائة عام على نشأة السينما في الإسكندرية على يد عزيز ودوريس، يقيم مركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط التابع لمكتبة الإسكندرية احتفالية كبرى في 31 من تموز/يوليو الجاري، تفتتح الإحتفالية بمعرض «سينما الإسكندرية» ويضم مجموعة نادرة من «أفيشات» (ملصقات) أولى الأفلام المصرية، ويوزع كاتالوغ عنوانه «ميلاد الفن السابع في الاسكندرية» ويصدر كتاب «الشخصية الاسكندرية في السينما المصرية» لسامي حلمي الذي نال منحة تفرغ من وزارة الثقافة المصرية عام 2006 لإنجاز الكتاب. كما تكرم المكتبة عدداً من رواد السينما واعلامها في مقدمهم المخرج العالمي يوسف شاهين والنجم العالمي عمر الشريف والمخرج القدير توفيق صالح، فضلاً عن النجوم أسماء البكري ومحمود عبد العزيز ومحمود قابيل وهند رستم. يتضمن كاتالوغ «ميلاد الفن السابع» قصة مئوية السينما المصرية في مدينة الاسكندرية مع عزيز ودوريس اللذين كانا يمتلكان محلاً للتصوير الفوتوغرافي في محطة الرمل. وتخصصا في تصوير نشاطات السلطان «عباس حلمي الثاني» وحاشيته والمناسبات الوطنية والاجتماعية والرياضية، فأضحيا نجمين في مجالهما. طورا أدواتهما من الصورة الفوتوغرافية الثابتة إلى الصورة المتحركة المعدّة للشاشة.نشاط سينمائي كبيرصنع عزيز ودوريس أول شريط سينمائي في مصر. كان ذلك في 1907 وكان عنوان الفيلم «زيارة جناب الباب العالي للمعهد العلمي بمسجد أبي العباس». في هذا الفيلم يظهر موكب الخديوي لدى بلوغه ساحة المسجد وتفقده المعهد العلمي فيه واستقبال الجماهير له عند الوصول ووداعهم له عند المغادرة. امتلك «عزيز ودوريس» ذكاء الصانع الماهر في هذا الشريط الخاص بمباهج المناسبة الدينية وعلاقة الحاكم بجماهير الشعب، ما ترك أثراً طيباً لدى المشاهد ومسّ مشاعره. خلال عشرينات القرن الفائت ظهر العديد من المبدعين وصناع السينما الذين قدموا نشاطاً ملموساً في استوديوات أنشأوها في المدينة (سيتشيا - ألفيزي - لاما - توجو). الى ذلك كانت هناك محاولات لأفراد في المضمار نفسه ما أدى إلى ازدياد صالات العرض السينمائي ولم تتوقف حركة الأفلام الوافدة من الخارج، لذا تطلَّب كل ذلك توافر منظومة إدارية واعية لتنظيم الحركة السينمائية، ما أسفر عن ظهور شركات إنتاج وتوزيع أجنبية ومصرية يمتلكها أفراد أو مجموعات تملك الأموال وخبرات السوق وتعمل في مجالات تجارية وصناعية متنوعة. بيد أنهم وجدوا في النشاط السينمائي المتزايد فرصة لأرباح إضافية، عدا البريق الذي يسم النشاط الجديد في أوساط المجتمع بجميع فئاته الاجتماعية. تخصص بعض هذه الشركات في توزيع أفلام لدول بعينها وبعضها الآخر لأكثر من دولة. من تلك الشركات فلاديمير اندرياس، رياما اليشنسكي، اندريه صليب ومنتخبات بهنا فيلم.الصحف والمجلات السينمائية في ظل النشاط السينمائي الكبير في المدينة تناول بعض صحفها هذا النشاط ومنها جريدة «لايفورم» الصادرة الفرنسية و»الأهرام» ومجلة «اللطائف» المصورة. ثم ظهرت على الساحة المجلات السينمائية المتخصصة كمجلة «سنجراف جورنال» ومجلة «سينما» بالفرنسية ومجلة «معرض السينما». القاسم المشترك لتلك الإصدارات كان رائد النقد السينمائي السيد حسن جمعة المقيم في الإسكندرية ويعمل في التدريس. أثارت الأنشطة السينمائية اهتمامه وتقرّب من العاملين في المهنة خاصة من الأخوين لاما. كما أنشأ السيد حسن جمعة نادياً للصور المتحركة عام 1923 بمشاركة بعض المهتمين وأبرزهم زكريا محمد عبده الذي عمل ايضاً في النقد السينمائي.المرحلة الصامتة1927 كانت البداية التاريخية الحقيقية للسينما المصرية مع إنتاج الفيلمين المشهورين «قبلة فى الصحراء» و»ليلى»، وهما من أبرز أفلام المرحلة الصامتة. في تلك الفترة عرض فيلم «زينب»، إخراج محمد كريم أحد رواد السينما المصرية . ارتبط تاريخ الفن السابع في مصر بمدينة الاسكندرية منذ العام 1896 وظلت هذه العلاقة وطيدة حتى 1939 لينتقل النشاط السينمائي بأكمله بعد ذلك من الإسكندرية إلى القاهرة. يعود سبب هذه النقلة إلى بداية الحرب العالمية الثانية واقتراب مناوشاتها من أطراف المدينة بين الألمان وجيوش المحور، ما دفع الأجانب المقيمين إلى الهرب إلى خارج البلاد واكتفى البعض بالهرب الى القاهرة. كانت بدايات الانشطة السينمائية في القاهرة مع إنشاء «استديو مصر» عام 1935 فشكل نقطة تحول في تاريخ السينما المصرية وشجع آخرين على اقتحام عالم السينما وأضحت القاهرة «هوليوود الشرق». كان فيلم «العزيمة» (انتاج 1939) محطة تاريخية مهمة كما ظهرت جريدة «مصر» السينمائية التي ما برحت تصدر حتى اليوم.قبيل الحرب العالمية الثانية تضاعف عدد الأفلام المصرية من 16 فيلماً عام 1944 إلى 67 فيلماً عام 1946. كانت جميع أوجه النشاط السينمائي في أيدي شركات القطاع الخاص فانتشر الفيلم المصري فى الدول العربية التي عرفت السينما واعتمدت عليه دور العرض في سوريا ولبنان والعراق وشرق الأردن وفلسطين والجزائر وتونس وليبيا وحتى الحبشة, بل وصلت الأفلام المصرية إلى الهند وباكستان واليونان وأميركا.لمع في تلك الفترة عدد من المخرجين أمثال صلاح أبو سيف وكامل التلمساني وعز الدين ذو الفقار, فضلاً عن أنور وجدي الذي قدم سلسلة من الأفلام الاستعراضية الناجحة، مما مهد الطريق لظهور نجوم جدد من أبرزهم اسماعيل ياسين والممثل الشعبي محمود شكوكو. كذلك ظهر المطربون الممثلون ومن أبرزهم الموسيقار محمد عبد الوهاب والعندليب عبد الحليم حافظ الذي راجت بصوته الأفلام الغنائية.سينما وطنيةكان لا بد للسينما من أن تتفاعل مع الحوادث الوطنية والاجتماعية التي قادتها الثورة فظهرت الأفلام الوطنية التي بدأت بفيلم أنتج قبل الثورة ولم يعرض إلا بعد قيامها عنوانه «مصطفى كامل»، ثم توالت الأفلام مثل «الله معنا» لأحمد بدرخان و»ردّ قلبي» لعز الدين ذو الفقار.فى الستينات تمّ تأميم صناعة السينما لمصلحة الحكومة وطال التأميم الشركات مثل شركة مصر للتمثيل والسينما وشركات التوزيع الكبرى مثل الشروق ودولار فيلم وبعض الاستوديوات الكبرى مثل مصر ونحاس والأهرام وجلال, لكن ظلّ بعض شركات الإنتاج والتوزيع والاستوديوات الصغيرة ملكاً خاصاً. ونتيجة دخول الدولة مجال السينما أنشئت المؤسسة المصرية العامة للسينما عام 1962. ويعتبر العام الجاري 2007، متمماً للمئوية فاقتنصت مكتبة الإسكندرية الفرصة للاحتفال بمسيرة الفن السابع في مصر وستعرض الأفلام المئة الأفضل منذ عام 1907 حتى 2007 وتم اختيارها من قِبل لجنة شكلتها إدارة مكتبة الإسكندرية برئاسة الأستاذ أحمد الحضري شيخ المؤرخين المصريين وعضوية الناقدين سمير فريد وكمال رمزي.