لا أكثر ولا أقل!!

نشر في 08-08-2007
آخر تحديث 08-08-2007 | 00:00
 صالح القلاب

لقد سيطرت حركة «حماس» على كل شيء في غزة، وهي تقوم بحملات تطهير وإلغاء للآخرين بما في ذلك حركة «الجهاد الإسلامي» نفسها، ولقد كانت فرحة حلف «فسطاط الممانعة والمقاومة» بهذا الانتصار عريضة عرض الأرض والسماء!!

كل هذه «الوساطات» بين حركتي «فتح» و«حماس» لن تكون أكثر من مجرد مضيعة للوقت وقفزات في الهواء.. فما حصل قد حصل عن سابق إصرار وتصميم، والانقلاب الدموي الذي شهدته مدينة غزة، قبل نحو شهرين إلا قليلا ، هو جزء من صراع إقليمي واضح المعالم مثله مثل «المذبحة الأهلية» في العراق ومواجهات صناديق الاقتراع في لبنان.

الذي فاز في انتخابات المتن ليس الجنرال ميشال عون ولا حزبه الذي يتغطى بالرايات البرتقالية اللون؛ إنه الحلف الإقليمي المعروف، الذي يشكل «حزب الله» وكيلاً له في لبنان، والذي فاز في انتخابات بيروت ليس مرشح تيار المستقبل، بل كل أولئك الذين يسعون إلى العودة إلى المعادلة اللبنانية السابقة قبل عهد «الأمن المستعار» وقبل أن يتحول «المال الحلال» إلى طغيان طائفي وسياسي من قبل جهة مدعومة بهذا المال الحلال ضد جهة كل ذنبها أنها ترفض الوصاية الشقيقة.

عندما تعلن «حماس» وتواصل الإعلان على ألسنة كل الملتحين من قادتها أنها تريد حواراً مع الذين انقلبت عليهم بلا أي شروط مسبقة، وعندما يعلن هؤلاء بدورهم أنه لا حوار مع «الانقلابيين» إلا بعد أن يتخلى هؤلاء الانقلابيون عن انقلابهم وبعد أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل منتصف يونيو الماضي، فإن هذا يعني أن هذا الحوار هو بمنزلة مطلب لـ«الطيبين» بعيد المنال، وأن «دوقيَّة» غزة ستبقى دوقية غزة، وأن دولة الضفة الغربية ستبقى دولة الضفة الغربية.

إن كل ما تشهده بؤر التوتر في هذه المنطقة من تفاعلات ليس مجرد نزوات ومجرد خلاف إخوة في الوطن إنه انعكاس للسائد في الإقليم كله، والسائد في الإقليم كله هو أن هناك دولة تريد استعادة ماضي ما قبل الإسلام بقوة السلاح، وأن هناك قوى تقاوم هذا التوجه، حتى وإن كان باسم الإسلام وباسم تحرير فلسطين.

بصراحة.. -والصراحة مطلوبة إن لم تكن في كل الأحيان ففي أغلبها على الأقل- إنه عندما يتفاوض الإيرانيون والأميركيون حول أوضاع العراق الملتهبة فإن هذا معناه أن الخلاف الإيراني– الأميركي بالنسبة إلى قضايا كثيرة لا تقف عند الملف النووي فقط، هو سبب كل هذا الصراع الوحشي في بلاد الرافدين وسبب كل هذه الدماء التي تسيل في كل يوم.

لقد سيطرت حركة «حماس» على كل شيء في غزة، وهي تقوم بحملات تطهير وإلغاء للآخرين بما في ذلك حركة «الجهاد الإسلامي» نفسها، ولقد كانت فرحة حلف «فسطاط الممانعة والمقاومة» بهذا الإنتصار!! بعرض الأرض والسماء، وهذا إن جرت ترجمته في ضوء ما يقال عن وساطات واعدة بين «الإخوة الأعداء» فإنه يعني أن كل هذه الوساطات مجرد علاقات عامة .. لا أكثر ولا أقل!!

هناك انقسام «شاقولي» في هذه المنطقة ليس منذ الآن، بل منذ فترة سابقة بعيدة ولذلك وإذا لم ينته هذا الانقسام، الذي له أبعاد تتجاوز هذا الإقليم، ويتم وضع حدٍ له فإن هذه الصراعات المستعرة في لبنان وفي فلسطين وفي العراق ستبقى متأججة ومتصاعدة، ولن ينفع معها لا سياسة تبويس اللحى ولا دعوات جامعة الدول العربية بقيادة الأخ العزيز «المتحمس دائماً» عمرو موسى!!

 

كاتب وسياسي أردني

back to top